للوهلة الأولي يتبادر إلي ذهن الكثيرين، أنه ربما كان في فترة من الفترات رئيسًا للنادي الأهلي، هو من مهَّد لمبادئ النادي الأهلي، هو الابن الثالث للدكتور محمد رفاعي حكيم باشي مستشفي الإسكندرية، أسطورة ملاعب كرة القدم. رحل محمود مختار الرفاعي والشهور ب«مختار التتش» الذي تحل ذكري ميلاده، والتي ستبقي علي مدار التاريخ رمزًا مضيئًا وعلامة بارزة في تاريخ النادي الأهلي، ولكن في الواقع "لم يرحل التتش .. فالتتش مازال حيًا في الجزيرة". بالرغم من وفاته الا أن روحه تبقي حاضرة في كل أركان النادى بالجزيرة، حيث خلد الأهلي ذكراه بإطلاق اسمه على حديقة وملعب النادي، وتظل ذكراه قائمة علي كل ألسنة الجميع، فملعب الفريق الذي يؤدي مرانه عليه هو ملعب مختار التتش. بالإضافة الي أن التتش هو بيت الألتراس للتعبير عن كل مابداخلهم، عقب حرمانهم من التواجد داخل مدرجات الملاعب، وكثيرًا ما نجد لقاءات مع لاعبى فريق النادي الأهلى بملعب التتش حتي أن معظم البرامج سميت على نفس الأسم، فالأهلي هو التتش، والتتش هو الأهلي. لم يرحل التتش سوى بجسده، وبقيت إسهاماته واكتشافاته تصنع المجد للأهلي، حيث إنه من اكتشف نجومًا عظاما بحجم صالح سليم أسطورة القلعة الحمراء، الذي واصل مسيرة مختار في كتابة تاريخ النادي العريق. ويستعرض الفجر الرياضي مسيرة هذه الأسطورة التي سطرت تاريخ ومبادئ وكيان القلعة الحمراء، علي النحو التالي : *بطاقة اللاعب: -الاسم: محمود مختار الرفاعي، ولقبه "التتش". -تاريخ ومحل الميلاد: 29 - سبتمبر - 1905. -الوفاة: 21 - فبراير - 1965. -الجنسية: مصر. -مركز اللعب: مهاجم. *نشأته وبداياته: ولد مختار التتش في 29 سبتمبر 1905م بالسيدة زينب بالقاهرة، وشارك وهو في الثامنة عشر من عمره مع فريق مدرسة محمد على الأبتدائية، وكان أصغر لاعبيها جسما وسنا، ولكنه كان أكثرهم مهارة، ثم أنتقل بعدها إلى مدرسة السعيدية، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية ألتحق بكلية الحقوق وحصل على البكالوريا. *إلتحاقه بالأهلي: اكتشفه النادي الأهلي وضمه إلى فريقه الأول في العام 1922م، وكانت أولى مبارياته مع الأهلي ضد فريق الطيران الأنجليزى في الكأس السلطانية، وفاز فيها الأهلى بهدفين مقابل هدف، وأحرز التتش فيها هدف الفوز. *مسيرته الكروية مع الأهلي والمنتخب : كما ذكرنا أنه لعب مختار التتش أول مبارة له مع النادي الأهلي ضد نادي الطيران الإنجليزي في الكأس السلطانية، والتي فاز فيها الأهلي بهدفين مقابل هدف، وأحرز التتش في هذه المبارة هدف الفوز. تولي «التتش» قيادة النادي الأهلي ومنتخب مصر ل 17 عامًا مليئة بالعطاء، وعدم ادخار جهد أو عرق فى تلك الفترة، حيث قاد التتش المنتخب المصري للفوز بالمركز الرابع في دورة امستردام الأولمبية عام 1928، وكان هذا المركز بمثابة الوصول للمربع الذهبي في كأس العالم لكرة القدم. اخُتير «التتش» ضمن منتخب العالم لكرة القدم ومن بين أفضل 11 لاعبًا ومن بين أفضل 4 مهاجمين في العالم. كان من المعروف عن «التتش»، ليس مهارته وموهبته فحسب، ولكن كان يضرب به المثل أيضًا فى التزامه وانضابطه، وحبه الشديد لكرة القدم، لذا كان من المقولات التي يرددها دائمًا : "الفريق هو من يكسب المبارة.. وليس اللاعب". *انجازاته: لعب مختار التتش مع النادي الأهلي ومنتخب مصر، طيلة 17 عاما، شارك خلالها في ثلاث دورات أوليمبية، باريس 1924 وأمستردام 1928 وبرلين 1936. وخلال دورة الألعاب الأوليمبية التاسعة بأمستردام عام 1928م، التي شارك فيها مختار التتش، كانت من أروع مبارياته التي لعبها في هذه الدورة مباراة مصر والبرتغال والتي فازت بها مصر بهدفين مقابل هدف. وأحرز الهدفين مختار التتش، وقد أشادت به صحف أوروبا وأجمعت على أنه أحسن ساعد أيسر في العالم، وتم أختياره ضمن منتخب العالم الذي لعب بعد الدورة مع منتخب أوروبا. كما شارك مختار في دورة الألعاب الأوليمبية الحادية عشر ببرلين عام 1936م، وأختير ضمن أحسن 12 لاعبا في العالم. *اعتزاله: قرر مختار التتش أعتزال كرة القدم وهو في أوج مجده عام 1940م، وحاول الكثيرين من الرياضيين والصحفيين والمشاهير إثناءه عن قراره ولكنه فضل أن تبقى ذكراه وهو في أفضل حالاته. بعد أن أعتزال التتش مارس لعبة الهوكى كهواية، وأشرف على كرة القدم بالنادي الأهلي، وتولى منصب سكرتير عام اللجنة الأوليمبية المصرية من عام 1956م وحتى عام 1959م. وعقب الإعتزال لم يبتعد التتش عن كرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام، فقد عمل مدربًا لفريق الكرة بالنادي الأهلي ثم سكرتيرًا للعبة، ومراقبًا للألعاب في النادي. ثم تولى منصب المدير العام لرعاية الشباب بوزارة الشئون الاجتماعية، وسكرتيرًا للجنة الأوليمبية المصرية من عام 1956 إلي عام 1959، وعضو لجنة التخطيط بالمجلس الأعلى لرعاية الشباب، ثم وكيل وزارة الشباب. وقد أشرف طوال فترة عمله الإداري على سن ووضع القوانين، التي تنظم النشاط الرياضي في الأندية والاتحادات واللجنة الأوليمبية. وساهم التتش في تأسيس الإتحاد المصري للبلياردو، و بدأ نشاط الإتحاد المصري عام 1944. ومع حلول شهر أكتوبر من عام 1965، أحيل محمود مختار التتش إلى المعاش، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر وسام الرياضة من الدرجة الأولى اعترافا بفضله على الرياضة المصرية. وحينما كان يجلس في الصباح في يوم 21 فبراير عام 1965، وبينما كان مختار بين أصدقائه داخل النادي الأهلي، الذي عاش وفيا له طيلة عمره، شعر التتش بإرهاق شديد، فتوجه فورًا إلى منزله، وأسلم الروح. وقد سُمي ملعب النادي الأهلي بالجزيرة بملعب مختار التتش تكريماً لذكراه، ولدوره الكبير في رفع مستوى اللعبة في النادي الأهلي. *لقب "التتش" : يرجع لقب مختار ب"التتش" إلى اللورد لويد المندوب السامى البريطاني في مصر آنذاك، وكلمة التتش تطلق على لاعب السيرك الصغير الحجم السريع الحركة، الذي يبهر المشاهدين بحركاته وقفزاته ومرونته. كان اللورد لويد لاعب كرة قدم قديما، ولذلك كان يحرص على متابعة مباريات كرة القدم في مصر، وعندما شاهد مختار يلعب أعجب به إعجابا شديدا، حتى انه كان يخبر جلسائه بأن تحكم قدم التتش بالكرة، أفضل من تحكم يدى اللورد بالبرتقالة، وكان كلما يقابله يبادره بقوله (هاللو تتش). *مواقف ومبادئ لا تنسي في تاريخ التتش: تتعدد المواقف والمبادئ التي اتخذها «التتش»، والتي لا يسع المجال لذكرها، ولكن نلقي الضوء على موقفين منهما. -أولا.. التتش يساند القضية الفلسطينية : في عام 1943 تقلي النادي الأهلي طلبًا من بعض القادة الفلسطنيين، من أجل أن يسافر الفريق إلي فلسطين، ليلعب مباراة هناك دعمًا للشعب الفلسطيني، وتشجيعًا لثورته المستمرة ضد الإنتداب الإنجليزي والعصابات الصهيونية، ووافقت إدارة النادي الأهلي برئاسة جعفر والي باشا واستعدت لذلك. ولمدي شعبية الأهلي وقتها طلب الإحتلال البريطاني من حيدر باشا رئيس اتحاد الكرة ونادي «المختلط» - الزمالك - آنذاك، التدخل من أجل منع الأهلي من السفر، وعندما استدعي حيدر باشا مختار التتش كابتن الفريق وطلب منه عدم السفر إلي فلسطين، فرد عليه التتش قائلاً: " سنسافر يا باشا.. دعمًا لإخواننا في فلسطين". وبالفعل جمع فريق الأهلي وسافر بصورة غير رسمية، ليلبى الدعوة بالمخالفة لقرار اتحاد الكرة، الأمر الذي ترتب عليه شطب فريق النادي الأهلي كله، و حرمانه من المشاركة في النشاط المحلي. -ثانياً.. الإمتحانات أم الأولمبياد ؟؟!! كان للتش في كل دورة أوليمبية موقفًا لا ينسي، فمع بداية أولمبياد باريس، بدأت امتحانات شهادة الكفاءة في مصر، وكان على التتش الإختيار بين أداء الامتحانات أو قيادة مصر في الأولمبياد. وبالطبع انحاز التتش لمعشوقته كرة القدم، إلا أن والده رفض بشدة خوفا على مستقبله، فما كان من رئيس الوزراء وقتها، المناضل الشعبي التاريخي "سعد زغلول"، إلا وأن أصدر قرارًا بمشاركة التتش مع المنتخب، على أن يتم إرسال أوراق الامتحان إلى المفوضية المصرية في فرنسا لكى يؤديه هناك.