قيدوا الشموع النسمة ويا القمر من بدري متواعدين والنجمة ويا السهر قبل المعاد جايين، قيدوا الشموع قيدوا قلبي الليلة دي عيده فاكر معاد حبك و ناسي مواعيده، تغنت بها الكروانة فايزة أحمد، وتغنى بها الشيخ الكبير إمام في "قيدوا شمعة يا أحبة ونورولي"، يخطفك اللحن، الصوت مختلف، الأجواء كانت مختلفة. شموع الأحبة تنير الظلام، تبعث في النفس السلام، هكذا ذكرها أصحاب الزمن الجميل في سيرهم وأشعارهم، كما قال فاروق جويدة، أترى ستجمعنا الليالى كى نعود .. ونفترق ؟، أترى تضى لنا الشموع ومن ضياها .. نحترق؟. شغلت حيزا من كتاباتهم وأغانيهم، كيف لا؟ وقد كانت جزءا من حياتهم، التي لم تكن تخللتها الحداثة. يكمن اللغز في تلك الأماكن القديمة التي احتضنت صناعة الشموع في ذلك الوقت واستمرت على مدار سنوات، وعلى الرغم من استخدامها في الأفراح والمناسبات، أو حتى في عشاء حبيبين على ضوء الشموع، إلا أن الصناعة باقية وممتدة. في أزقة الغورية تقع "وكالة الشمع"، حاضنة الصناعة الأولى، أياد ترسم خيوطا، تصنع شموع النور في مواجهة الظلام. يعكف الخمسيني "حامد الشماع" في ورشته التي يعمل بها منذ ما يقرب من ثلاثون عاما، موقد النار مشتعل، يمسك بالألواح الخام التي يتم تسييحها على درجة حرارة عالية. "أي شمعة بدايتها خيط بيختلف أنواع الخيط مع اختلاف الشمعة نفسها حسب طولها وقصرها، شمع أفراح شمع سبوع". يقولها "الشماع" كما ينادونه، مضيفا أن الألواح الخام عبارة عن كتل يتم تسييحها على حرارة عالية جدا، ثم يتم نقلها إلى استامبة يعملون بها على درجة حرارة أقل، وتوضع تلك الفتل بالشمع ثم يتم وضعها على الشماعة حتى تصبح جافة تماما. "كنا بنعمل الشمع للفوانيس دلوقتي الفوانيس بقى منها أشكال وألوان وانتهى علاقة الشمع بالفوانيس، يقولها متندرا على تلك الأيام، مشيرا إلى أن الشمع ينقرض بسبب ارتفاع الأسعار والحداثة التي يعيشها المجتمع. "اللي مبيطورش من نفسه بيموت"، هكذا وجد الشماع حلا لبقاء الصناعة من خلال مواكبة العصر والتنوع في عرض الأشكال المختلفة التي ربما تساعد في تقليل عملية الانقراض.