بعد مرور 44 عام علي حرب اكتوبر المجيدة ،قرر الطبيب الإسرائيلي آفي عوري، والذي خدم في سيناء أثناء الحرب ان يشارك قصته في مقال شخصي نُشر في صحيفة "هآرتس" العبرية لتكون دليلا علي بطولة ونبل ضباط الجيش المصري الذي شهد له اعداؤه قبل حلفاؤه. يبدأ عوري قصته قائلا"بعد مرور أربعة أيام بلا نوم ، كنت متعبا، جائعا وعطشا، اتنفس بصعوبة، وكانت من حولي جثامين لإسرائيليين ومصريين، خرجت للمرة الأولى منذ بدء الحرب بحثا عن الماء، الأشخاص أو عن حظي.
كان عوري يخدم في نقطة عسكرية على ضفاف قناة السويس التي تم تفجيرها قبل يومين من ذلك، وقُتل كل من كان في هذه النقطة. عندما خرج من منطقة النقطة العسكرية، مرت بالقرب منه سيارة كان فيها جنود مصريون. فنزلوا من السيارة، اصطفوا في صف، وشهّروا سلاحهم صوبه. ولكن قبل لحظة من إطلاق النار صوبه وقتله، وصلت سيارة جيب وفيها ضابط مصري وامرهم بعدم تصويب السلاح نحوه. اقترب الضابط المصري من عوري وطلب منه ألا يتحرك، قال عوري للضابط باللغة العربية بصوت خافت "أريد أن أشرب الماء". من دون أن يقترب الضابط من عوري نقل له وعاء فيه ماء ليشرب، وهكذا أنقذ الضابط حياة عوري في المرة الأولى، ولكن فجأة دوت أصوات تفجيرات، فنقل الضابط وساقه عوري وركضوا مع بقية الجنود المصريين إلى النقطة العسكرية التي تم تفجيرها سابقا واختبأوا في منطقة بين جثث الجنود الإسرائيليين.
حاول عوري أن يسأل الضابط متحدثا بالإنجليزية والقليل من العربية، عن سبب الانفجارات والقصف، فأخبره الضابط أن الجنود معنيون بقتله، فلم يندهش من ذلك ثم نقله الضابط وساقه رغم استمرار التفجيرات، إلى سيارة الجيب وفروا من المنطقة، وكانت تلك المرة الثانية التي انقذ الضابط المصري فيها عوري. تمت تغطية عيني عوري ورُبطت يديه ونُقل إلى منطقة عسكريّة مصرية، شاهد من حوله ضبّاط وجنود مصريين وتم التحقيق معه، واضطر إلى إثبات أنه ليس طيار ه بل هو طبيب كان في الموقع منذ التفجيرات، قبل يومين من ذلك. بعد ذلك نُقِل عوري إلى منطقة قناة السويس ومن هناك اجتازها بواسطة قارب زودياك. عندما حاول الانتقال من السفينة إلى خارج القناة سقط إلى داخل الماء بسبب ضعفه، وشعر أنه على وشك الغرق. ولكن فجأة شعر بأيدي تشده من شعره، وتم إخراجه من القناة.حيث تم إنقاذ حياته للمرة الثالثة.
اختتم عوري قصته متساائلا مَن هو الضابط الذي أنقذ حياته؟ ولماذا بذل كل هذا الجهد لإنقاذه؟ ورغم مرور 44 عاما علي تلك الواقعة إلا أنه لم يجد إجابة لتساؤلاته.