«المساعى المشكورة» مدرسة «مبارك والجمسى».. و«خرابة ومسرح للجرائم» «الفجر» رافقت «النيابة الإدارية» خلال مداهمة المدرسة الأقدم بالمنوفية ■ غياب جميع الطلاب باستثناء 25.. ومكان خاص لتدخين السجائر وكشوف مزورة لتسجيل حضور المدرسين ■ صدأ بخزانات المياه.. وأسلاك الكهرباء مكشوفة .. والحجارة تتساقط من الأسقف على رءوس التلاميذ.. وأسلحة بيضاء ب«الحوش» كانت "الفجر" شاهداً على أكبر وأول معاينة وتحقيق تجريه النيابة الإدارية برئاسة المستشار على رزق فى تاريخ وزارة التربية والتعليم، لضبط المخالفات والفساد الواضح فى مدرسة «المساعى المشكورة العسكرية للبنين» واحدة من أكبر وأعرق المدارس فى محافظة المنوفية، ومصر، والتى تخرج فيها كبار رجال الدولة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، منهم مبارك نفسه والمشير عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة العمليات فى حرب أكتوبر، وغيرهما العشرات، وهو التحقيق الذى كشف عن وجود فساد إدارى ضخم وجرائم بالجملة تتم داخل المدرسة حولتها لخرابة. الخيط الأول الذى جلب النيابة الإدارية إلى مدرسة مبارك، استغاثة مقتضبة، من طالب بالمدرسة فى أحد البرامج التليفزيونية، والتى رصدها مركز معلومات النيابة الإدارية، وبعدها تم اتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث تواصلت "الفجر" مع المركز وتحدثنا مع المستشار أحمد رزق، عضو النيابة وطلبنا متابعة الشكوى ومرافقة النيابة فى موقع الحدث رغم تحفظات الهيئة خشية تسرب المعلومات. وتم التنسيق مع المستشار جمال قطب، نائب رئيس الهيئة، ومدير نيابة شبين الكوم قسم أول بمحافظة المنوفية، والذى قام بتشكيل فريق عمل، تحت إشرافه ضم المستشار أحمد عزت وكيل أول النيابة والمستشارين محمد يوسف ومحمد صلاح وكيلا النيابة، للقيام بهذه المهمة، التى سبقها إجراء فريق من النيابة تحريات حول المدرسة لتحديد ساعة الصفر لمعاينة المدرسة التى تأسست فى عام 1906 بجهود أهلية، ووضع آلية العمل اللازمة خلالها. والمدرسة تمتلك واحدا من أكبر المعامل الطبية، والملاعب الرياضية، وبها ملعب كرة قدم وفق قانون اللعبة وملاعب تنس وكرة سلة، وغيرها من الرياضات المختلفة، وحصلت فرق المدرسة على بطولات عديدة فى عهود سابقة قبل الانهيار والفساد الإدارى الضخم الذى أصابها وحولها لأشبه ب"خرابة" أكثر من كونها "مدرسة". وعندما دقت الساعة 10.30 صباح الأحد الماضى، توجه فريق النيابة و"الفجر" إلى مقر المدرسة بمرافقة قوة من الشرطة للحماية وتأمين المعاينة ورصد الفساد الإدارى والجرائم، حيث رصد الفريق عدم وجود أى حراسة أو إشراف على بوابة المدرسة المفتوحة دون رقيب، وبجوارها غرفة صغيرة داخلها شخص نائم، تبين أنه حارس بديل للحارس الأساسى دائم الغياب. وفى فناء المدرسة كان أحد المدرسين ممسكا ب"خرزانة" كبيرة، تم تحريزها، أما محمد إبراهيم الدسوقى، مدير المدرسة، رقم 46 فى تاريخها، فبمجرد رؤيته لفريق النيابة بمكتبه أسرع محاولا إخفاء شىء أسفل مكتبه، فتوجه رئيس أول النيابة المستشار أحمد عزت، لفحص ما أخفاه الدسوقى فاكتشف أنه "خرزانة طويلة" على هيئة "عكاز"، فتم تحريزها فوراً. وانتقل فريق النيابة لمعاينة جميع الفصول ومرافق المدرسة بالكامل، وسماع أقوال الطلاب والمدرسين والتحقيق مع مدير المدرسة، والتحقيق الفورى فى جميع الوقائع ورصد جميع وقائع الفساد الإدارى والمخالفات والجرائم الموجودة، وتحرير محاضر ضبط وإثبات حالة وتحريز لدفاتر الحضور والانصراف والغياب للطلاب والمدرسين، وكذلك الجداول المقررة، وهى المعاينة التى استمرت 5ساعات ونصف الساعة. كشفت المعاينة عن العديد من وقائع الفساد الإدارى والجرائم، والتى قيدت فى قضية برقم 738 لسنة 2016، وأظهرت المعاينة أن المرحلة الأولى للثانوية تضم 13 فصلاً والمرحلة الثانية تضم 16 فصلاً والمرحلة الثالثة تضم 14 فصلا، ويضم كل فصل من 45 ل50 طالباً بإجمالى 2000 طالب لم يكن موجوداً منهم سوى 25 طالبا فقط وذلك فى 6 فصول من بين 43 فصلاً، فيما غاب طلاب الصف الثالث بالكامل، كما تواجد طالب واحد فى أحد الفصول تبين أنه طالب أردنى الجنسية، من أم مصرية. وكشفت المعاينة عن وجود تآكل وصدأ فى خزانات المياه بما يهدد الصحة العامة للطلاب، ووجود تآكل فى أجزاء من سقف أحد المبانى بالمدرسة، وتساقط بعض الحجارة على فناء المدرسة، ما يهدد حياة الطلاب، والحمامات لا تحتوى على أماكن صرف أو أحواض غسيل أو خراطيم مياه، وتفتقد الحد الأدنى للنظافة ومعدات المراحيض الأساسية. وأظهرت المعاينة وجود أسلاك كهربائية مكشوفة فى أكثر من موقع، سواء داخل الفصول أو فى طرقات المبنى، ما يعرض حياة الطلاب للخطر، بخلاف أن الكشافات الرئيسية لفناء المدرسة وطرقات الفصول والفصول لا تعمل. كما أظهرت المعاينة أن مدير المدرسة يعتدى على الطلاب بالضرب والسب والقذف والإهانة بألفاظ خارجة كما تم ضبط عدة "خرزانات" مع عدد من المدرسين، ومنهم المدرس الذى ضبط فى فناء المدرسة، ويدعى (محفوظ. ن.) وهو مدرس أحياء، بخلاف شكاوى عديدة من حالات الاعتداء على الطلبة داخل المدرسة. كما تبين أيضا أن بعض الفصول ليس بها مدرسون من الأساس، ورغم ذلك يتم إثبات حضور طلبة ومدرسين غير موجودين، كما أن كشف الغياب مخالف للواقع، ومدير شئون الطلبة غير موجود، ويتم إعداد جداول وهمية للطلاب الحاضرين، وأن وكيلة المدرسة تقوم بالتوقيع بالحضور والانصراف بدلاً من زملائها المدرسين دون حضورهم. ومن الوقائع الغريبة التى كشفتها معاينة النيابة الإدارية، هو عدم وجود "كانتين" داخل المدرسة لشراء المشروبات والمأكولات، وأن الطلاب يحضرون معهم المأكولات والمشروبات، سواء من المنزل أو المحال المجاورة للمدرسة، كما كشفت المعاينة أيضا عن وجود مكان بجوار أحد مبانى المدرسة خصصه الطلاب لتدخين السجائر. كما تبين أن أبواب المدرسة مفتوحة لجميع الطلاب للدخول والخروج فى أى وقت، ولا يمنعهم أحد سواء من الحراس أو المشرفين أو المدرسين أو حتى العساكر أو الضابط المشرف على المدرسة كونها مدرسة عسكرية. كما كشفت معاينة النيابة الإدارية عن وجود آلية أخرى للهروب خارج المدرسة، إذا تم التضييق على الطلبة فى الخروج، فى حالات نادرة للغاية، وهو عن طريق منطقة ينخفض فيها ارتفاع السور وبجوارها بعض "المواسير" و"الديسكات" بناحية البوابة الخلفية للمدرسة، بالإضافة إلى وجود "نافذة" يمكن من خلالها المرور والخروج من المدرسة. واستمع فريق النيابة لأقوال عدد من الطلبة المتواجدين، والذين تنوعت شكاواهم حيث أجمعوا على أن مدير المدرسة دائم التعدى على الطلبة بالضرب والسب، وأن أحد مدرسى مادة اللغة الفرنسية جمع أموالاً من الطلبة مقابل منحهم درجات النجاح فى امتحانات المدة. وروى الطلاب واقعة تعدى مدرس لمادة الإنجليزى على طالب "قزم" على رأسه بالعصا، لاعتراض الطالب على توجيه المدرس الإهانات له والسخرية منه، وأن الطلاب احتجوا على هذا المدرس، وتم نقله من التدريس إلى فصل آخر بعد الواقعة التى أغضبت الطلاب. كما روى الطلاب إحضار بعض الطلاب للأسلحة البيضاء داخل المدرسة، وكان آخرها الأسبوع الماضى، حيث أحضر أحد الطلاب "خنجرا"، واستعرض به داخل المدرسة دون أى محاسبة. وروى بعض الطلاب أيضا معاناتهم من التعرض للضرب، ومنها تعدى مدرس لمادة الجغرافيا يدعى (عبدالحليم س.) بالضرب على أحد الطلاب، وكذلك قيام مدرسة مادة "الحاسب الآلى" بالتعدى على طالب فى معمل، وهو ما أقره الزملاء الآخرون له المتواجدون بالفصل، وكذلك معاناتهم من عدم دخول الحمامات المتهالكة غير الآدمية، لدرجة أن هناك شبه إجماع من الطلاب أنهم لم يروا حمامات المدرسة، وأنهم يأخذون كل الاحتياطات قبل المجىء للمدرسة. وخلال معاينة النيابة الإدارية للمدرسة، وقعت مشاجرة بين "سناء .م" عاملة و"فاطمة. ط" الإدارية بقسم شئون العاملين، لاتهام الأولى للثانية بالتلاعب بدفاتر الحضور والانصراف، وأنها تقوم بالتوقيع للمدرسين والعاملين بالمدرسة دون أن يكونوا حاضرين من الأساس، وتعديا على بعضهما بالسب، ووصل الأمر إلى التشابك بالأيدى. وأثبت رئيس النيابة الإدارية المستشار أحمد عزت الواقعة بمحاضر القضية، وحقق فوراً فيها داخل المدرسة، واستمع إلى أقوال السيدتين اللتين اشتبكتا معاً، وبعدها استمع إلى شهود الإثبات الذين كانوا حاضرين للواقعة، كما تحفظ على جميع الدفاتر الخاصة بالواقعة، وحرزها ضمن القضية، تمهيدا لمعاينتها وكشف ما بها من تلاعبات مخالفة للواقع وتحديد المسئولين.