بعد الصراعات التى شهدتها المنطقة العربية فى2011، وما تبعها من أحداث دموية طالت العديد من الدول بمنطقة الشرق الأوسط، وسط تزايد مطرد فى أعداد التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، التى استغلت حالة الانفلات الأمنى خلال السنوات العشر الأخيرة. كان لزاماً على مصر أن تقود الدول المتضررة من تزايد وتيرة العنف والإرهاب فى المنطقة، وأن تجمعهم على قلب رجل واحد من أجل تحقيق مصالح تلك الدول، وذلك من خلال تجمع دول الساحل والصحراء. يهدف التجمع إلى تعزيز التعاون الاقتصادى والثقافى والسياسى والاجتماعى، إلا أن المتغيرات التى تشهدها دول التجمع، بما تطرحه من تحديات وتهديدات تؤثر على أمنها واستقرارها من ناحية، والمنطقة بصفة عامة من ناحية أخرى، فرضت ضرورة التعاون والتنسيق بين دول التجمع فى مجالى الأمن والدفاع، وذلك من خلال استراتيجية شاملة. تستند الاستراتيجية على إقامة اتحاد اقتصادى شامل، ضمن مخطط تنموى متكامل مع مخططات التنمية الوطنية بكل دولة، بهدف تعزيز الأمن الجماعى، ومعالجة النزاعات، وتعزيز ثقافة السلم، ومكافحة التهديدات التى تشهدها المنطقة، وتتكامل استراتيجية دول التجمع مع استراتيجيات الاتحاد الإفريقى، والاتحاد الأوروبى، والأمم المتحدة. كما وقعت مصر على مشروع المعاهدة المنقحة للتجمع، وسعت لإدخال تعديلات جوهرية على الجهود التى يقوم بها فيما يتعلق بتعزيز السلم والأمن فى المنطقة، وكانت مدينة شرم الشيخ قد شهدت العام الماضى، الاجتماع الخامس لوزراء دفاع دول الساحل والصحراء، إلى جانب وفود لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، كما يشارك فى التجمع أكثر من نصف دول القارة الإفريقية «27 دولة»، ويمتد الفضاء الجغرافى الخاص بالتجمع من شرق القارة إلى غربها، ومن شمال إفريقيا إلى إفريقيا الوسطى جنوبا. يضم التجمع مجلس الأمن والسلم، ويتكون من وزراء الدفاع والخارجية للدول الأعضاء، ويتولى وضع استراتيجية أمنية، والإشراف على تنفيذ ما فى نطاقه، إلى الامتداد والتواصل الجغرافى بين الدول المشاركة، ويهدف إلى مراعاة التنوع فى طبيعة الأرض والمناخ وتعدد المواد الطبيعية، كما يهدف إلى عضوية التجمعات الاقتصادية الرئيسية والفرعية للقارة الإفريقية. قال اللواء أركان حرب هشام الحلبى، الخبير العسكرى والاستراتيجى، والمستشار العسكرى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن مصر تستهدف من التجمع تبنى رؤية لمكافحة الإرهاب والتطرف، وتضافر وتكاتف الجهود الدولية والإقليمية لمكافحته، من خلال مقاربة شاملة تجمع بين النواحى الأمنية والعسكرية، إلى جانب النواحى الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية، ومن ثم فإن مصر تحرص على الانضمام لجميع التحالفات والمسارات الإقليمية والدولية التى تصب فى هذا الهدف. وأضاف أن مصر تتبنى استراتيجة وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب، ترتكز على معالجة القضايا التى توفر البيئة المناسبة لنمو الإرهاب والتطرف، وتحصين المجتمع ضد استقطاب الشباب، وعدم اقتصار إستراتيجة مكافحة الإرهاب على البعد الأمنى فقط، بالإضافة إلى أن مصر تراعى إستراتيجية الدول الوطنية لمكافحة الإرهاب، وخصوصية كل مجتمع، وتضمن مشاركة جميع وزارات وأجهزة الدولة، وقوة المجتمع المدنى فى صياغة وتطبيق تلك الاستراتيجية، والاتفاق حول تعريف واضح ومحدد للإرهاب، واحترام خيارات الدول والشعوب فى تحديدها للجماعات الإرهابية والمتطرفة. وأشار اللواء أركان حرب محمد عبد الله الشهاوى، الخبير العسكرى والاستراتيجى، مستشار كلية القادة والأركان، إلى مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لتأهيل 1000 وافد من دول التجمع بالمنشآت التعليمية العسكرية المصرية، واتخاذ مصر الإجراءات اللازمة للبدء فى إنشاء مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب، إلى جانب مبادرة لتنفيذ تدريبات مشتركة لمكافحته، تشارك فيها عناصر من القوات الخاصة لدول التجمع فى مصر، وتجرى بصفة دورية كل عامين.