ضبط شخص يحاول شراء أصوات الناخبين بكوبونات غذائية في أول طنطا    ضبط شخص فى طنطا يوزع كوبونات سلع غذائية وكروت دعائية لمرشح على الناخبين    مصر للسلام لحقوق الإنسان: الجماعة الإرهابية تعادى كل من تصدى لأعمالها التخريبية    مراسل إكسترا نيوز من الغربية: انتظام ماراثون انتخابات مجلس النواب وسط إشادة دولية    البورصة تختتتم تعاملات منتصف الأسبوع بتباين جماعي للمؤشرات    الخارجية السودانية: منفتحون على جميع المبادرات الهادفة لإنهاء الحرب    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    إنريكى: مواجهة توتنهام تحدى خاص وصعب.. وهدفنا تقديم مباراة قوية    مجموعة مصر، الكويت تتقدم على موريتانيا بثنائية في الشوط الأول لملحق كأس العرب    الأهلي يختتم تدريباته بالقاهرة قبل رحلة المغرب لمواجهة الجيش الملكي    استمرار حبس رمضان صبحي وتأجيل محاكمته في قضية التزوير إلى 30 ديسمبر    تشكيل بيراميدز في لقاء المقاولون العرب    تأجيل محاكمة رمضان صبحي و3 آخرين بتهمة التزوير واستمرار حبسهم لجلسة 30 ديسمبر    ضبط سيدة ونجلها بتهمة سرقة منزل فى القليوبية.. فيديو    اليوم.. افتتاح الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    الهيئة الوطنية للإعلام تصدر تعيينات جديدة بالتليفزيون والقنوات الإقليمية    تامر هجرس يشارك فى فيلم عيلة دياب ع الباب بطولة محمد سعد    دراسة أمريكة تحذر: الإفراط في مشاهدة تيك توك وإنستجرام يسبب تعفن الدماغ    الداخلية السورية: لا يمكن التعامل مع مطالب السوريين عن طريق سيناريوهات الفوضى    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع شركة الهندسة البحرية الصينية (CHEC) في مشروعات الموانئ والبنية التحتية    إضراب جزئي لعمال "الغاز الطبيعي الحديثة" بقنا للمطالبة بالتثبيت والحد الأدنى للأجور    الوطنية للانتخابات: استبعاد أي تعطّل مع الساعات الأولى لليوم الثاني من الاقتراع    مرور مصر يعلن أرقام الطوارئ للتعامل مع أعطال وحوادث الأمطار خلال الساعات المقبلة    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    وزير الثقافة يصل أسيوط لتفقد بعض المواقع الثقافية.. فيديو    بالصور.. "دافنينه سوا" أول بطولة درامية لمروان فارس ومصطفى ليشع    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يحدد الموعد النهائي لإرسال قوائم أمم إفريقيا    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    العنف الرقمي ضد النساء.. إرهاب صامت يهدد الملايين    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    "القومي للمرأة" يطلق غرفة عمليات متابعة سير العملية الانتخابية    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    وزير الاتصالات يبحث مع وزير التنمية الرقمية والنقل الأذربيجانى تعزيز التعاون    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    رومانيا تنشر طائرات مقاتلة بعد اختراق مسيرتين مجالها الجوي    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    وكيلهما: الجزار كان قريبا من الأهلي.. وتوروب لم يطلب رحيل أحمد رضا    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعلك ترضى
نشر في الفجر يوم 01 - 10 - 2018

من الآيات الإرشادية، الآمرة بالصبر على مشاق الدعوة إلى الله، والداعية إلى تسبيح الله في كل آنٍ وعلى كل حال؛ لينال العبد رضى الله في الدنيا والآخرة قوله تعالى: {فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى} (طه:130).
ذكر المفسرون في التسبيح المأمور به في الآية هنا وجهين:
الأول- أنه التنزيه. والمعنى: ونزه ربك عن الشرك وسائر ما يضيفون إليه من النقائص، حامداً له على ما ميزك بالهدى، معترفاً بأنه المولى للنعم كلها. قال الرازي: "وهذا القول أقرب إلى الظاهر؛ لأنه تعالى صبره أولاً على ما يقولون من تكذيبه، ومن إظهار الشرك والكفر، والذي يليق بذلك أن يأمر بتنزيهه تعالى عن قولهم، حتى يكون دائماً مُظْهِراً لذلك، وداعياً إليه؛ فلذلك قال ما يجمع كل الأوقات".
الثاني- أنه الصلاة، وهو الأقرب لآية {واستعينوا بالصبر والصلاة} (البقرة:45)، قال ابن عاشور: "أمره بأن يُقبل على مزاولة تزكية نفسه وتزكية أهله بالصلاة، والإعراض عما متَّع الله الكفار برفاهية العيش، ووعده بأن العاقبة للمتقين. فالتسبيح هنا مستعمل في الصلاة؛ لاشتمالها على تسبيح الله وتنزيهه". والمعنى على هذا: صلِّ وأنت حامد لربك على هدايته وتوفيقه، قبل طلوع الشمس، يعني صلاة الفجر. وقبل غروبها، يعني صلاة الظهر والعصر، لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار، بين زوال الشمس وغروبها، ومن آناء الليل فسبح أي من ساعاته -وهو جمع إِني، بكسر الهمزة، وسكون النون- يعني المغرب والعشاء. وتخصيص هذه الأوقات للإشارة إلى الدوام على التسبيح، مع أن لبعض الأوقات مزية يفضل بها غيرها.
والمهم في هذه الآية الكريمة ما أشارت إليه من العلاقة بين التسبيح والرضا {وسبح بحمد ربك...لعلك ترضى} وهذا كقوله تعالى: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} (الحجر:98). فقد أرشدت هذه الآية إلى الدواء الذي يُسْتشفى به من ضيق الصدر، فكم في الدنيا من صدور أضنتها الأحزان! وكم في الدنيا من وجوه ذوت بما تخفي من أوجاع نفسية! فجعلت الآية التسبيح ترياقاً تستطب به النفوس، وتُداوى به الغموم، وتثلج به الصدور.
والملفت للانتباه في هذا السياق، أن القرآن الكريم أخبرنا أننا نعيش في عالم يعج بالتسبيح من حولنا؛ فالرعد يُسبح: {ويسبح الرعد بحمده} (الرعد:13) والجبال والطير تُسبح: {وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير} (الأنبياء:79) والكائنات بأجمعها تُسبح لله، بما فيها السماوات نفسها، والأرض نفسها، وما فيهما من مخلوقات، كلها تُسبح لله، وكلها تُسبح بلغة لا نفهمها: {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} (الإسراء:44). بل إن القرآن يخبرنا بأن لكل كائن من هذه الكائنات مسلك خاص في تسبيح الله، يقول تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} (النور:41) والصحيح من أقوال أهل العلم أن تسبيح هذه الكائنات تسبيح حقيقي، حتى إنه في بعض الأحوال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعون هذا التسبيح، فقد روى البخاري في "صحيحه" عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: (ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل).
وإذا كان تسبيح الطعام الذي سمعه الصحابة رضي الله عنهم هو حالة خاصة وفي زمن خاص، فإن الله سبحانه قد أخبرنا عن تسبيح جميع الكائنات في نظامها العام، وأنه تسبيح بلغة خاصة، كما قال سبحانه: {ولكن لا تفقهون تسبيحهم} (الإسراء:44).
وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذه الحالة الخاصة الاستثنائية في فهم لغة المخلوقات، فقال: "بل هو سبحانه وتعالى ينطق الجماد بأصوات يفهمها من يفهمها من الآدميين، كما قال تعالى عن داود عليه السلام: {يا جبال أوبي معه والطير} (سبأ:10) وقال تعالى: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} (ص:18) والحصى قد سبح في كف النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن مسعود: (كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل) وكان أبو الدرداء، وسلمان الفارسي يسمعان تسبيح القِدْر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم حجراً بمكة، كان يسلم علي قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن) رواه مسلم، وهذا باب واسع".
فإذا استشعر المؤمن الذي يتعامل مع أخبار القرآن كأنما يشاهدها رأي العين، إذا استشعر هذا المشهد، وأخذ يُجيل عينه في الكون من حوله، فيقلب وجهه في السماء، وينظر في فجاج الأرض، ويمسك الأشجار بيديه، ويتأمل الطير فوقه، وهن صافات ويقبضن، ويستحضر تلك الكائنات المدهشة التي تعيش قيعان المحيطات، ثم يستعيد كلام الله عن أن هذه الكائنات كلها تُسبح لله، كل قد علم صلاته وتسبيحه، ولكن لا نفقه تسبيحهم، فإنه لا يكاد يطيق المهابة والإحساس بالعظمة الإلهية التي تتوارد على قلبه، وتكاد تعتقل لسانه.
فإذا جمع المؤمن في قلبه هذا المشهد السابق في تسبيح الكائنات لله، ثم أضاف إليه أن الله استفتح بالتسبيح سبع سور من القرآن. وإذا أضاف المؤمن إلى ذلك أن الصلاة التي هي أعظم شعائر الإسلام، جعل الله في ركوعها وسجودها التسبيح. وإذا أضاف المؤمن إلى ذلك تسابيح الأنبياء، كقول موسى عليه السلام في بيان وظيفة نبوته: {واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا} (طه:29-34) فطلب موسى مساعداً له في رسالته، وجعل وظيفة هذه الرسالة أن يسبحا لله كثيراً، ويذكراه كثيراً.
ويونس عليه السلام فزع إلى التسبيح في أحلك الظروف: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} (الأنبياء:87) وبيَّن سبحانه أن تسبيح يونس عليه السلام هو الذي كان سبباً في نجاته من بطن الحوت: {فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} (الصافات:143-144).
وذكر لنا القرآن أن الملائكة لا تفتر عن التسبيح، قال عز شأنه: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} (الأنبياء:20) وقول الله عز وجل: {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم} (الزمر:75) وقوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم} (غافر:7).
بل أخبرنا الله على لهج ألسنة أهل الجنة السعداء بالتسبيح، قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم * دعواهم فيها سبحانك اللهم} (يونس:9-10). فإذا ضم المتأمل هذه الشواهد، ورأى كيف أن الرعد والجبال والسموات والأرض والكائنات كلها تسبح لله، وأن الله استفتح سبع سور بالتسبيح، وأن الله جعل الركوع والسجود، وهما من أهم أركان الصلاة تسبيحاً، ومنزلة التسبيح في أخبار الأنبياء، واتصال الملائكة بالتسبيح، وتسبيح أهل الجنة، إذا ضم هذه الشواهد كلها بعضها إلى بعض، تغيرت نظرته جذريًّا إلى مفهوم التسبيح، وأدرك أن للتسبيح منزلة عند الله تفوق المنزلة التي نتصورها عادة، وأن ثمة علاقة قوية، ورابطة متينة بين التسبيح والرضى النفسي، فكل مسبح لله دائم التسبيح له سبحانه يهنأ بعيشة راضية في الدنيا، ثم هو يوم القيامة يكون من المرضين عنده سبحانه.
والمؤمن الحق حين يتأمل مثل هذه المنزلة للتسبيح يدركه الألم على فوات كثير من لحظات العمر عبثاً دون استثمارها بالتسبيح، وأي شيء أجمل من قضاء دقائق الانتظار لتحصيل بعض مهام الدنيا، واستغلال أوقات ازدحام السير في الطرقات، واستثمار لحظات الصمت، في تسبيح الله سبحانه.
وكم نحن مغبونون في أيام وليال وسنين ذهبت سدىً من غير أن نعمرها بالتسبيح؛ تلك الأوقات من أعمارنا أُعطيت لنا ليختبرنا الله، ماذا نحن عاملون فيها، وقد مضت الآن، ولن تعود أبداً! إنها ذهبت مسرعة لاهثة لتعلن في كل دقيقة كمية من أعمارنا سُحبت منا، فهل سجلنا في تلك الأوقات التي انسلخت من أعمارنا تسبيحاً لله، أو كانت مستغرقة في عمل صالح، أم أمضيناها في الثرثرة وفضول الكلام، وفضول السماع، وفضول مشاهدة الفضائيات و(اليوتيوبات)، وفضول تصفح وسائل (التقاطع) الاجتماعي. وهل سنضيع ما بقي من أعمارنا من غير أن نُعمر تلك الأعمار بالتسبيح وبالأعمال التي تقربنا إلى الله سبحانه، وتدخل على صدورنا الرضا والسرور. فالله المستعان وعليه التكلان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.