أكد أن رأس توت عنخ آمون لن يعود من لندن وسيباع فى مزاد مثل «سخم كا» "كنوز توت" تملأ قصر اللورد كانرفول.. والخوف من "بهدلة الحكومة" يجبر المواطنين على بيع الأثر قال الدكتور وسيم السيسى، الباحث فى علم المصريات، إن استعادة رأس تمثال توت عنخ آمون، التى تم عرضها بصالة مزادات كريستى فى لندن أمر مستبعد، وفى الغالب سيؤول مصيريها إلى مثل ما تم مع تمثال سخم كا الرائع، والذى بيع من قبل ب16 مليون جنيه إسترلينى. وأوضح «السيسى» فى تصريحات خاصة ل«الفجر»، أن مقبرة توت عنخ آمون نهبت وقت اكتشافها من قبل البعثة الأجنبية، التى كشفت عنها، برئاسة عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر عام 1922، كما تم تهريب الكثير من القطع الأثرية النادرة الخاصة بها إلى الخارج، وليس مستبعدا أن تكون تلك القطعة إحدى القطع التى هُربت فى ذلك الوقت. وتابع: هناك تصريح شهير لحفيد اللورد كانرفول، الذى كان مسئولًا عن تمويل بعثة هوارد كارتر التى كشفت عن المقبرة، بوجود غرفة فى قصر جده ظلت مغلقة لسنوات وغير مسموح بفتحها، وعندما توفى كانرفول فتحوا هذه الغرفة وفوجئوا بأنها تحوى الكثير من آثار الفرعون الذهبى توت عنخ آمون. وحتى قبل تصريحات حفيد كانرفول، ومنذ عهد اكتشاف المقبرة، رائحة السرقات منها كانت فائحة، لدرجة أن أمير الشعراء أحمد شوقى كتب وقتها رسالة، مخاطبًا فيها اللورد كانرفول: «لا تحزن لما يقوله الناس من أنكم سرقتوا توت عنخ آمون، فكلها أكاذيب ولكن يا سيدى من سرق الخليفة حيًا فليس بعيدًا أن يسرق الملوك المدفونين»، فى إشارة إلى واقعة اختطاف بريطانيا للخليفة وحيد الدين، أخر الخلفاء العثمانيين ونقله عبر باخرة إلى جزيرة مالطة عام 1922. واستطرد: نتيجة لرائحة السرقات الفائحة من المقبرة، أصدر مرقص باشا حنا، وزير الآثار وقتها، قرارًا بتشميع مقبرة توت عنخ آمون، ومنع دخول هوارد كارتر إليها مرة أخرى، ما جعل الأخير يتظلم إلى سعد باشا زغلول، الذى رفض كذلك السماح له بدخول المقبرة، فرفع دعوى قضائية عاجلة، ولكن حكم المحكمة جاء أيضًا ليمنعه من دخول المقبرة مرة أخرى، فلم يجد أمامه سوى القنصل البريطانى اللورد اللينبى، الذى أخبره أنه لن يتمكن من إدخاله للمقبرة مرة أخرى أيضًا. وعن رد فعله، أضاف «السيسى»: حاول كارتر التفاوض مع اللورد اللينبى، ولكن أمام إصراره على الرفض لم يجد الأول إلا تهديد الثاني: إن لم تسمحوا لى بدخول المقبرة فأحب أن أخبركم أننى عثرت داخل مقبرة توت على برديات تنفى ما جاء فى العهد القديم ونظرية الخروج، وتؤكد أن بنى إسرائيل لم يكونوا يومًا مواطنين مصريين، وإنما كانوا مجرد قبائل لاجئة لم يحبهم المصريون وطردوهم مع الهكسوس خارج البلاد. تهديد كارتر لاقى مخاوف اللورد اللينبى، الذى اشتبك معه فى البداية، وألقى عليه المحبرة التى أمامه حتى تدخل الأمن وفض الاشتباك، وانتهى اللقاء بأن فُتحت المقبرة فى اليوم التالى أمام هوارد كارتر وكان ذلك عام 1924، مشيرًا إلى أن كافة هذه المعلومات وردت فى كتاب «توت عنخ آمون.. مؤامرة الخروج» للكاتب أندرو كولنز، وهو الكتاب الذى صادرته المخابرات الأمريكية ومنعت تداوله. ونفى «السيسي» معرفته بمصدر ذلك التمثال المعروض للبيع بلندن: وزارة الآثار نفسها لا تعرف، وأرسلت إلى لندن للاستفسار عن مصدر حصول كريستيز عليها، وبالتالى فأى حديث عن مصدر هذه الرأس قبل أن تعلن كريستيز ما بحوزتها من مستندات هى أحاديث لا صحة لها ومشكوك فى مصداقيتها، مطالبًا الجميع بانتظار رد كريستيز وما ستعلنه وزارة الآثار من أنباء رسمية فى هذا الشأن. وأكد الباحث فى علم المصريات أن سلسلة تهريب الآثار المصرية وبيعها للخارج لن تتوقف إلا إذا تغيرت سياسة الحكومة فى التعامل مع من يعثر على الآثار، موضحا: السياسة الحالية بأن تهدم الحكومة أى منزل يعثر صاحبه أسفله على آثار وتمنعه حتى من الاقتراب منه تجعل المواطنين يخشون الإبلاغ عن العثور على قطع أثرية، ويلجأون لبيعها بطرق غير مشروعة، ولكن إذا وضعت الحكومة قانونا تمنح من خلاله مكافأة مجزية لكل من يعثر على قطعة آثار أسفل منزله وتضع اسمه أسفل قطعة الآثار، باعتباره هو من عثر عليها، فتؤرخ اسمه وتأمنه على بيته أو تعوضه عنه، فإن كل من سيعثر على قطعة أثرية سيتوجه إليها بدلًا من اللجوء لتجار الآثار. وتابع: «مخاوف الناس من البهدلة التى يتعرضون لها فى حالة العثور على قطع أثرية أسفل منازلهم تجعلهم يخشون الإبلاغ، وكثيرًا ما تلقيت اتصالات من مواطنين يسألوننى ماذا يفعلوا بما عثروا عليه من آثار ولمن يبيعونه، لأنهم يخشون إبلاغ الشرطة فيطردوا من بيتهم، فلا أجد ما أجيب به عليهم فأخبرهم أننى ما ليش فى الكلام ده ودى مش سكتى وأقفل الخط». واعتبر السيسى رأس توت عنخ آمون المعروضة حاليًا للبيع ليست أول قطعة أثرية سُرقت وهُربت من مصر، من ممتلكات الفرعون الذهبى، أو من الآثار المصرية بصفة عامة، وهناك كتاب «الآثار المسروقة»، يضم قائمة ضخمة بالآثار المصرية التى سُرقت وهُربت للخارج، ومن المتوقع أن تعرض قطع أخرى فى أى وقت فى أحد المزادات فى المستقبل.