تحلّ اليوم الذكرى ال 13 لرحيل أسطورة السينما المصرية أحمد زكي، الذي ترك رصيدًا كبيرًا من الفن والإبداع والسيرة الطيبة في عالم الفن السابع وحينما قدّم أعمالًا للتلفزيون كانت بحجم السينما أيضًا فمن ينسى مسلسل "الأيام" أو حلقات "هو وهي"، فهو عالم من الأسرار والحضور رغم الغياب، وترصد "الفجر الفني" بعضًا من هذه الأسرار في حياة "النمر الأسود" الذي وقف وعاش "ضدْ الحكومة". هناك قصة شهيرة بين المخرجة إيناس الدغيدي، وأحمد زكي، لم تُحكىَ من قبل، وهي خناقة شهيرة بينهما في فيلم "إمرأة واحدة لا تكفي"، وظلت الدغيدي لمدة 15 يوم لا تتحدث معه أو تكلمه وكانت تطلب من المساعدين لها توجيهه وهذا الموقف كان يضايقه بشدة، وذلك بسبب خلاف في وجهة نظر إخراجية بينه وبين المخرج المنفذ فانحازت الدغيدي، لوجهة نظر المخرج المنفذ فغضب زكي، من الدغيدي جدًا وبعد فترة إقتنع بوجهة نظرها وقام بحركة لن تنساها الدغيدي حيث رفع زكي "الشبشب"، الذي كان يلبسه في قدمه وضرب نفسه به وإعتذر لها كثيرًا ونادى على طاقم الفيلم وقال لهم "أنا غلطت في حق الست دي ولولا إني مقتنع بها كمخرجة مكنتش إشتغلت معاها"، فظلت الدغيدي تبكي، وعادوا بعدها كما لو كانوا أصدقاء منذ زمن بعيد، وهذا ينم عن أنه رجل إنسان بمعنى الكلمة كبير إنسانيًا وفنيًا. وقالت الدغيدي: "أحمد زكي كان يعيش كفنان من أجل الفن فقط لم يتقرب يومًا من السُلطة وذات مرة قابلت أسامة الباز، وسألته "إنتوا ليه مش بتعزموا أحمد زكي وبتعزموا عادل إمام وكل الفنانيين تقريبًا فقال لي: مين قال كده إحنا بنعزمه بس هو مبيجيش". وأكدت على بساطته بموقف قالت فيه: "حينما اشترى شقة في المهندسين بشارع جزيرة العرب طلب مني مساعدته في ديكور المنزل وبالفعل رشحت له صديقتي وحينما أصبح جارًا لي أصبح أكثر قربًا لدرجة أنه كان يأتي بلا مواعيد وأحيانًا كثيرة كنت أتركه مع زوجي السابق وأذهب لقضاء بعض أعمالي الخاصة ورغم أن زوجي كان طبيبًا وأحمد زكي، كان فنانًا ولكن ربطتهما صداقة قوية فهو من أصحاب الدم الخفيف الذي لا تمل من الجلوس معه، وهناك موقف رجولي لن أنساه حينما سأله ضابط قائلًا: "هو فعلًا إيناس الدغيدي شاذة جنسيًا أنا سمعت عنها الكلام ده"، فنظر إليه بغضب وقال: "وأنا سمعت كمان إنك شاذ هو ده صحيح؟" وجاء وحكى الموقف الذي لا يخرج إلا من رجل محب لأصدقائه وكان وقتها يستطيع أن يرد بشيء آخر ولكنه أصرّ على الرد العنيف كي يمنعه من مواصلة الكلام لأن هذه الشائعة انتشرت بشدة. ومن المعروف أن صديقته عفاف شعيب، كانت من أعزْ صديقاته في المعهد العالي للفنون المسرحية وكانت كواليس الزمالة والدراسة جيدة، وخلال هذه الفترة خطب زكي، زميلة دراسته وهي "سعاد حسين" التي لم تعمل في الفن بعد تخرجها ولكن بعد التخرج إنفصلا في هدوء نظرًا لظروفه المادية الصعبة وكانت عفاف شعيب، شاهدة على تلك القصة التي لم تكتمل بسبب الظروف الإقتصادية، وحينما تزوجت شعيب من المنتج الكبير نبيل العريان، كان زكي، الوحيد الذي يستطيع زيارتها في بيتها دون إستئذان لأنه كان على خلق وبار وكريم وعشري، وفي إحدى الزيارات التي كانت بعد وفاة زوجته هالة فؤاد، بسنوات طويلة قال لها "أنا عايز أتجوز"، وحاولت شعيب مساعدته بعد أن ترك شقته فرشحت له فتاة خريجة الجامعة الأمريكية وكانت صديقتها ولم تخبرها بشيء وطلبت منها أن تشرب معها فنجان شاي في البيت وطلبت من أحمد زكي، أن يأتي ليراها وظلت الفتاة ساعات ولكنه لم يأتي فغضبت منه عفاف وأحرجها فقررت عدم مساعدته من جديد في الزواج حيث قال لها: "أنا مش بتاع جواز". ورشح العريان، زكي، لدور صغير في مسلسل من إنتاجه فأخذه من باب المجاملة وتم تصوير المسلسل في أوروبا وقالت شعيب، لزوجها وقتها "إستنى عليه كام سنة إنت اللي هتجري وراه وهذا ما حدث وأنتج له فيلم "الإمبراطور"، وكانت هناك مشاكل بين شعيب، والعريان، فاعتذر أحمد زكي عن الدور وقال للعريان متهجمًا على مكتبه أنت مزعل عفاف ليه دي أختي، ورفض العمل وبعدها طلب العريان من شعيب التوسط لدى أحمد زكي، كي يقبل الفيلم لأنه لن ينتجه إلا به خاصة أنه كان أول أفلام من إخراج إبنة طارق فوافق أحمد ونجح اللفيلم وقت عرضه. وكان أحمد زكي، قريبًا من الفنانة الكبيرة يسرا، وقالت له، لا أنسى مواقف عماد الدين أديب، معه بصراحة فكان أكثر من أخْ خاصة في فترة مرضه وتواجده في المستشفى ولم يتركه لحظة وفي الغُسل أحضر له ماء زمزم وكانت يسرا، عائدة من العمرة وأحضرت له من هناك مسك أبيض، وأكدت أنهما كانا يسيران سويًا على الأقدام ويذهبوا ل صلاح جاهين، وأشارت إلى أنها وافقت على الظهور في مشهد واحد بفيلم "معالي الوزير"، لأنها تعاملت بمقولة صلاح جاهين بأن الكبير يكبر عندما يكون مع الكبار. وقال طبيبه الخاص المعالج وهو د. عوض تاج الدين، وزير الصحة تعرفت على أحمد زكي، حينما أصابه مرض السرطان ودخل على إثره المستشفى وكنت قريبًا له ومتابع لحالته وكان هناك إهتمام مصري وعربي بحالته ونصحت المقربين منه بعدم الحاجة إلى الفريق الطبي الصيني، لأنه سيعيش عامًا وسيموت وهذا ما حدث حيث فشلت كل المحاولات لأن المضاعفات كانت أقوى، وحينما سألني الإعلامي عماد أديب، عن حالته قلت إنه كان ينوي إنتاج فيلمه "حليم"، رغم مرضه ولكن ساءت حالته ولم يستكمل العمل. أما طبيبه الخاص حسن البنا، سرد بعض الذكريات منها قراءته لعدد من السيناريوهات السينمائية معه وتوطدت علاقته به من خلال صديق مشترك هو الراحل ممدوح وافي، حيث إستضافهم سويًا في منزله وجلسوا وتحدثوا في الفن والطب ومنذ ذلك الوقت صاوروا مقربين وشهد البنا العديد من كواليس أعماله وإختياراته منها فيلم "السادات"، الذي تم تجميعه من حوالي سبع سيناريوهات كتبه علي بدرخان، ورفض وقتها أن يخرجه معللًا هذا بأنه ناصري فذهب زكي، إلى صديقه محمد خان، وقال لي أكتب إسمك على الفيلم فرفضت وقلت أكتب أنت معالجة سينمائية لأنك تعبت في تحول سبع سيناريوهات إلى سيناريو واحد فسمع كلامي ورفضت وضع إسمي لأنني صديقه، وفي فيلم "معالي الوزير"، إعتذر أحمد زكي عن تقديم الفيلم حوالي 4 مرات وذهب وحيد به إلى محمود عبدالعزيز، ثم عاد به مرة أخرى بعد أن أجرى تعديلات على السيناريو وفي النهائية وافق زكي على تقديم الفيلم.