"كورونا" حول الأزواج إلى "أسرى" والأولاد إلى "رهينة" انقلبت الدنيا رأسا على عقب فى غضون أيام بسبب انتشار فيروس كورونا بالعالم، وأصبح الجلوس فى المنزل واجبا على الجميع لتفادى الإصابة ومكافحة انتشار الفيروس، وما بين « ضل راجل ولا ضل حيطة» و«جنازة بتار ولا قعدة الراجل فى الدار» حكى لنا أزواج عن المشاكل الناتجة من الحجر الصحى بسبب «كورونا». تقول أسماء إحدى السيدات العاملات بشركة خاصة: «حصلت على إجازة بشكل جزئى، أما زوجى يعمل محاميا، منذ أن ألزمتنا الظروف بالجلوس فى المنزل وزوجى تحول إلى نجار والبيت ورشة نجارة صغيرة يجلس بالساعات الطويلة يخترع، وفى الأوقات الأخرى يجلس وبيده التليفون ليشاهد مقاطع الفيديو الخاصة بالنجارة، ولا يبالى بمن حوله ولا يتذكر أن له زوجة وأسرة لها حق عليه حتى لو بالحديث معهم لدقائق». وأضافت الزوجة: «أحاول أن أجد حلا لهذه الأزمة وأشغل وقتى بين المطبخ ومشاهدة الأفلام على الإنترنت لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فتحول زوجى من مخترع صغير إلى شيف عبقرى يشاهد أيضا فيديوهات خاصة بإنتاج الحلويات ويقوم بتطبيقها ليبعثر محتويات المطبخ بمعنى الكلمة ومن هنا تتولد بعض المشاكل ولا أستطيع السيطرة». فيما قالت مها أم لطفلين: «بحلول الأزمة وجلوسنا بالمنزل زوجى إما نائم أو ممسكا بالتليفون، ليخلق مشاكل من أى نوع»، مستشهدة بالمثل الشعبى « قعدة الدودة فى الغيط ولا قعدة الراجل فى البيت». وأضافت: «زوجى لا يعرف غير «الأنتخة» ويدخل الحمام ممسكا بالموبايل وممنوع منعا باتا ترك الريموت من يده أو يترك لى حرية مشاهدة أى قناة». وقالت شيماء ربة منزل وأم وزوجة لموظف: «زوجى منذ أن جلس بالمنزل وتحول إلى «شلش» صلاح ذو الفقار فى مسلسل عائلة شلش عندما أجبرته الظروف وكسر ساقه على الجلوس بالمنزل وأصبح يتشاجر مع زوجته بسبب الغبار المتواجد على المكتبة بالمنزل». وأضافت: «أحاول أن أجد بديلا وأحضر وجبات العشاء لأسرتى بشكل مميز لدرجة أن يوم أعددت العشاء وأشعلت شموعا معطرة لتغيير رائحة المنزل وحاولت أن أستمع إلى موسيقى هادئة لكن سرعان ما انقلب الأمر لأغانى مهرجانات بفعل أحد أبنائى». وتقول «نرمين»، ربة منزل: «جلوس الزوج فى الدار زى النار»، وبابتسامة أضافت: «افتكرت صورة على الفيس بوك مكتوب عليها قتلتى جوزك ليه؟، والرد: كنت بعقمه والنار شبطت فى السبرتو ، وهذا الهزار يعكس الحقيقة الخاصة بالمشاجرات والخلافات التى تنتج بسبب الجلوس فى البيت». وأضافت: «حاولت أن أجد حلا لهذه الأزمة بتحميل ألعاب جماعية من الإنترنت وخلق فرصة للمشاركة فى أمر ترفيهى لكسر الملل، لكن فى إحدى المرات تحول الأمر إلى شجار بسبب اللعبة». وعلى جانب آخر، يقول محمود أحد الأزواج أن الرجل المصرى لم يتعود على الجلوس بالمنزل فترة طويلة فهو ما بين العمل والقهوة والخروج مع أصدقائه والإنترنت وهكذا، لكن الجلوس بالمنزل فترة طويلة تحوله إلى شخص يحتاج إلى خروج طاقته فى أى شىء. وأضاف: «افتعلت خلافا مع زوجتى حول لون الباسكت الموجود فى قاعدة التليفزيون لأنه غيرلائق على الديكور ولابد من تغييره، وبعد دقائق وجدت نفسى أتساءل حول هذا الخلاف الساذج». وأوضح محمود ذات مرة أقنعت نفسى بمشاركة زوجتى فى طهى الطعام وبالفعل كان يوما مختلفا، وأولادنا كانوا سعداء بالأجواء، وفى يوم آخر مارست مع الأولاد بعض الألعاب الرياضية عبر الإنترنت لإخراج الطاقة السلبية التى تسبب فيها الجلوس بين الحوائط». ومن جانبه حكى لنا أيمن الدهشوى والذى يعمل بالمجال الإعلامى أنه لديه الحل السحرى لتفادى الخلاف عن طريق عمل الخير وبناء حوض مياه بالشارع الذى يسكن به لغسيل الأيدى للمارة، ويحتوى على منظفات ومواد مطهرة حتى يتمكن المارة من غسيل أيديهم لمواجهة فيروس كورونا». وأضاف: «قومنا بتنظيف المنزل وتعقيمه وغسلنا جميع الملابس للتبرع بها فور الانتهاء من أزمة الكورونا، فالشعور بمساعدة الآخرين وعمل الخير يترك أثرا إيجابيا لدى الإنسان ويرفع من روحه المعنوية». وعن قضايا الطلاق وتوقعات زيادتها من عدمه، توقع وليد عبدالمقصود محام متخصص بقضايا الأحوال الشخصية، زيادة معدلات قضايا الخلع والطلاق بعد فك الحظر للحجر الصحى، قائلا: لا أحد ينكر أن الحالة الاقتصادية سبب من أسباب زيادة نسبة الطلاق وأن الأعباء التى فرضت على كاهل الأسرة المصرية مستمرة خصوصا فى ظل الحجر الصحى وعدد كبير من قطاع الأعمال يتأثر ويؤثر بالطبع على الحالة النفسية لرب الأسرة والزوجة. وأضاف: «منذ بداية الحجر الصحى تلقيت 6 مكالمات من أزواج وزوجات يريدون الطلاق وإحدى الحالات كانت بسبب رفض الزوج شراء منظفات ومواد مطهرة للمنزل لمكافحة فيروس كورونا». واقترح «عبد المقصود» تدشين حملة إعلانية متمثلة فى المجلس القومى للمرأة ووزارة التضامن تحث المواطنين على الإيجابية وإظهار العاطفة تجاه الطرف الآخر فى محاولة لتقليل نسبة الطلاق بعد الحجر الصحى وعلى رب الأسرة أن يستغل الفرصة وأن يظهر معدنه بالوقوف بجوار أسرته التى أولى برعايته. وفى السياق ذاته، أوضحت سامية قدرى أستاذة قسم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن هذه الفترة تعد خطا فاصلا بين الترابط والتفكك الأسرى، فعلى الأب والأم أن يجدا فيها الفرصة الذهبية لكسر الروتين اليومى والعمل لخلق حياة أسرية ولم شملها بعد أن أجبرتنا الحياة ومشاغلها والتطورات التكنولوجية على البعد عنها، لافتة إلى أن الإنسان عندما يشعر بالخطر يكون أكثر هدوءا وحبا تجاه أسرته مع التصرف بالحكمة . وأوضحت «قدرى» أن دور المرأة المصرية كبير جداً فعليا وعليها أن تفعل كما فعلت أمهاتنا بأن ترعى بيتها ومنزلها وتهتم بزوجها وتذكره بالذكريات الجملية، كما على الأب دور لا يغفل، فعليه أن يقدر أنه رب الأسرة ويحمل مسئولية ويقدر أيضا مجهود الزوجة حتى يكسب حبها وودها بالإضافة لمشاركته فى تحفيز الأولاد خلال فترة الإجازة على القراءة والتطلع وتقسيم الوقت بين الثقافة والترفيه.