"ظل محمد البرادعي واحداً من بين شخصيات عربية معدودة على أصابع اليد الواحدة يواجهون المطامع الأميركية في العالم بشكل عام وفي العراق بشكل خاص حيث واجهته المخابرات المركزية الأميركية، بخطط لم يدر بها وحاولت إسرائيل سراً اغتياله مرات عديدة لم تسجلها إلا اجهزة المخابرات"، على حد تأكيد وثائق "ويكيليكس". إلا أن الوثائق أكدت أيضاً أن "البرادعي" كان حجرة عثرة أمام الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجله جمال حيث دبرا له العديد من المؤامرات وحاولا مراراً وتكراراً تشويه صورته بشتي الطرق". نشرة المخابرات الأميركية الصادرة في حزيران الماضي والتي نشرتها "ويكيليكس" بعد وصفها بأنها "النشرة النصف سنوية الصادرة عن مركز الإحصاء والمعلومات التابع للبنتاغون أكدت أن "البرادعي" دخل موسوعة الأرقام لديهم على أساس أنه أول شخصية عامة مدنية دولية يهتم به "السي آي ايه" بتلك الطريقة". وأشارت النشرة إلى أن "الرجل كان مخصصا لمتابعته مكتب كامل عمل به على الأقل ثلاثة أجيال من ضباط المخابرات الأميركية الذين إضطروا وهم يقومون بمراقبته على مدار ال24 ساعة بحمايته من الموت على أيد فريق الاغتيالات الإسرائيلي التابع لوحدة كيدون بالموساد على الأقل مرتين خلال توليه منصب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وفجرت النشرة حقيقة مدوية وهي أنه كان من المخطط اغتيال "البرادعي" في أيلول الماضي. وثيقة تحمل شعار سري للغاية من وثائق "ويكيليكس" خصصت للبرادعي تحمل كود رقم 09 القاهرة 2279 حررت بتاريخ 10 أيلول 2009 وأفرج عنها ضمن وثائق "ويكيليكس" في 16 شباط الماضي ووثقتها السفيرة الأميركية السابقة بالقاهرة مارغريت سكوبي كشفت فيها حقائق ربما لا يعرفها الكثيرون عن الرجل فقد كتب عنه "دونالد ايه بلوم" الوزير المفوض للإقتصاد والعلاقات السياسية الأميركية يقول: "رجل لا يعرف الهزيمة ولا يوجد له مدخل يحب بلاده ويكره نظام مبارك وربما ينجح في إنتخابات 2011 الرئاسية". وقالت الوثيقة إن "سكوبي أكدت أن مبارك فكر كثيرا في القضاء على البرادعي وأنه كلف رجاله المقربين بالبحث في ملف الرجل لربما يجدوا أي ثغرة وعندما لم يجدوا اقترح عليه صفوت الشريف بخبرته السابقة أن يقوموا بمتابعة عائلته". وكشف التقرير أنهم "بناء على ذلك هاجموا أسرته في شكل نشر بعض الصور العادية لابنته وهي بلباس البحر والتي أخذت على شاطئ شبه مغلق وخاص حيث أثبتت تلك الصورة وطريقة نشرها مدى عمق كراهية مبارك للرجل وتصميمه على تشويه ما يمكن تشويهه". وأكملت سكوبي التوثيق مشيرة إلى أن "مبارك ونظامه بعد فشل حملة الصور فقدوا كل السيطرة على البرادعي وأنهم بدأوا يفكرون في طرق أخرى"، وصفتها بانها "ربما كانت لتكون أكثر خطورة" غير أنها لا تفسر تلك الخطورة. ولفتت سكوبي ايضاً في الوثيقة الى أن "البرادعي يعتبر المرشح الأقرب للرئاسة في مصر إذا لم يدفع مبارك بابنه جمال قبل نهاية منتصف العام الجاري وهو الأفضل لو لم يدفع مبارك بعمر سليمان في بداية 2010". ووصفته ب"الأكثر نقاءً بين مرشحي رئاسة المصريين ممن تعرفهم السفارة الأميركية ودرستهم على مدى الفترة من 2007 وحتي 2009 " وكأنها كشفت عن معلومة مهمة وهي قيام السفارة الأميركية في تلك الفترة بعمل دراسات استراتيجية وربما أمنية عن المرشحين المحتملين للرئاسة في مصر". وأوضحت أنه "يثق في الشعب المصري ويعرف أنهم سيتفهمون دوافعه وأن ثقته بنفسه التي ظهرت في مقابلته مع شبكة ال"سي إن إن" في 6 كانون الأول 2009 أقلقت الولاياتالمتحدة الأميركية". وتابعت سكوبي: "لقد قلب ظهور البرادعي على الساحة أمام مبارك ونظامه الموازين لدى الإدارة الأميركية التي كانت تؤجل ملف مبارك إدارة تعقب إدارة وأنهم في كانون الثاني 2009 كانوا قد توصلوا لقناعة أن البرادعي هو الأفضل للرئاسة المصرية في نواح كثيرة أهمها نظافة يده وصدق نواياه". وقالت سكوبي عن البرادعي: "إن الإدارة الأميركية لم تجد أنظف من هذا الرجل على مدى 14 عاما كانت أجهزة المخابرات الأميركية كلها وراءه عبر دول العالم وأنه قد رفض مئات المميزات التي طرحت عليه علنا وسرا كي يهادن ويوالي السياسة الأميركية وعلى ذلك قرروا أنهم لو سعوا للديمقراطية الحقيقية بالشرق الأوسط فنماذج مثل البرادعي يجب احترامها". وذكرت أيضا أن "المشكلة الوحيدة التي واجهت الإدارة الأميركية في تفكيرها حول "البرادعي" كمرشح محتمل للرئاسة المصرية كانت في البرادعي نفسه حيث لم يعلن لهم أبدا عن نيته الترشح للرئاسة مع أن معلوماتهم كلها أكدت أنه في طريقه لذلك". واكدت "لقاء البرادعي مع ال"سي إن إن" في 6 كانون الأول 2009 تم تحليله في ال"سي آي إيه" مئات المرات ولم يتمكنوا من إصدار قرار نهائي حول التساؤل (هل سيرشح البرادعي نفسه أم لا؟)". وأضافت أن "معلومات صدرت من الدكتورة "مني مصطفي البرادعي" شقيقة الدكتور البرادعي قلبت التقديرات في المخابرات الأميركية حينما أعلنت في كانون الأول 2009 أن أخيها لن يرشح نفسه للرئاسة المصرية وأن ذلك التصريح كان بمثابة عامل الحسم الوقتي للتساؤل". وأكد تقرير آخر خطير صدر في كانون الثاني الماضي من مركز الدراسات الأمنية التابع للمخابرات الإسرائيلية "الموساد" "مائير عاميت" "إستعانة مبارك بأصدقائه في إسرائيل كي يضعوا له خطة للتخلص من "البرادعي" لكنهم خشوا وقتها من أن يكون الرئيس السابق يقوم بلعب لعبة يريد منها التوثق من حقيقة أن الموساد كان يحاول اغتيال البرادعي وأنهم لو كانوا تجاوبوا معه لكان الرد على طلبه سيكون الدليل على المعلومة وعليه يؤكد التقرير أنهم لم يتجاوبوا مع طلب مبارك ولم يضعوا له خطة محددة واعتذروا له بهدوء". وفي تقريرها رقم 00002279 كود 002 من 002 أكدت سكوبي أنهم "في كانون الأول 2009 بدأوا في الإدارة الأميركية يعيدون خلط أوراقهم استعدادا للتعامل مع البرادعي لرئيس محتمل لمصر وأنهم رصدوا عددًا من الهجمات الإعلامية المصرية المحمومة ضد البرادعي غير أن صفحته البيضاء أنقذته من سهام عملاء مبارك والحزب الوطني علي حد تعبيرها في التقرير". وذكرت ايضاً أن حالة أيمن نور أشارت إلى أن "الإدارة المصرية كانت عشوائية في الهجوم عليه لكن حالة البرادعي اكدت أنهم تعلموا الدرس من "نور" وأن البرادعي واجه من دون أن يشعر حملات ممنهجة ومدروسة". وأكدت سكوبي "حصول جدال سياسي حاد بين إدارة الرئيس الأميركي أوباما والرئيس المخلوع عندما علمت المخابرات الأميركية من عيون لها بالنظام المصري عن خطة محققة كان يدبر فيها مبارك ونجله جمال ومعهما وزير داخليتهما حبيب العادلي لاعتقال البرادعي وتوريط في قضية أمنية محددة لم أجد لها ذكرا تفصيليا في التقرير سوي جملة واحدة مؤكدة أن البرادعي كان سيتعرض للاعتقال مع نهاية عام 2011 بالقاهرة". وأكدت "قيام الإدارة الأميركية قامت في نهاية عام 2009 على شبكة الإنترنت بعمل إحصائيتين متتاليتين للوقوف على حقيقة تأثير البرادعي على الشارع المصري حيث وفرت جواِ إنتخابياً إفتراضياً كان فيه البرادعي يواجه مبارك في انتخابات افتراضية وقد كانت النتيجة النهائية فوز البرادعي بنسبة 68% من الأصوات وخسارة مبارك أما المرة الثانية فكانت بين البرادعي كمرشح للرئاسة وبين الوريث المحتمل جمال مبارك وفاز البرادعي بنسبة 79% من حجم الأصوات". وأوضح التقرير أن "حركة 6 نيسان أعلنت للإدارة الأميركية عن تأييدها للبرادعي مرشحا للرئاسة في مصر وأن ممثليها الذين سافروا للولايات المتحدة سرا والذين قابلوا سكوبي في القاهرة ومنهم الناشط "أحمد ماهر" المنسق العام ومؤسس حركة 6 نيسان أكدوا أن البرادعي يحظى باحترام معظم التيارات المصرية السياسية". وكشف التقرير أن "الإدارة الأميركية حللت في تلك النقطة تصريحات خاصة سجلت لأسامة الغزالي حرب زعيم حزب الجبهة الديمقراطي الليبرالي وأخري لأيمن نور زعيم حزب الغد. وثالثة للسيد منير فخري عبدالنور عن حزب الوفد وأن تلك التسجيلات لم تكن للاستهلاك السياسي بل كانت تصريحات خاصة شخصية وحزبية حقيقية وأنها جميعا أكدت مدي احترام الشارع المصري للدكتور محمد البرادعي".