أقامت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أحمد الشوكي، صباح اليوم حفل تأبين لشيخ المؤرخين الدكتور عادل غنيم. افتتح الاحتفالية الدكتور الشوكى مرحبا بتلاميذ ومحبى وأسرة الراحل وقال الشوكى: "نؤبن اليوم علما من أعلام التأريخ وكان شخصية معطاءة وإن كنا فى أمس الحاجة إلى تكريم أهل العلم فقد كان غنيم علامة متميزة فى تاريخ البحث العلمى وأسهم فى ذاكرة العلم فى الوطن العربي باحثا وكاتبا ومناقشا. ورغم أنى لم أشرف بالتتلمذ على يديه إلا أنى سمعت عنه كل خير من كافة زملائه فلم اسأل عنه أحدا إلا فاض الثناء على شخصه وخلقه وعلمه. وقد امتدت السيرة الحسنة إلى ولده فبارك الله فى هذه الأسرة وألهمها الصبر والسلوان. رحم الله الدكتور عادل غنيم الحاضر بيننا بعلمه رغم غيابه. وقد تحدث الدكتور أحمد زكريا الشلق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر عن الراحل الكبير قائلا نحتفل اليوم بتاريخ مفكر كبير له قيمة علمية وشخصية. وقد أسهم بكتاباته التاريخية ودراساته فى العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية فى إثراء التاريخ العربى الحديث وألقى أضواء كبيرة على حقوق الشعب الفلسطينى وتاريخ القضية الفلسطينية لأن الدكتور غنيم كان مدافعا أكاديميا عن حقوق الأمة العربية وليس مجرد أحاديث سيارة فقد دافع بالحجة والمنطق والأسانيد؛ بالإضافة إلى ذلك إذا أردنا أن نعرف كلمة "طيب" سنجدها مجسدة فى غنيم فهو لم يخطئ يوما فى حق أحد حتى الذين أساءوا إليه؛ ومع ذلك كان يتسم بحزم إدارى مذهل، حيث كان يستمع إلى كل الآراء بتواضع جم ثم يقول كلمته فتصبح هى الكلمة الفصل. وقد كان الدكتور غنيم أيادي على قطر فقد كان له دور كبير فى تأسيس جامعة قطر وأشرف على مركز تطوير الجامعة لفترة من الزمن. كما تحدث الدكتور أيمن فؤاد قائلا أن غنيم كان مؤرخا كبيرا وعلاقتى به ترجع إلى أكثر من ربع قرن فى إطار زمالتنا فى الدراسات والملتقيات التى كانت تقيمها الجمعية المصرية للدراسات التاريخية التى يعود تاريخها إلى أكثر من 70 سنة. وواصل أيمن فؤاد حديثه قائلا أن غنيم كان يتمتع بروح إنسانية عالية جدا، ودماثة فى الخلق وقدرة على العطاء ومد يد العون والعلم الغزير فى القضية الفلسطينية.. وقد كانت فترة تولى غنيم لرئاسة الجمعية التاريخية من أهم الفترات فى تاريخ الجمعية وأكثرها نشاطا. أما المناضل الفلسطينى عبد القادر ياسين فقد استهل حديثه ببيت الشعر : وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر. فقدنا غنيم فى وقت فلسطين فى أشد الحاجة إليه فقد بدأت تتآكل جراء المؤامرات التى تحاك لها . وليس غريبا أن أول من نعاه كانت وسائل الإعلام الفلسطينية. ونعى الدكتور سعيد الوكيل وكيل كلية آداب عين شمس لشئون الدراسات العليا مشيرا إلى أن غنيم اتصف بالأبوة العلمية. وقد فقدت كلية الآداب برحيله ركنا ركينا من أركانها. كما تحدث الدكتور حمادة إسماعيل عميد آداب بنها الأسبق معربا عن فخره بالتتلمذ على يد عادل غنيم ؛وقد تصدر التخصص فى القضية الفلسطينية. أما الدكتور أشرف مؤنس فقد رأى حفل التأبين يوما للوفاء تستضيفه دار الكتب المصرية لتأبين رجل لم يتأخر يوما عن دعم تلاميذه وزملائه علميا وماديا أيضا؛ كان عطوفا وسخيا. حضر التأبين عدد من الشخصيات العامة على رأسهم الدكتور عبد الحميد مدكور الأمين العام لمجمع اللغة العربية، والدكتور خلف الميرى ، والدكتور سعيد الوكيل بالإضافة إلى أبناء الفقيد وعدد من أفراد أسرته. ولد عادل غنيم فى 1938، وحصل على الدكتوراه فى القضية الفلسطينية من 1917 إلى 1936. و شغل غنيم عدة مناصب ، فقد عمل رئيسا للجمعية التاريخية، ورئيسا للجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للصحافة، ومقررا للجنة كتابة موسوعة مصر والقضية الفلسطينية". وأثرى المكتبة العربية بمؤلفاته، عن القضية الفلسطينية، والتي كان منها «الحركة الوطنية الفلسطينية من 1917 إلى 1936»، و«حائط البراق وليس حائط المبكي". وكان من أوائل الباحثين العرب الذين اهتموا بدراسة التاريخ الفلسطينى الحديث والمعاصر، حيث أمضى أكثر من 40 عامًا باحثًا ومحاضرًا ومناقشًا، أصدر 16 كتابًا معظمها عن تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر، وقدم للمكتبة العربية ثلاثة وخمسين بحثًا ودراسة علمية، وكان عضوًا فى اللجنة العسكرية المنبثقة من لجنة كتاب تاريخ ثورة 23 يوليو 1952م، ورئيسًا لوحدة التوثيق بمركز بحوث الشرق الأوسط من 1976-1979م، قام بمراجعة ترجمة وإعداد دراسة لمصدر تاريخى هام وهو كتاب " الدولة اليهودية " الذى ألفه "تيودور هرتسل" مؤسس الحركة الصهيونية. كما حصل الدكتور عادل حسن غنيم على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 2010م، وكرمته الجبهة العربية المشاركة للمقاومة الفلسطينية بنقابة الصحفيين فى 28 يوليو 2010.