تستمر الحرب التركية الأوروبية إلى ذات اللحظة، فحرب التصريحات بين الطرفين لم تهدأ بعد، ولا تزال هناك مشاحنات ومشاكسات، يبدو أنها لن تنتهي إلا بحدث جلل، يوضع في الاعتبار من قبل البعض، وهو ما يعجل بسؤال ملح في هذا التوقيت، يرتبط بمدى عزم أردوغان وسعيه في استعادة الإمبراطورية العثمانية أمام أوروبا. إستدعاء لتفسير تصريحات أردوغان الإرهابية حيث استدعت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، السفير التركي لتفسير تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان بشأن أمن المواطنين الأوروبيين. وأوضحت الناطقة باسم الاتحاد الأوروبي "مايا كوسيانسيتش" لقد طلبنا من المندوب الدائم لتركيا لدى الاتحاد الأوروبي المجيء إلى المكتب الأوروبي للعمل الخارجي، الجهاز الدبلوماسي للاتحاد لأننا نرغب في الحصول على تفسير. تهديدات أردوغان وكان أردوغان قد صرح تصريحات نارية، قبل يومين، حيث هدد الأوروبيين بأنهم لن يهنئوا بالأمن والأمان، وحذّر بها، الأوروبيين في أنحاء العالم بأنهم لن يتمكنوا من السير بأمان في الشوارع إذا استمر موقفهم الحالي من بلاده، قائلا "إذا استمرت أوروبا على هذا المنوال فلن يتمكن أوروبي في أي جزء من العالم من السير بأمان في الشوارع، ونحن نطالب أوروبا باحترام حقوق الإنسان والديمقراطية" وفق تعبيراته. حرب مستمرة وتستمر حرب التصريحات ما بين الجانبين، ففي الوقت الذي تتهم فيه أوروبا أردوغان بالتأسيس للديكتاتورية، يستمر أردوغان هو الآخر في تهديداته، حتى أن الأمر وصل إلى تأكيده بأن تركيا قد تراجع بعد استفتاء أبريل علاقاتها مع أوروبا، مشددا أن تركيا لم تعد تتقبل ضغوطًا لاعتبارات تتصل باتفاق المهاجرين الذي تم التوصل إليه لمنع المهاجرين غير الشرعيين، من العبور إلى اليونان مقابل مساعدات مالية وتسريع محادثات العضوية في الاتحاد الأوروبي، معلقا على العضوية بقوله "عملية العضوية في الاتحاد الأوروبي لم تعد تهدد تركيا"، مضيفا أن بلاده لن تسمح من الآن فصاعدًا لأي أوروبيين على أراضيها بالتجسس تحت ذرائع مختلفة. تساؤلات وتبرز العديد من التساؤلات حول مدى ارتباط تصعيد أردوغان مع أوروبا وتنفيذ خططه في استعادة الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى، عبر هذا الاستفتاء الذي يحتاج إلى مؤازرة كل تركي سواء بالداخل أو الخارج وهو الأمر الذي لا ترضاه أوروبا. بعيدة عن استعادة الإمبراطورية وفي ظل التساؤلات السابقة يؤكد الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، أن التحدث عن استعادة الإمبراطورية العثمانية من قبل أردوغان، ومدى ارتباطه بتصاعد الحرب مع أوروبا، يأتي بعيدا عن الواقع، مشيرا إلى أن اردوغان لا يعمل هذا من أجل استعادة إمبراطوريته على حساب أوروبا، كما يعتقد. وأضاف في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن الحرب الحالية ما بين أوروبا واردوغان كشفت ما بداخل النفوس، وما هو مدفون بين الجانبين، لافتا إلى أن أردوغان يشعر بمرارة بسبب عدم انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي. تدخل أمريكا لضبط العلاقات مرة أخرى وعن نظرتهما لبعض، قال غباشي، إن النظرة قائمة على المصالح، حيث ترى أوروبا في أردوغان أنه بوابة تحجز عنها سيل المهاجرين واللاجئين، وهي حارس لهم، ونتيجة للاستفزاز الحاصل ظهر خلال تلك الحرب ما هو بينهم من نوايا سيئة. وبيّن أن تركيا تدرك تماما أن أوروبا لن تسمح لها أن تدخل الاتحاد الأوروبي، ومن ثم بدأ أردوغان يلجأ إلى روسيا، لافتا أن تلك الحرب ستتخذ أشكالا، إلا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستتدخل لتنهي هذا الخلاف، نظرا لقاعدة انجرليك التي تعد القاعدة الأهم للناتو، فضلا عن ملف اللاجئين الذي يهم أوروبا أيضا. ملفات يتحكم بها محمد حامد، الباحث في العلاقات الدولية، والمتخصص في الشأن التركي، قال بأن تهديدات أردوغان مع كون خطورتها، إلا أن ذلك يرتبط بتحكمه بملف اللاجئين، والذي يهدد أمن أوروبا بالدرجة الأولى. حامد أضاف في تصريحات خاصة ل "الفجر"، أن إقبال أردوغان غير المسبوق على تلك التصريحات والتهديدات، هو قدرته في استشعار إرهاب أوروبا وتهديد أمنها، لافتا إلى أنه يرى في نفسه شرطي أوروبا الجديد للحماية من الإرهاب واللاجئين والمهاجرين. وبيّن أن تركيا تمارس دور ابتزاز أوروبا بكل الأشكال والصور حيث تناور بأوراق تسليم معلومات عن الإرهابيين، والتي تنطلق من تركيا إلي أوروبا قادمة من سوريا والعراق، قائلا "ما قصده اردوغان اليوم هو التذكير بملفات القوة وأوراق اللعبة التي يتحكم بها في مواجهة أوروبا، والتي تأتي ما بين الابتزاز والمساومة".