شمس حرارتها قاتلة، وأقدام أرهقها الانتظار، زدحام شديد، وإناسًا يتسارع كل منهم للوقوف في دوره داخل "طابور"، تتعلق العيون بمن يسبقها في الدور، والجميع يرصد الحركة أمام "الشباك"، فتحة الأمل تلك التي ستنهي طالبتهم وتقضي مصالحهم. ووسط حشد كبير وقفت امرأة تبكي وتنوح بصوت متقطع، وتشرح للعامل بالسجل المدني أنها بحاجة لاستخراج بطاقة شخصية، ولأنها تحتاجها فورًا لتعطل إجراء عمليتها الجراجية بسبب انتهاء بطاقتها الأولى، مؤكدة أنها تقف منذ الصباح الباكر، وبعد ساعات من الانتظار، تطاول عليها أحد العاملين بسببها بكلمات مثل "انتم قرفتونا، مش بتفهمو" فما كان ردها غير "حسبي الله ونعم الوكيل". "الفجر" عايشت ما يفعله المواطن أمام السجل المدنى "بقسم بولاق". فيوميًا يقصد المكان الكثير لاستخراج بطاقة، أو بدل، وأوراق أخرى مهمة، منذ أن تدق الساعة 7 صباحًا والمكان في زدحام وحركة شديدة، والكل يقف يترقب فتح "الشباك" لاستقبال ورقهم، ومن يصل دوره وتتيح له الفرصة أن يقف أمام "الشباك"، وجهاً لوجه، يظل قلبه مثل الناقوس، ويبتلع ريقه ويمسح عرق جبينه من الخوف، بأن تكون الأوراق غير مكتملة، أو يسمع تلك الكلمات المعتادة من أي مؤسسة حكومية، "ورقك غير مكتمل، حاول تجهزه وتعالى بكره". تنتهي الساعات في بطء شديد، والجميع بلا استثناء أرهقه الوقوف، وعند اقتراب عقارب الساعة من 12 ظهراً، حدث ما كان ينتظره الجميع وما تعود عليه المواطن في هذا الوقت، وهو قفل الشباك ورفض الأوراق، وإبلاغهم بأنه يوجد عطل في الشبكة، ولا يوجد دعم فني في المكان، ما أثار استياء المواطنين وغضبهم، وتجمهرهم بداخل المكان يطالبون بأصلاح العطل فورًا، ولكن لا حياة لمن تنادي، ظل العاملين بالمكان ينظر كل منهم للأخر والرد الوحيد "أحنا مش في إيدينا حاجة نعملها، واللي مستعجل يروح يشتكي".