رفاعى طه وأحمد سلامة مبروك مهندسا عملية «توحيد» التنظيمات السورية المسلحة تحت راية القاعدة قبل اغتيالهما "دولة القاعدة"، هى القنبلة الجديدة التى تستعد جبهة "فتح الشام - النصرة سابقاً" والتنظيمات والفصائل الإسلامية المسلحة فى سوريا، لإلقائها فى وجه الجميع، إيذاناً بميلاد كيان جديد، قد يحمل اسم "الهيئة الإسلامية السورية "، بنفوذ غير مسبوق لرجال أيمن الظواهرى، فى سوريا والمنطقة، وببصمة "جهادية" مصرية وإخراج تركى!. وذلك وفقاً للأنباء التى بدأ تداولها بالفعل، بشأن النجاح فى إتمام الاتفاق حول الاندماج الكامل بين التنظيمين الأكبر فى سوريا وهما "أحرار الشام" و"فتح الشام" وغيرهما من التنظيمات المسلحة الأصغر، فى الكيان الجديد، المتوقع أن يشهد سيطرة أكبر للطرف "القاعدى"، الأكثر نفوذا على الأرض. المعلومات التى تم تسريبها تفيد بأن الاتفاق، الذى لم يعلن عنه رسمياً حتى الآن، يشترط على جميع الفصائل والأطراف المشاركة فيه حل نفسها، والتماهى الكامل فى الكيان الجديد، بما فى ذلك التخلى عن جميع المسميات التنظيمية القديمة، وتسليم المقرات، وتوحيد القضاء الشرعى وتأسيس مجلس شورى للهيئة، من قيادات التنظيمات المندمجة، على أن يتولى قيادة تلك الدولة الناشئة فى شمال سوريا، أبوعمر تفتناز قائد أحرار الشام، وأن يكون القائد العسكرى لها هو أبو محمد الجولانى. المعلومات إن صحت، فإنها تترجم بما لايدع مجالاً للشك، أن الانقسامات داخل حركة "أحرار الشام"، مهدت لاندماج لم يكن ليتم، تأسيساً على خلاف "أيديولوجى" جوهرى، طالما استمر بين الجماعتين، وطالما كان مثارا للشكوك والمناوشات بينهما أيضاً، وتمثل فى إصرار لدى "أحرار الشام" على تقديم نفسها كقوة "قومية" سورية محلية، فى مقابل "جبهة النصرة"، التى قدمت نفسها كفرع لقوة إرهابية عالمية هى تنظيم "القاعدة"، فى الداخل السورى. من ناحية أخرى، فإنه من المرتقب، أن تكون لحظة الإعلان الرسمى عن "الهيئة الإسلامية السورية" وتحولها إلى واقع حقيقى على الأرض، هى نفسها لحظة "عودة الروح " و"الميلاد الجديد" لنفوذ تنظيم القاعدة فى بلاد الشام. وذلك فى "أوج" أزمة التنظيم العجوز الذى أصبح يعانى من الحضور الباهت فى عهد زعيمه الحالى أيمن الظواهرى، ناهيك بتراجع نفوذه أمام تنظيم " داعش" الذى احتل المشهد الإرهابى بكامله، بدءا من مشاهد القتل والحرق والترويع، وعمليات الذئاب المنفردة، والسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضى، وصولاً إلى نجاح "داعش" فى اقتناص "البيعة" لنفسه من فروع تنظيم "القاعدة"، حيث تنصلت غالبية فروع "القاعدة" من بيعتها للظواهرى، وأعلنوا ولاءهم للبغدادى بمن فيهم "أنصار بيت المقدس" فى مصر و"بوكو حرام" فى نيجيريا، خاصة أن "القاعدة" قد سبق أن منيت بالصدمة الكبرى بعد أن اضطرت "جبهة النصرة / فتح الشام" على إعلان فك الارتباط بينهما، على لسان أبو محمد الجولانى قائد التنظيم الذى خرج فى فيديو مصور، وعن يمينه القيادى الجهادى المصرى الراحل أحمد سلامة مبروك، وفى سابقة هى الأولى من نوعها، ليعلن ذلك بنفسه، أملاً فى توفيق أوضاعه السياسية فى سوريا. أما الآن فيبدو أن الجولانى "رأس حربة القاعدة فى بلاد الشام" قد حقق هدفه أخيرا وذلك بعد جولات مكوكية واجتماعات لم تتوقف طيلة الشهور الماضية لإقناع قيادات الفصائل المستعصية على الاندماج معه فى كيان واحد، وبعد أن اضطر إلى التنازل عن قيادة هذا الكيان، مقابل إبرام الاتفاق. مجهودات الجولانى لم تكن لتحقق أى من أهدافها فى كل الأحوال، إلا بفضل مهارة بطلى اللعبة الأكبر فى الكواليس، وهما القيادات التاريخية المصرية فى تنظيم "القاعدة" أولا، وكذلك تركيا التى باتت تبحث عن كروت ضغط جديدة لها على الأرض، خاصة بعد انتهاء شهر العسل بينها وبين تنظيم" داعش"، فى سبيل ذلك بذلت كل ماتملك من نفوذ وأدوات لتحويل هذا الاندماج بين الفصائل الإسلامية المسلحة إلى واقع فعلى وملموس. فيما لم يجد تنظيم "القاعدة"، وكذلك تركيا التى ضغطت بكل وسائلها على مدار عام ونصف العام على الفصائل الإسلامية المسلحة الموالية لها فى سوريا، وقدمت كل ما تملك من وسائل الدعم لإبرام الاتفاق، سفراء أفضل من نجوم "الرعيل الأول"، وحواريى "أسامة بن لادن"، من القيادات التاريخية المفرج عنها حديثا، من أصحاب التأثير الطاغى على جمهور المجاهدين" فى العالم، لتحقيق التأثير المطلوب وإذابة أى خلاف ممكن، وأداء دور "الوساطة" بنجاح، خاصة بين "جبهة النصرة" و"أحرار الشام". كانت تلك هى المهمة السرية التى دفع رفاعى طه "أبوياسر" قائد الجناح العسكرى السابق للجماعة الإسلامية و قيادى تنظيم القاعدة، حياته ثمناً لها، إبريل الماضى، فى ريف "إدلب"، عن طريق استهداف سيارته بطائرة أمريكية بدون طيار، كانت تحاول منع الصفقة التى تنذر بميلاد كيان إرهابى جديد على الأرض قد لايمكن السيطرة عليه بعد ذلك، وتردد وقتها أن طه كان يقود بنفسه جبهة " أحرار الشام"بعد وفاة قائدها آنذاك. وكان رفاعى طه قد انتقل معه من تركيا للمشاركة فى نفس المهمة، محمد شوقى الإسلامبولى قيادى الجماعة الإسلامية والقاعدة وشقيق خالد الإسلامبولى، قاتل الرئيس الراحل أنور السادات، حيث انتقل كلاهما معاً إلى هناك عبر "تركيا"، الراعى الرسمى للصفقة، غير أنهما سافرا إليها هربا من مصر بعد فض اعتصام رابعة العدوية. نفس المصير كان أيضا من نصيب، أحمد سلامة مبروك "أبو الفرج المصرى"، الذراع اليمنى لأيمن الظواهرى فى تنظيم الجهاد وقائد تنظيم الجهاد فى أذربيجان، والذى ظهر صراحة فى فيديو لجبهة النصرة(فتح الشام لاحقاً) بعد سفره إلى سوريا، وتردد أنه فى ذلك الوقت كان يشغل منصبا قياديا مهما بالجماعة، حتى مقتله فى أغسطس الماضى. نفس الحال مع سيف العدل المصرى، وهو الضابط السابق محمد إبراهيم مكاوى، القائد العسكرى الأشهر لتنظيم القاعدة ومسئول استخباراتها، والرجل الثالث فى التنظيم فى حياة أسامة بن لادن، والمنافس الوحيد لأيمن الظواهرى أيضا على زعامة تنظيم القاعدة بعد مقتل أسامة فى آبوت آباد الباكستانية عام 2011، وصاحب المؤلفات والمرجعيات الأمنية الشهيرة للقاعدة، حيث تردد أنه توجه بدوره أيضاً إلى سوريا بغرض دعم "جبهة النصرة/ فتح الشام"، والمشاركة فى مهمة الوساطة، فور إفراج إيران عنه. بات واضحا للعيان إذن أن الجولانى قد أعلن فك الارتباط مع تنظيم القاعدة، وحول تنظيمه من "جبهة النصرة" إلى "فتح الشام"، كحيلة سياسية لا أكثر آنذاك، وأملاً من جانبه فى إيجاد مكان للجبهة فى الخريطة السياسية المستقبلية، والحصول على نصيب من الكعكة فى سوريا الجديدة بعد بشار الأسد، خاصة فى مواجهة السعى الروسى المستميت وقتها فى منع التنظيم من إعادة صياغة نفسه كقوة معارضة مسلحة والتنصل من هويته الحقيقية كفرع لتنظيم إرهابى عالمى، بحيث منعتها من الجلوس على أى مائدة مفاوضات تخص التسوية السياسية فى سوريا. لكن.. بعد أن فشلت هذه الحيلة فشلا ذريعاً، اضطرت "فتح الشام " للعودة إلى قواعدها من جديد، بصفتها عصا موسى التى ستبتلع جميع الفصائل الإسلامية المسلحة الأخرى، لصالح تنظيم "القاعدة"، فإن ذلك أصبح ينذر بتحول تكتيكى خطير على الأراضى السورية. كما ينذرأيضاً بتحول لتلك التنظيمات المسلحة هناك من مجرد ممارسة العنف لأهداف محلية، إلى ماهو أبعد من ذلك بتكرار نموذج جديد من "داعش"، من حيث "توسعية" الأهداف فى المنطقة، وكذلك الانزلاق لأهداف "الجهاد العالمى" بعد انضوائها تحت لواء تنظيم"القاعدة" صاحب نظرية " قتال العدو البعيد "، والممثل داخل التحالف الجديد بجبهة "فتح الشام" التنظيم الأقوى، والأكثر نفوذاً وسيطرة.