فى واقعة مثيرة للدهشة أقدمت وزارة الآثار على تقطيع الأشجار النادرة بقصر محمد على بشبرا وعرض أخشابها للبيع فى مزاد علنى انتهى ببيع الكيلو الواحد ب 35 قرشا فقط. وحصلت «الفجر» على مستندات بيع أشجار القصر المستند الأول منها عبارة عن مذكرة إلى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية تخبر المسئول أنه تم تقليم الأشجار الموجودة بحديقة القصر وتطالبه بتكليف أحد مندوبى القطاع ومسئول قسم المشتريات بالدعوة إلى مزاد بالموقع لبيع الكميات الهائلة من الأخشاب والتى خرجت من عملية التقليم والمقدرة ب400 طن على أن يتم رفعها من الموقع فى موعد أقصاه 30 يوماً من إجراء المزاد. مصادر أثرية قالت إن المزاد انتهى ببيع الأخشاب ب35 قرشا للكيلو، فيما صرحت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف، بأن حديقة قصر محمد على، كانت مهملة لسنوات طويلة نظراً لمساحتها الهائلة بالإضافة إلى عدم وجود عمالة زراعية بوزارة الآثار تكفى لصيانة الحديقة كما يجب. وأضافت إلهام ل«الفجر»: إن الوزارة أرادت إعادة الحديقة لرونقها، فتم تكليف شركة صيانة بتنظيف الحديقة وصيانتها وبالفعل تسلمت إحدى شركات الصيانة حديقة القصر منذ شهر ونصف الشهر وبدأت فى ممارسة أعمال تقليم الأشجار وتهذيبها لإعادة المنظر الجمالى للحديقة، وكأمر طبيعى نتجت عن أعمال النظافة والتهذيب نفايات خشبية ضخمة جداً وكان من الطبيعى التخلص منها. وتابعت: «من يتحدث عن بيع الأخشاب الكيلو ب35 قرشا لم ير الأخشاب ولم يعلم أن بقاءها كان ضرراً على الأثر وشكله الجمالى، فهل كان مطلوباً من شركة النظافة إذا وجدت شجرة آيلة للسقوط أن تتركها تسقط وتقتل من تحتها وأن يتم ترك الأجزاء الفاسدة من الأشجار لتتلف ما هو سليم؟». الغريب أن موقف وزارة الآثار تجاه قصر محمد على بشبرا يشير إلى وجود أمور غامضة وهو ما دفع البعض للحديث عن مخطط خفى لإخلاء القصر وغلقه بصورة نهائية تمهيداً لمشروع غير معلن، فواقعة تقطيع أشجاره الأثرية التى مر عليها أكثر من 100 عام ليس أول حدث يشهده القصر، حيث توالت فى الفترات الأخيرة كثير من الأمور الغامضة على المبنى كان آخرها تعرضه للهجوم من قبل مجهولين واختفاء مفاتيح عدد من الغرف الخاصة به دون تعرض أى محتوياته للسرقة. المثير للدهشة أنه قبل واقعة الهجوم على المتحف بشهر استبعدت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف، 70 عاملاً وفرد أمن من العمالة الخاصة بالقصر، وبمجرد وقوع حادث الهجوم على المتحف أصدرت قراراً آخر بنقل جميع محتويات المتحف الأثرية إلى قصر محمد على بالمنيل، وكأن الوزارة تنتظر الحادث حتى تجرد المتحف من محتوياته بدلاً من تطوير آليات التأمين والمراقبة مثلما يحدث فى مثل هذه الظروف. فلم نسمع يوماً عن نقل محتويات أى متحف لمكان آخر عند تعرضه للسرقة ولكن يتم اتخاذ التدابير الأمنية لمنع تكرار الواقعة، كما حدث فى المتحف المصرى بميدان التحرير خلال أحداث ثورة 25 يناير، وفى متحف المنيا عقب فض اعتصام رابعة، وكانت وقتها الأحداث ساخنة ما قد يعطى العذر لنقل القطع الأثرية لمكان أكثر تأميناً ولكن ما حدث هو تكثيف التأمين على المتاحف وليس نقل ما بها من آثار فما بالك بواقعة قصر محمد على التى لم تسفر عن أى سرقات وتمت فى وقت تعيش فيه البلاد جوا أكثر أمناً واستقراراً من ذى قبل. فى الأسبوع الماضى أصدرت إلهام صلاح قراراً آخر بنقل باقى العمالة الموجودة بالمتحف باستثناء عدد قليل أغلبهم من كبار السن الذين اقتربوا من سن المعاش وذوى الأمراض المزمنة التى لا تسمح ظروفهم الصحية بنقلهم، إلى متاحف أخرى. الغريب أنه كان هناك اتجاه سابق لغلق المتحف بموجب القرار الوزارى رقم 51 لسنة 2011 أقام بموجبه أثريون دعوى قضائية صدر فيها حكم من محكمة القضاء الادارى بتاريخ 26 مارس 2016 فى الدعوى رقم 4391 لسنة 12 قضائية بإلغاء قرار جهة الادارة والزامها بالمصروفات. يذكر أن تحويل قصر محمد على بشبرا إلى متحف كان بقرار جمهورى أصدره الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1978 وبالتالى فإلغاؤه يتطلب قرارا جمهوريا آخر وليس مجرد قرار إدارى من جانب وزارة الآثار.