"حبيبي يسعد أوقاته، وأهل الهوى، والأوله في الغرام، وعن العشاق، وقوللي ولا تخبيش، وغني لي شوي، والأمل، والورد جميل، وهوه صحيح الهوى غلاب، وحلم، وأنا في انتظارك، والآهات"، هذا بعض الأغاني التي لحنها الشيخ زكريا أحمد لأم كلثوم، الذي بدأ تعاونه الفنى معها في 1931، ولحن لها في البداية تسعة أدوار، إلى أن وقع خلاف بينهما في 1947، واستمر حتى 1960، ثم عاد ولحن لها آخر روائعه وهى أغنية "هو صحيح الهوى غلاب"، وتوفي بعدها بعام واحد تحديدًا في 14 فبراير 1961. ولد زكريا أحمد، "شيخ الملحنين"، في 6 يناير 1896 لأب حافظ للقرآن، وهاوٍ لسماع التواشيح، ثم التحق زكريا بالكتاب ثم بالأزهر، وذاع صيته بين زملائه كقارئ ومنشد متميز ثم درس الموسيقى على يد الشيخ درويش الحريرى، الذي ألحقه ببطانة إمام ورائد الإنشاد والتلاوة الشيخ على محمود. كما درس على يد الشيخ المسلوب وإبراهيم القبانى، وفي 1919 بدأ رحلته كملحن بعدما قدمه الشيخان على محمود والحريرى لإحدى شركات الأسطوانات. ولم تكن العلاقة بينه وبين أم كلثوم جيدة ومتناغمة مثل أغانيهما طوال الوقت، لكنها مرت بخلافات في بعض الأوقات انتهى أحدها في ساحات المحاكم، حيث وقعت أزمة بينهما على الحقوق المادية والأدبية لإذاعة الأغنيات التي تشاركا فيها، وظل الخلاف قائمًا لمدة 13 عامًا. وفي ذكرى ميلاده، التي توافق 6 يناير، نرصد تفاصيل الخلاف بينهما والذي بدأ عام 1947، عندما اكتشف زكريا أحمد أن أم كلثوم تتقاضي عن كل أغنية لها تتم إذاعتها في الإذاعة المصرية مبالغ مالية ضخمة كحقوق ملكية وأداء علني لتلك الأغاني، طالب وقتها زكريا أم كلثوم بنسبة محددة له لم تكن تتجاوز 5% مما تتقاضاه، لكن الطلب لم يلق قبولاً منها، ولا من الإذاعة المصرية التي أخبرته ان أم كلثوم ادعت أن لديها ما يثبت تنازله لها عن حقوقه في الألحان، مقابل تقاضيه كامل أجره، وهو ما نفاه زكريا، وبدأ يسلك طريق المحاكم. وفي آخر جلسات القضية، عام 1960، والتي شهدت حضور كبير من محبي الطرفين، تفاجأ الحضور بالقاضي الذي نحى أوراق القضية جانبًا، وظل لمدة ساعتين يحاول إقناع الطرفين بالتصالح، مؤكدًا لهما على أن المجتمع العربي يتمنى سماع أم كلثوم تتغنى بألحان زكريا أحمد مرة أخرى، حتى اقتنع زكريا وقال: "إن أم كلثوم هي سيدة مطربات الشرق، وإنه إنما يخدم الفن في صوتها"، واتفقا الاثنان وقتها بحضور مدير الإذاعة المصرية، أن يعود زكريا للتعاون مع أم كلثوم من خلال ثلاثة ألحان يقدمها لها خلال عام، وأن يتقاضى في كل لحن منها 700 جنيه، وبالفعل قدما أغنية "هو صحيح الهوى غلاب" لكنه توفى بعد أقل من شهرين من الأغنية.