ننشر لكم معلومات عن "إستيفان روستي".. بارون السينما المصرية كان والده بارون نمساوي من أكبر العائلات الارستقراطية، وكان يقطن قصرًا في فيينا، ولكنه اختلف مع أسرته بسبب رفضه للزواج من ابنة عمه، وعلى إثر الخلاف سافر إلى إيطاليا، وهناك تعرف على فتاة إيطالية جميلة أحبها وتزوجها، ثم جاءا لزيارة القاهرة، فأعجبتهما الحياة فيها، فاشترى الزوج فيلا في حدائق شبرا، وأقاما فيها، وعاشا حياة سعيدة، لكن هذه السعادة لم تدم طويلا، إذ تسرب أمر زواجه من إيطالية إلى أسرته في النمسا، فجن جنون والده، الذي أرسل يستدعيه تحت التهديد بحرمانه من التركة والميراث، إذا لم يترك زوجته الإيطالية ويعود إلى النمسا، فلم يجد الزوج حلا سوى ترك زوجته في مصر والعودة للنمسا، ولكنه ظل يراسلها، ويبعث إليه بالمال أحيانا، وبوعود تؤكد على عودته في وقت قريب أحيانا أخرى، خاصة أنها كانت على وشك أن تضع مولودها، ولكنه في النهاية لم يعد، ووضعت الزوجة مولودها، وأسمته على اسم أبيه استيفانو دي روستي. ولد إستيفان دي روستي لأب نمساوي من البارونات، عاش في فيينا حيث تعرف والده على أمه في روما وتزوجها، انفصلت الأم عن زوجها بناء على رغبة أهله واستقرت في مصر عاش إستيفان في شبرا، وتخرج في مدرسة الخديوية، وسافر إلى أوروبا مرات عديدة، حيث مارس الكثير من المهن، وفي أوروبا قابل محمد كريم الذي دفعه للعودة إلى مصر، وانضم إلى فرقة عزيز عيد، ثم فرقة نجيب الريحاني. لا يعرف الكثيرون أن استيفان روستي كان من جيل الرواد الذين ساهموا في نشأة السينما المصرية، حيث أخرج أول فيلم روائي مصري "ليلى"، وكان لإخراجه هذا الفيلم قصة طريفة، فقد كان الفيلم يسمى في البداية يد الله، وكانت بطلة الفيلم ومنتجته عزيزة أمير اتفقت مع المخرج التركي وداد عرفي على إخراجه، وبعد شهور من بدء التصوير أعلن وداد عرفي أنه قد أتم فيلمه بنجاح، وعُرض الفيلم عرضًا خاصًا، لكن الحاضرين اصيبوا بخيبة أمل شديدة، فقد جاء الفيلم مشوهًا تمامًا، فقررت عزيزة أمير إسناد الأمر إلى استيفان روستي، الذي كان يتمتع بخبرة طيبة في مجال السينما نظرًا لتعلمه بعضًا من هذا الفن في باريس، فأعاد استيفان روستي تصوير الفيلم، ولم يحتفظ من النسخة القديمة إلا بمشهدين من 11 مشهدًا، وتم تغيير الاسم من يد الله إلى ليلى، ولم يكتف استيفان روستي بالإخراج فقط، إذا شارك أيضا بالتمثيل فيه، وقدم دور رؤوف بك الذي يتولى العناية بليلى أثناء مرضها، ورعاية ولدها بعد موتها، وفي العام التالي أخرج فيلم البح بيضحك كما كتب له السيناريو وشارك في بطولته، بعدها توالت أعماله كمخرج، حتى بلغت حوالي عشرة أفلام، كان يشارك فيها بالتمثيل إلى جانب كتابته للسيناريو أو مشاركته فيه، ومن أهم تلك الأفلام صاحب السعادة كشكش بيه و عنتر أفندي و الورشة وابن البلد وكانت أخر أفلامه كمخرج أحلامهم عام 1945. لم يكن «روستي» مجرد حالة فنية عبقرية يندر تكرارها على الصعيد الفني، بل كان حالة إنسانية مبهرة توضح ما كنت عليه مصر في القرن الماضي وحتى منتصفه، رجل أوروبي الأصل يعد جزء لا يتجزأ من الثقافة المصرية أكثر ممن يعيشون بمصر، رحل «روستي» ومازلنا نتذكره وجها حاضرا وتاريخا فنيا لا ينسى، رحل وهو لا يملك سوى 7 جنيهات رغم أصوله الارستقراطية العريقة، لكنه ترك رصيدا طاغيا من المحبة والإيفيهات والأفلام المستمرة على مر العصور. يبكي الجميع عليه، وينظرون لبعضهم البعض محاولين تكذيب ما يحدث، لكنهم يصطدمون بأنها حقيقة لا خيال بها، وبينما هم في أعماق أحزانهم، يخرج هو إليهم في ذعُر تلألأ في أعينهم، لينصب في الآذان تهليل لما كذبوه في أنفسهم، فهو ذهب لزيارة أحد أقاربه بالإسكندرية ولم يمُت، لكن إشاعة وفاته كانت قد خرجت كالرصاصة في قلوب من أحبوه، فدشنوا تأبينًا له في نقابة الممثلين، لكنه كذب هذا عندما وجدوه أمامه، وتشاء الأقدار أن يرحل عن الحياة بالفعل بعدها بأسابيع قليلة.