من يريد أن يتعلّم الإخفاق في معالجة أزمة عملات، عليه -برأي ديزموند لاشمان، كاتب رأي لدى موقع "ذا هيل" الأمريكي- متابعة سوء إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأزمة الليرة التركية. وبرأي لاشمان، يزيد هذا النوع من سوء الإدارة احتمال أن تتخلف تركيا عن سداد ديونها الخارجية الهائلة. وهذا بدوره قد لا يبشر بخير بشأن آفاق اقتصادات أسواق ناشئة فضلاً عن مصارف أوروبية – وخاصة إسبانية- معرضة لأزمة ديون تركية كبيرة. وحسب كاتب المقال، لا شك في أن تركيا تواجه أزمة عملة مفزعة. وذلك، في الواقع، ما يجعل أداء عملة هذا البلد تعد الأسوأ في العالم، بعد الأرجنتين. وبعد هبوط قيمة الليرة التركية بنسبة حوالي 30% في 2018، فقدت أيضاً 14% من قيمتها في عام 2019، دون وجود أية مؤشرات على استقرارها. فقدان ثقة ويلفت الكاتب إلى أن السبب الرئيسي لتراجع قيمة الليرة، يعود إلى فقدان ثقة المستثمرين الأتراك والأجانب في قدرة الحكومة التركية واستعدادها لتصحيح اختلالات اقتصادية كبيرة، تراكمت عبر سنين نتيجة سياسات نقدية ومالية منتفعة للغاية. وفي هذا السياق، لم يساهم في تعزيز ثقة المستثمر ارتفاع نسبة التضخم إلى 20%، أو بأعلى من أربعة أضعاف هدف التضخم الرسمي الذي وضعه المصرف التركي المركزي. ولم يساعد أيضاً في تعزيز الثقة استناد الرئيس التركي، أردوغان، بقوة على البنك المركزي، كي يمتنع عن رفع أسعار الفائدة لأجل وقف هبوط العملة، وللحد من التضخم. وما يدعو للأسف، حسب كاتب المقال، لجأ أردوغان لعدة طرق أخرى يبدو أنها قوضت الثقة في الليرة التركية. ومن بين تلك الوسائل تسريحه عدداً من المسؤولين الاقتصاديين الأكفاء، واختياره لإدارة الاقتصاد رجالاً لا يرفضون له طلباً، كتعيين صهره وزيراً للمالية. إبطال انتخابات اسطنبول وما يزيد الطين بلة، برأي كاتب المقال، أبطل أردوغان نتائج الانتخابات المحلية في اسطنبول، وعمل على توتير العلاقات التركية مع الولاياتالمتحدة، بسبب تعاونه الوثيق مع روسيا في مسائل عسكرية. وما يزيد خطورة أزمة العملة التركية على صحة الاقتصاد، ارتفاع معدل الديون الخارجية القصيرة الأجل، وحقيقة أن قطاع الشركات اقترض بشكل مفرط بالدولار الأمريكي. إلى ذلك، تشير تقديرات إلى أنه، خلال العام المقبل، يستحق على تركيا تسديد ديون خارجية بقيمة 180 مليار دولار في وقت تضاءلت احتياطاتها الدولية إلى ما يعادل تقريباً تكاليف الواردات في ثلاثة أشهر. وحسب كاتب المقال، ما يدعو للأسف عدم إبداء الرئيس التركي أردوغان أي مؤشر للحاجة الملحة لمعالجة أزمة الليرة. وما يفاقم حالة عدم اليقين السياسي، فرض أردوغان إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول. وهذا بدوره يعرض العملة التركية لجولة مفزعة أخرى. ومن شأن عملة ضعيفة أن تقود إلى إفلاس شركات ما يقوض ثقة المستثمرين، ويقود بالتالي لضعف إضافي في قيمة العملة. وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من حالة عدم استقرار السياسي، بما يمثل عاملاً آخر يساهم في ضعف العملة، واستنزاف ثقة المستثمرين. إجراء جذري ويأمل الكاتب أن يدرك الرئيس التركي هذه الحالة على الفور، لأنه ما أن تفقد ثقة المستثمرين يصبح من الصعب استعادتها. وقد يتطلب منه اتخاذ إجراء جذري، كطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، أو إقالة وزير ماليته كي يثبت أنه أصبح جاداً بشأن وقف دوامة الهبوط الاقتصادي. وإذا فشل أردوغان في ذلك، يفترض، حسب الكاتب، باقتصادات أسواق ناشئة والنظام المصرفي الإسباني الاستعداد لمواجهة صدمات اقتصادية ناشئة عن عجز في سداد الديون التركية.