ثلاثون يوما هي جملة الأيام التي يعيش فيها الأسرى الفلسطينيون البالغ عددهم نحو 1800 مع معركة البطون الخاوية، تلك المعركة التي يستخدم فيها الأسرى لحومهم ودمائهم نصرة لقضيتهم، وانتصارهم على إرادة الكيان الإسرائيلي المغتصب المحتل، والتي سُميت بإضراب الكرامة، الذي يستمر لليوم الثلاثين، الموافق 16 مايو 2017، حيث إضراب الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وسط وصول عدد كبير منهم إلى مرحلة صحية خطيرة، وفق ما أعلنته اللجنة الإعلامية لمساندة الأسرى. إعلان "فتح" الإضراب في يوم الجمعة، 24 مارس 2017، قررت حركة فتح العصيان في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثى، انطلاقا من اعتماد يوم الأسير الموافق 17 أبريل موعدًا لبدء الإضراب المفتوح عن الطعام في كافة السجون والمعتقلات، وحدث بالفعل. "البرغوثي" قائدا يقود هذا الإضراب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثى، حيث أكد حينها على ضرورة الوحدة والتلاحم في تنفيذ هذه الخطوة، والالتزام بعدد من البنود، أبرزها الانخراط في الإضراب منذ اليوم الأول وبعد تسليم مطالب الحركة الأسيرة في اليوم السابق لموعد الإضراب، وعدم التفاوض مع مصلحة السجون، واعتبار "الرغوثي" الجهة المخولة بالتفاوض أو وقف الإضراب بصفته القيادية. كما طالب حينها أيضا بإقامة الفعاليات الوطنية، والشعبية والتنظيمية، على كافة الأصعدة بهدف مساندتهم. مطالب الإضراب وطالب بيان الإضراب الذي تقوده حركة فتح بقائدها "مروان البرغوثي" عدة مطالب، شملت الكثير من الجوانب منها ما يتعلق بالزيارات، وكذلك الملف الطبي، والأسيرات، وكانت وفق ما يلي: 1- المطالبة بعودة الزيارة الثانية التي تم إيقافها من الصليب الأحمر، وانتظام الزيارات وعدم منعها من أية جهة كانت. 2- عدم منع أي قريب من الدرجتين الأولى والثانية من الزيارة. 3- أن تزيد مدة الزيارة من 45 دقيقة إلى ساعة ونصف، مع السماح لكل أسير بالتصوير مع أقربائه كل ثلاثة شهور. 4- التجاوب مع احتياجات ومطالب الأسيرات فيما يتعلق بالنقل الخاص واللقاءات المباشرة دون حواجز. 5- إغلاق مستشفى سجن الرملة لعدم صلاحيته للمعالجة. 6- إجراء الفحوصات الدورية باستمرار والعمليات الجراحية بشكل سريع وفوري. 7- السماح بدخول الأطباء من مختلف التخصصات لمعاينة الأسرى.د 8- إطلاق سراح الأسرى المرضى والأسرى من ذوى الاحتياجات الخاصة والأمراض المستعصية. 9- عدم تحميل الأسير تكلفة المعالجة. 10- تأمين المعاملة الإنسانية للأسرى خلال تنقلاتهم بالبوسطة. 11- إرجاع الأسرى إلى السجون من العيادات والمحاكم وعدم إبقائهم في المعابر. 12- تهيئة المعابر للاستخدام البشرى وتقديم وجبات الطعام للأسرى خلال تواجدهم عليها. 13- إضافة قنوات فضائية. 14- إعادة المطابخ لكل السجون ووضعها تحت إشراف الأسرى بشكل كامل. 15- السماح بدخول الكتب والصحف والملابس والمواد الغذائية والأغراض الخاصة بالأسيرات والأسرى. 16- إنهاء سياسة العزل الانفرادي والاعتقال الإداري. 17- إعادة حق التعليم في الجامعة العبرية المفتوحة. 18- السماح للأسرى بتقديم امتحانات الثانوية العامة بشكل رسمي متفق عليه. 19- تركيب هاتف عمومي للأسرى من أجل التواصل الإنساني مع ذويهم. تخوفات إسرائيلية بعد هذا الإعلان الذي أكد فيه "البرغوثي" نيتهم الحقيقية في تنفيذ إضراب سيقوده الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أعقبتها تخوفات إسرائيلية، حيث أعربت حينها مصادر أمنية إسرائيلية عن خشيتها من تدهور الأوضاع الأمنية ميدانيا، بسبب إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام. وأوضحت حينها القناة الإسرائيلية الثانية، نقلا عن وزير الأمن الداخلي بالحكومة الإسرائيلية "جلعاد أردان" أمره بإقامة مستشفى عسكري ميداني قبالة سجن النقب الصحراوي، لضمان عدم نقل الأسرى المضربين إلى المشافي المدنية. رفض إسرائيلي للمطالب وردا على المطالب الفلسطينية، رفضت مصلحة السجون الإسرائيلية، تنفيذها، وأكدت قائلة " لن نلبي مطالب الأسرى المضربين عن الطعام، مثل حرية زيارة الأهل، وهاتف عمومي للتواصل مع العالم الخارجي، وكذلك المطالب الأخرى، وفقا لما ذكرته وقتذاك وكالة "معا" الفلسطينية توالي البيعات وبعد هذا الإعلان الذي حُرض فيه الأسرى على وجوب الإضراب في السجون الإسرائيلية، لتنفيذ مطالبهم، توالت البيعات من جميع أنحاء السجون، عونا لدعوات "البرغوثي" الذي شاركته "الجبهة الشعبية" من خلال أسيرها " كميل أبو حنيش" في الإضراب، وتوالت البيعات بعدها والمشاركة من جميع الأنحاء. وفي ذات السياق بدأ الأسرى في سجن "رامون" برنامجا إسناديا للأسرى المضربين، حيث قاموا بإرجاع وجبات الطعام، وهددوا أنّه في حال لم تستجب إدارة مصلحة السجون، سيترتب عليه خطوات أكثر تصعيدًا وصولًا لتحقيق مطالبهم. كما انضم عدد من الأسرى في سجن "النقب الصحراوي" للإضراب المفتوح عن الطعام، انتصارا لرفاقهم الأسرى المضربين عن الطعام منذ عشرة أيام، من بينهم: سامر العيساوي، ونافز بشارات، وسميح بشارات، وعامر عياد، وغازي كنعان، وإبراهيم زيادة. وأضافت اللجنة أن إدارة سجن "النقب" أقدمت على نقلهم وعزلهم. وفي وقت متلاحق، انضمت دفعة جديدة من أسرى "الجبهة الشعبية" في سجن "مجدّو" لمعركة الإضراب المفتوح عن الطعام، بلغ عددهم 20 أسيرا وفق مصادر إعلامية أعلنت وقتذاك. تنكيل إسرائيلي وبرغم هذه الإجراءات وتوالي التصعيدات من قبل الأسرى الفلسطينيون، إلا أن مصلحة السجون الإسرائيلية، واصلت إجراءاتها العقابية بحق الأسرى، خاصة المضربين منهم، حيث قامت بنقل الأسرى من عدّة سجون وعزلهم، بالتزامن مع التفتيشات المستمرة، إضافة لمصادرة الأجهزة الكهربائية، والملابس، والأغطية، وإطلاق التهديدات بفرض عقوبات إضافية. زيارة دولية وفي تلك الأثناء زار فريق من اللجنة الدولية، المعتقلين المضربين عن الطعام في سجن "نفحة"، ابريل الماضي، حيث التقى المندوبون بجميع المعتقلين المضربين عن الطعام خلال الزيارة، للاطلاع على ظروف الاحتجاز والمعاملة التي يتلقونها، كما قاموا بجمع الرسائل الشفهية من المعتقلين بهدف إيصالها لأهاليهم. كما ناقشت اللجنة الدولية نتائجها من الزيارة وتوصياتها، بشكل ثنائي وغير علني، مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وشددت اللجنة على التزامها بزيارة المعتقلين المضربين عن الطعام، حيث رفعت مستوى التأهب لديها، كما رفعت وتيرة الزيارات للسجون الإسرائيلية في ضوء الإضراب عن الطعام. أزمات صحية بينما يواصل الأسرى إضرابهم عن الطعام، وفق الاتفاق، لم يكونوا بمنأى عن الأزمات الصحية، وفي هذا أكدت اللجنة الإعلامية لمساندة الأسرى، أن الأسرى المضربين وصلوا مرحلة صحية حرجة في أسبوعهم الرابع للإضراب، لافتة إلى الأسرى يتعرضون لزيادة حالات تقيؤ الدم وضعف النظر، والإغماءات وفقدان 20ك من أوزانهم. وأوضحت اللجنة، أن تدهورا صحيا خطيرا طرأ على صحة الأسير "مروان البرغوثي" عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وقائد الإضراب الجماعي، موضحة أن ذلك أدى إلى طلب مدير سجن 'الجلمة' منه بأخذ علاج فوري، ولكنّ الأسير "البرغوثي" رفض ذلك قطعيًا. كما طلب أيضا من الأسير المضرب "ناصر أبو حميد" إقناع الأسير البرغوثي بتلقّي العلاج، إلا أنه رفض الانصياع لهم، مصرّحا بأنه إذا ما فقد الأسير "البرغوثي" الحياة فإنه 'سيموت شهيدا'، وعليه قامت إدارة السجن بنقل الأسير أبو حميد من 'الجلمة' إلى سجن "ايشل"، وفق اللجنة. أجواء خارج السجون وفي ذات السياق اندلع الخارج بالفعاليات والبيانات، تضامنا ومساندة لإضراب الأسرى، حيث دعت لجنة متابعة إضراب الأسرى عن الطعام، الذي يدخل يومه العشرين، في بيانها اليوم السبت، إلى أسبوع غضب عارم في الوطن والشتات، وإلى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وإطلاق حملة دولية ضد التغذية القسرية، والبدء بملاحقة مجرمي إدارة سجون الاحتلال، وإلى تشكيل إطار وطني لقيادة الفعل النضالي من أجل الأسرى. مظاهرات داعمة تزامنا مع ذكرى النكبة وأطلقت الدعوات أيضا في إطار مساندة ودعم الأسرى المضربين عن الطعام، حيث انطلقت التظاهرات والمسيرات، في الكثير من الأنحاء، إلا أن قوات الاحتلال واجهتها بأعمال القتل، إذ أصيب البارحة، أكثر من 10 شباب، بالرصاص، فيما أصيب الشعرات بالاختناق خلال قمع قوات الاحتلال للمظاهرات والمسيرات الداعمة للأسرى، فضلا عن إغلاق عدد من الشباب الشوارع الالتفافية التي يسلكها المستوطنون، في مدينة بيت لحم، والبيرة ورام الله. تضامن دولي من جنوب أفريقيا وأعلن تضامنا دوليا أيضا مع إضراب الأسرى، حيث أعربت نائبة وزير العلاقات الدولية والتعاون لجنوب أفريقيا، "نومينديا مفكيتو"، عن ألمها الشديد وتضامنها مع الأسرى الفلسطينيين. وأوضحت "مفكيتو"، أن كثيرين من أبناء جنوب أفريقيا، بدأوا منذ البارحة الاثنين، إضرابا رمزيا عن الطعام لمدة 24 ساعة تعبيرا عن دعمهم للأسرى السياسيين الفلسطينيين، الذين يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام لليوم 29 على التوالي. وطالب المضربون الكيان الصهيوني، وضع حد لسياسة اعتقال الفلسطينيين بدون محاكمة، معلنين احتجاجهم على الانتهاكات التي تقترفها إسرائيل بحق حقوقهم الإنسانية. وأشارت "مفكيتو"، إلى أن عدد متزايدا من اليهود الجنوب أفريقيين انضموا لهذا الإضراب عن الطعام، الذي ظل مدة 24 ساعة، احتجاجا على السياسات التمييزية الإسرائيلية، موضحة أن هذا الموقف يذكرهم برفاقهم البيض في جنوب أفريقيا، الذين رفضوا السماح لحكومة الفصل العنصري بأن تتحدث باسمهم، قائلة" نرجو أن تساعد مساهمتنا في رفع عزيمة الأسرى السياسيين الفلسطينيين وعائلاتهم". صبر واستمرار وبدخول اليوم الثلاثين للإضراب، يستمر الأسرى الفلسطينيون في عقدهم العزم على مواصلة الإضراب، علّه يكون نقطة ضغط، تنفذ من خلاله مطالبهم، أمام تعنت وجبروت الكيان الإسرائيلي، الذي يرفض بالأساس عقد أية مشاورات أو مفاوضات تخص هذا الشأن. وأوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم، أن الأسير "مروان البرغوثي" سيبدأ الامتناع عن شرب الماء في خطوة تصعيدية ضد حكومة الاحتلال وتعنتها، موضحة أن "البرغوثي" يُصر على تحقيق جميع المطالب جملة وتفصيلا، قائلة "لا مساومة ولا تنازل عن هذه المطالب الذي يدفع الأسرى ثمنا كبيرا من أجل تحقيقها".