أبرز مشكلاتها سوء الإدارة وتدنى الكفاءة وضعف الإنتاج وتردى الخدمة بدأت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فى مناقشة الحساب الختامى لعام 2015/2016 للهيئات الاقتصادية التابعة للحكومة، وذلك بمشاركة 7 لجان برلمانية بهدف بحث آلية سداد مديونيات تلك الهيئات، وتنوعت اقتراحات النواب ما بين الخصخصة والاستعانة بشركات أجنبية لإعادة الهيكلة وغيرها. وحسب أحدث بيانات للبنك المركزى، فإن صافى مديونيات الهيئات العامة ارتفعت بدرجة خطيرة لتتضاعف بعد خصم أرصدتها لدى البنوك من المديونية، وتصل ل119 مليار جنيه فى نهاية سبتمبر الماضى، منها 22 مليار جنيه مديونية اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مقابل 58.4 مليار جنيه فى يونيو 2014، وذلك بنسبة زيادة تبلغ 104% خلال عامين ونصف العام. وتشمل مديونية ماسبيرو 65.7 مليار جنيه، أرصدة لدى الجهاز المصرفى و53.3 مليار جنيه قروضا من بنك الاستثمار القومى. ويبلغ عدد الهيئات الاقتصادية العامة فى مصر، 50 هيئة وتتوزع على معظم القطاعات الإنتاجية والخدمية، منها هيئة البترول وهيئة التنمية الصناعية وهيئة الاستثمار وهيئة البريد والسكة الحديد والموانئ وقناة السويس وغيرها. وتتركز المصروفات وإيرادات أنشطة الهيئات فى بعضها وأهمها: العامة للبترول والقومية للتأمين الاجتماعى وقناة السويس والعامة للسلع التموينية والقومية للبريد والمجتمعات العمرانية الجديدة والقومية لسكك حديد مصر. وتؤثر مشكلات تلك الهيئات على موازنة الدولة بشكل كبير حيث تمثل إيراداتها الجزء الأكبر من الإيرادات غير الضريبية التى تحصلها الموازنة بعيداً عن الضرائب بمختلف أنواعها والجمارك والمنح المحصلة من الداخل والخارج، إذ إن الفوائض والأرباح التى تحققها هذه الهيئات وشركات قطاع الأعمال العام وإيرادات الحكومة العامة تمثل نسبة 31% من إجمالى بند الإيرادات. ووفقاً لمشروع الموازنة العامة الجديدة لعام 2017/2018 شهدت إيرادات الهيئات الاقتصادية بدون هيئتى البترول وقناة السويس وأرباح البنك المركزى تراجعاً ب4.7 مليار جنيه لتسجل 5 مليارات جنيه مقارنة بنحو 9.7 مليار جنيه كانت مقدرة فى مشروع موازنة العام المالى الحالى 2016/2017. وقدرت الحكومة أن يصل العجز الكلى للهيئات للسنة المالية الحالية 2016/2017 فى ضوء الإنفاق والإيرادات لنحو 207.4 مليار جنيه وهو ما ارتفع عن المقدر بموازنة 2015/2016 بنحو 23.9 مليار جنيه بنسبة 13.1%. ويتركز العجز فى 4 هيئات فقط هى اتحاد الإذاعة والتليفزيون والقومية لسكك حديد مصر وهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وهيئة النقل العام بالقاهرة. وبدلاً من أن تمد الهيئات الموازنة بأرباح وإيرادات تقوم الموازنة بتوجيه إعانات ومساهمات للهيئات قدرت بنحو 129.1 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى وتركزت فى 3 هيئات وهى، العامة للبترول والعامة للسلع التموينية والقومية للتأمين الاجتماعى، وتم تقدير الخسائر فى موازنات الهيئات لعام 2016/2017 بنحو 37.5 مليار جنيه مقارنة بنحو 24.3 مليار جنيه خسارة فى موازنة عام 2015/2016. وقام معهد التخطيط القومى برئاسة الدكتور عبد الحميد القصاص، بإعداد دراسة بإشراف من الدكتور إبراهيم العيسوى، وفريق بحثى عن أوضاع الهيئات الاقتصادية العامة لخصت مشكلاتها وأساليب معالجتها. وأكدت الدراسة أن الهيئات تعانى مما يعانى منه القطاع العام حيث تعتبر أحد مكوناته مثل مشكلات سوء الإدارة وتدنى الكفاءة وضعف الإنتاجية وسوء الخدمات المقدمة وقلة الحوافز الممنوحة للعاملين. وطالبت الدراسة بإعادة النظر فى تصنيف بعض الهيئات باعتبارها اقتصادية من عدمه، فالبعض منها خدمى، كما اقترحت الدراسة حلولاً منها إعادة النظر فى تسعير بعض المنتجات أو الخدمات المقدمة من الهيئات دون الإخلال بالجانب الاجتماعى وتحويل بعض المديونيات المستحقة لدى بنك الاستثمار القومى إلى مساهمة فى رأسمال هذه الهيئات بما يحافظ على ملكيتها العامة ويخلصها من عبء المديونية، وإعادة النظر فى القوانين المنظمة لعمل تلك الهيئات لتقليص السلطات الواسعة الممنوحة لمجالس إدارتها. العامة للبترول تختص الهيئة العامة للبترول، بتوفير جميع المنتجات البترولية للسوق المحلية وتقدر مصروفاتها بنحو 265.7 مليار جنيه وإيراداتها بدون إعانة الخزانة العامة لتمويل فرق السعر الاقتصادى بنحو 257.3 مليار جنيه، بعجز يصل ل8.4 مليار جنيه، وتم إدراج إعانة لها لتمويل فرق السعر الاقتصادى بنحو 35 مليار جنيه. ويقدر إجمالى ما يؤول للخزانة العامة من الهيئة فى مشروع موازنة 2016/2017 من ضرائب ورسوم وإتاوات ودمغة وفائض حكومة بنحو 47.3 مليار جنيه. وأوصى خبراء معهد التخطيط القومى فى الدراسة، بإعادة النظر فى طبيعة العلاقة بين موازنة الدولة والهيئة للتعرف على حجم الدعم الحقيقى الناتج عن الفرق بين التكلفة الحقيقية لتوفير المنتجات البترولية وبين الأسعار الجبرية لهذه المنتجات. القومية للتأمين الاجتماعي تبلغ مصروفات نشاط الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، نحو 177.5 مليار جنيه، بينما تقدر إيراداتها الجارية بنحو 127.4 مليار جنيه، بعجز جارى «إعانات» يصل ل50.1 مليار جنيه. قناة السويس تقدر مصروفات هيئة قناة السويس، بنحو 32 مليار جنيه فى حين تقدر إيراداتها بنحو 56.4 مليار جنيه وبذلك يبلغ الفائض الجارى لها نحو 24.4 مليار جنيه، وتشكل إيرادات النشاط الجارى للهيئة 10.7% من إجمالى إيرادات موازنات الهيئات الاقتصادية. العامة للسلع التموينية تقدر مصروفات الهيئة العامة للسلع التموينية، بنحو 59.4 مليار جنيه ولا تغطى إيراداتها سوى بنسبة 30.8% من مصروفاتها، ويصل العجز الجارى لها ل41.1 مليار جنيه والذى يمول بالكامل عن طريق الإعانات من موازنة الدولة. القومية للبريد تقدر مصروفات الهيئة القومية للبريد، بنحو 19.9 مليار جنيه بينما تبلغ الإيرادات 20.3 مليار جنيه وتحقق فائضا قدره 0.4 مليار جنيه. المجتمعات العمرانية الجديدة تقدر مصروفات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بنحو 25.4 مليار جنيه بينما تبلغ إيراداتها 31.8 مليار جنيه، وتحقق فائضا قدره 6.4 مليار جنيه. القومية لسكك حديد مصر تقدر مصروفات الهيئة، بحوالى 8.5 مليار بينما تبلغ الإيرادات 4.1 مليار بعجز يصل إلى 4.4 مليار جنيه وذلك خلال عام 2016/2017. وتبلغ مديونيات الهيئة نحو 47 مليار جنيه. مقترحات برلمانية من جهتها أوصت لجنة الخطة والموازنة، بالبرلمان، الحكومة بإعداد موازنات الهيئات الاقتصادية وفقاً لأسلوب موازنة البرامج والأداء بحيث يمكن ربط إيراداتها ومصروفاتها بمشروعات وبرامج وأنشطة محددة وإعداد مؤشرات ومقاييس لتقييم الأداء مالية وغير مالية بشكل ربع سنوى وذلك سعياً لرفع معدلات الكفاءة. وطالبت اللجنة بإعداد دراسة مفصلة لكل هيئة اقتصادية تشمل تحليلا متكاملا لعناصر المصروفات والإيرادات بغرض خفض التكلفة وزيادة الإيرادات، ما يؤدى لزيادة حجم الفائض للهيئات. واقترحت اللجنة أن تقوم كل هيئة بإعداد خطة استراتيجية متكاملة توضح رؤية ورسالة وأهداف الهيئة وعرض الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق الأهداف فى ضوء نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة والمخاطر. وطالب الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة، الحكومة بوضع حلول عاجلة لجدولة مديونيات تلك الهيئات وأبرزها السكك الحديد ومترو الأنفاق خاصة أن عليها مديونيات لبنك الاستثمار القومى تبلغ فوائدها 14% وبعد إضافة غرامات التأخير ترتفع ل19%. واقترح ياسر عمر، وكيل اللجنة، تصفية مديونيات هذه الهيئات عن طريق تبديل ديونها بأصول «عقارات وأراضي» مثل أن تقوم هيئة السكة الحديد بمنح أراض لوزارة الكهرباء مقابل الديون المستحقة على الهيئة.
