تحل اليوم الإثنين 11سبتمبر ذكرى ميلاد المايسترو الراحل "صالح سليم" رئيس النادي الأهلي الأسبق، ومؤسس المبادئ والقيم التي حصن بها القلعة الحمراء. يستعرض الفجر الرياضي لمحة سريعة من حياة ومسيرة الاسطورة صالح سليم التي لاتزال حية في قلب وعقل أبناء النادي الاهلي وجماهيره:
- مولده ونشأته : ولد صالح سليم يوم 11 سبتمبر 1930 في منطقة الزمالك، التي بدأ فيها لعب كرة القدم حتى بلغ سن الرابعة عشر من عمره، والتحق بصفوف الناشئين بالنادي الأهلي عام 1944، ولعب في نفس العام في صفوف الفريق الاول، الذي تألق فيه وبزغ نجمه.
- مسيرته الكروية :
لعب صالح بالفريق الأول لكرة القدم بالأهلي حتى عام 1963، قبل أن يترك النادي للاحتراف في فريق جراتس بالنمسا، ثم عاد مرة أخرى للنادي الأهلي لاستكمال مسيرة نجاحه التي بدأها.
خاض صالح سليم أولي مبارياته مع الفريق الأول بالأهلي ضد المصرى البورسعيدى عام 1948، وانتهت بفوز النادي الأهلي بثلاثية نظيفة، ولعب صالح سليم خلال هذه المباراة في الجناح الأيسر، وأحرز هدفًا قبل نهاية اللقاء.
وشارك في أول مباراة رسمية مع الأهلي في أول بطولة دوري رسمية عام 1948 أمام نادي الجالية اليونانية بالإسكندرية.
- اعتزاله ومسيرته التدريبية :
اعتزل صالح سليم كرة القدم عام 1967 حيث قرر المايسترو تعليق حذائه بعد مسيرة حافلة مع الشياطين الحمر، متوجهاً بعد اعتزاله للعمل كمديرًا للكرة عام 1971 ولمدة موسم واحد حتي 1972.
- انجازاته :
1- مع الاندية والمنتخب : استطاع صالح سليم أن يحقق مع النادي الأهلي 11 بطولة دوري من أصل 15 بطولة شارك فيها منذ بداية مسابقة الدوري المصري لكرة القدم عام 1948.
كما حقق المايسترو مع الأهلي بطولة كأس مصر 8 مرات، وأحرز مع فريقه كأس الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.
وعلى المستوى الدولي انضم صالح سليم إلى منتخب مصر لكرة القدم عام 1950، وكان قائداً للفريق المتوج بلقب بطولة الأمم الإفريقية عام 1959 بالقاهرة، كما شارك مع المنتخب الوطني في دورة الألعاب الأولمبية في روما عام 1960.
2- انجازاته الشخصية :
سجل صالح سليم 101 هدف في حياته الكروية، منهم 9 أهداف سجلها خلال فترة احترافه في النمسا مع فريق جراتس، و92 هدفاً أحرزهم مع النادي الأهلي في بطولتي الدوري والكأس.
كما حقق صالح سليم إنجازاً شخصياً كونه اللاعب الوحيد الذي أحرز سبعة أهداف في لقاء واحد، وكان ذلك أمام النادي الإسماعيلي، في مباراة انتهت لصالح الأهلي 8-0.
كما أن لصالح سليم انجازين شخصيين آخرين هما، تحقيق أكبر عدد من البطولات يحرزها نادي في عهد رئيس واحد وهو 53 بطولة، فضلا عن إحرازه هو وجيله من اللاعبين لبطولة الدوري 9 مرات متتالية، وهو رقم لم يكسر حتى الآن.
- مسيرته الإدارية :
قرر صالح سليم خوض انتخابات مجلس إدارة النادي الأهلي في عام 1972 بعد انتخابه لعضوية مجلس الإدارة، وحصل على نسبة 45% من الأصوات بفارق ضئيل عن رئيس النادي الفريق أول عبدالمحسن كامل مرتجي.
لم ييأس صالح سليم، بل خاض الانتخابات للمرة الثانية في عام 1980، واستطاع الفوز برئاسة مجلس إدارة النادي الأهلي.
وقد ساند صالح في هذه المرحلة نجوم النادي الأهلي آنذاك، مثل محمود الخطيب ومصطفى يونس وثابت البطل ومجدي عبد الغني والكثير من أعضاء النادي الذين زاد عددهم بصورة كبيرة. واستمر صالح سليم في رئاسة النادي الأهلي حتى عام 1988، حين قرر الابتعاد عن الساحة، وترك الفرصة للآخرين لخوض التجربة. وعاد صالح سليم سريعاً لمقعد الرئاسة بعد عامين فقط لسوء نتائج الفريق وقتها وكان من اللازم عودته لإعادة الاستقرار مرة أخرى للنادي، لاسيما وأنه شُهد له بالفضل في تحقيق أغلب بطولات النادي خلال فترة تواجده به.
وقاد صالح سليم الأهلي حتى عام 1992، وجرت الانتخابات أعوام 1996 و2000 واستطاع صالح سليم باسمه وإنجازاته، إحلال الاستقرار داخل النادي الأهلي.
ونجح سليم ايضاً بشعاره المعروف (الأهلي فوق الجميع)، ومقولته الشهيرة (الأهلي ملك لمن صنعوه، ومن صنعوه هم مشجعوه)، حاز صالح احترام ومحبة مشجعي ومتابعي الكرة في مصر، وليس مشجعي النادي الأهلي فقط، بإخلاصه وحبه للنادي الأهلي وعطائه الذي استمر حتى وفاته عام 2002 .
- صالح سليم.. صانع قانون "المبادئ"
وضع المايسترو حجر الأساس لميثاق الشرف الذى تسير عليه القلعة الحمراء حتى الآن، وبحنكته العالية فى الإدارة أقر وثيقة تغليب القيم والمبادئ وإعلاء شأن الكيان، وأجبر من تبعوه على السير حذوه.
وأقر سليم شعار القلعة الحمراء، "الأهلى فوق الجميع"، وهو الشعار الذى لا يزال قائما حتى الآن، وهو سبب النجاحات الكبيرة التى تحققت للقلعة الحمراء على مدار 110 سنة منذ نشأته فى 1907 وحتى الآن، حيث يتم تغليب مصلحة الكيان على أى مصالح خاصة وإعلاء قيمة الكيان.
هذا النجاح الذى ميز الاهلي عن كل الأندية الأخري، دفع الكيانات الاخري لمحاولة سلك منهجه لنقل التجربة الناجحة إلى هذه الكيانات، وأكبر دليل على ذلك رئيس القلعة البيضاء، الذى يعمل جاهدا على تطبيق التجربة "الصالحية" داخل جدران ميت عقبة، لتحقيق المعادلة التى لم يسهل تطبيقها فى القلعة البيضاء، وهى تغليب مصلحة الكيان على مصلحة الأشخاص.
- سر تعلق الجماهير به بعقلية إدارية محترفة مهد المايسترو لوضع التشريعات التى على ضوئها يتم إدارة القلعة الحمراء، وكان يرى أن قوة الأهلى فى جمهوره، ولا سيما مقولته الشهيرة، "الأهلى ملك لمن صنعوه، ومن صنعوه هم مشجعوه"، صار المايسترو أيقونة الجماهير الحمراء الذى زرع فيهم حب الكيان ومعنى الانتماء له وماذا يمثل الكيان فى عيون محبيه، وعلم ايضاً اللاعبين الذين ارتدوا قميص الأهلى معنى روح الفانلة الحمراء، وهى التى دائماً تفرض نفسها على البطولات التى يحققها المارد الأحمر.
- موقفه الشهير مع مبارك كان لصالح سليم موقف مثير مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، عند حضوره نهائى البطولة العربية للأندية التى استضافها الأهلى فى مارس عام 1995، وفوجئ صالح سليم بمسئولى رئاسة الجمهورية يختارون له مقعدًا فى نهاية الصف الأمامى، وبعيدًا جدًا عن مقعد رئيس الجمهورية.
ليعترض المايسترو على ذلك، ليس لرغبته فى الجلوس بجوار الرئيس، بل دفاعًا عن مكانة الأهلى، فالأهلى هو صاحب المشهد والحفل والبطولة، وبالتالى لابد أن يجلس رئيس الأهلى وسط كل المدعويين بل وفي مقدمتهم أيضًا، فإن لم يكن ذلك ممكنًا، فلا الأهلى ولا رئيس الأهلى سيشاركان فى هذه المهزلة..!!
قرر صالح سليم التوجه إلى باب المقصورة للانصراف عائدًا إلى منزله، وسريعًا بدأت المفاوضات السريعة وتوالت مكالمات تليفونية قصيرة، وجاء رجال الرئيس يعتذرون لصالح سليم طالبين منه البقاء، وأنهم سيغيرون كل الترتيبات ليجلس بجوار مبارك.
ولابد التساؤل.. لماذا أصر صالح على الجلوس بجوار "مبارك"؟ هل كانت له مصلحة فى ذلك؟ أم كان يبحث عن نفوذ أو وجاهة؟ الإجابة لا، لأن الأمر ببساطة هو قيمة وكيان الأهلي، وقد ترسخ عن هذه الواقعة، رئاسة الأهلى وحدها شرف يستحق أن يكتفى به صاحبه.
- مرضه ووفاته : اكتشف المايسترو إصابته بمرض سرطان الكبد عقب اجرائه الفحوصات الطبية عام 1998، وكان من الصعب استئصال المرض من الكبد، كما انه لم يتسنى زراعة كبد جديد بسبب تلييف النصف الآخر من الكبد وإصابته بفيروس سى فى وقت سابق.
وداوم سليم على تلقى العلاج الكيماوي، وكان يسافر إلى لندن لتلقى العلاج اللازم بدون الكشف لوسائل الإعلام عن المرض الذى لحق به، وساءت حالته الصحية حتى وافته المنية صباح يوم السادس من مايو لعام 2002.