من واقع 7 آلاف قضية ومحضر وبلاغ فى النيابة العامة ومباحث الأموال العامة والجهات الرقابية ■ 5 مليارات حجم الفساد المرصود خلال عامى 2014 و2015.. و3 مليارات جنيه فى 2016.. والاتهامات تلاحق رؤساء الأحياء ونوابهم ومساعديهم «فساد المحليات».. سرطان أصاب الدولة منذ عقود عديدة، وأحد أسباب انهيار الوضع الاقتصادى فى مصر، لا سيما أن إجمالى فاتورة الفساد فى إقليم القاهرة الكبرى وحده وصل إلى 8 مليارات جنيه فى السنوات الثلاث الأخيرة. وهناك أكثر من 7 آلاف قضية وبلاغ ومحضر تم تحريرها بشأن هذه الوقائع سواء فى مباحث الأموال العامة، أو النيابة العامة، أو الجهات الرقابية المختلفة، متورط فيها صغار المسئولين فى المحليات حتى كبار القيادات ورؤساء الأحياء. بداية البحث كانت مع اللواء نجاح فوزى، مساعد وزير الداخلية الأسبق ومدير الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، الذى أكد أنه خلال توليه منصبه فى عام 2014، تم رد أملاك للدولة، تتجاوز قيمتها ملياراً و100 مليون جنيه، فى عدة مناطق أبرزها حلوان ومدينة السلام والمعادى والمقطم والبساتين ودار السلام. كما تم ضبط 90 قضية فى المحليات، تنوعت ما بين استغلال نفوذ وتربح واستيلاء على أموال الدولة والمبانى الأثرية، وتربيح الغير، والتزوير، والتلاعب، والرشوة، تقدر قيمتها بمئات الملايين من الجنيهات. ووصل إجمالى تكلفة الفساد الذى تم رصده فى نهاية عام 2014 إلى 2.5 مليار جنيه، ليرتفع بدوره إجمالى القضايا المحررة إلى نحو 400 قضية، وذلك بحسب ما كشفه اللواء محسن اليمانى مساعد وزير الداخلية الأسبق ومدير الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة. ومن أروقة مباحث الأموال العامة إلى مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، حيث كشف مصدر قضائى بالمكتب الفنى، عن أن فاتورة فساد المحليات عام 2015 الذى تم رصده بموجب القضايا والبلاغات والمحاضر والتحقيقات التى تمت، وصلت أيضا بنهاية هذا العام إلى نحو 2.5 مليار جنيه. إلا أن حجم فساد المحليات بلغ ذورته خلال عام 2016، بحسب كلام مصادر بهيئة الرقابة الإدارية، بعدما وصل إلى ما يقرب من 3 مليارات جنيه، رغم أن العام لم ينته بعد، لتكون تكلفة الفساد خلال الثلاث سنوات نحو 8 مليارات جنيه، إلى جانب تحرير 7 آلاف قضية وبلاغ ومحضر. وبحسب المعلومات التى حصلت عليها «الفجر»، فهناك نحو 15 حياً بالقاهرة الكبرى شهد أكبر جرائم الفساد، هى: أوسيم، وبولاق الدكرور، وكرداسة، والزاوية الحمراء، وحى شمال الجيزة، وحى العمرانية، والمرج، وحى الوراق، والساحل، وحدائق القبة، والمعادى، والصف، والحوامدية، ومنشأة القناطر، وأطفيح». بحثنا فى النيابة العامة ومباحث الأموال العامة والرقابة الإدارية والنيابة الإدارية، عن أبرز قضايا الفساد خلال السنوات الثلاث الأخيرة فى القاهرة الكبرى وحدها، ورصدنا أبرز 10 قضايا أحيل أصحابها للمحاكمة الجنائية بالفعل، بعد ثبوت إدانتهم. القضية الأولى فى حى المطقم، التى تجاوز فيها حجم الفساد 500 مليون جنيه، حيث قام كل من رئيسى مجلس إدارة شركة المقطم للإسكان والتعمير الحالى «وقتها» والسابق له، ومحامى الشركة، بالتعاون مع مهندسين وموظفين بالحى باستغلال موقعهم الوظيفى فى الاستيلاء على 12 قطعة أرض. القضية الثانية فى حى روض الفرج، والمتهم الرئيسى فيها هو رئيس الحى نفسه المهندس محمد عبدالنبى، الذى تم إلقاء القبض عليه وإحالته للمحاكمة الجنائية، قبل أسابيع قليلة، بتهمة الحصول على رشوة من أحد رجال الأعمال لإصدار تراخيص هدم وبناء مخالفة للقانون. وأظهرت التحقيقات أنه فى واقعة واحدة قام بتزوير قرار هدم لمصنع وتحويله إلى أبراج سكنية، أهدر فيها مبلغ 4 ملايين و250 ألف جنيه على خزينة الدولة، قيمة أوراق التراخيص وحدها بخلاف تربيح الغير بالملايين. أما القضية الثالثة، فكانت بدايتها بورود معلومات لمباحث الأموال العامة، بتلاعب مسئولى أحياء العمرانية وبولاق الدكرور وجنوب الجيزة فى إصدار موافقات توصيل المرافق للعقارات المخالفة بأحياء محافظة الجيزة، بالتواطؤ مع مالكى تلك العقارات وتمكينهم من البناء دون ترخيص وتوصيل المرافق العامة. وتبين أن إجمالى الأموال الناتحة عن جرائم الفساد المذكورة فى الأحياء الثلاثة من مخالفات وتربيح الغير، وصل إلى 300 مليون جنيه. القضية الرابعة المتهم الرئيسى فيها هو المهندس محمد لطفى عبداللطيف رئيس الحى الثالث ومنطقة الدبلوماسيين بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، الذى تم القبض عليه متلبسا بتقاضى رشوة من إحدى شركات النظافة للتعاقد معها رغم عدم استحقاقها، وتربيحها الملايين. وكشفت أوراق القضية أن رئيس الحى- المحال للمحاكمة قبل أيام- كان يتلقى رشوة شهرية قدرها 10 آلاف جنيه من شركة «طيبة» للنظافة، مقابل تقديم تقارير شهرية لرئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة يؤكد فيها أن شركة النظافة تقدم مستوى عالياً من النظافة خلال فترة التعاقد معها، بالمخالفة للواقع، وذلك من أجل تجديد واستمرار التعاقد معها. وقدرت الأموال المتحصل عليها كرشاوى، وتربيح للغير، والتغاضى عن رسوم وغرامات للدولة، وغيرها من جرائم الفساد بالحى، بمبلغ تجاوز 30 مليون جنيه. القضية الخامسة فى حى المعادى، وكانت بدايتها بورود معلومات تفيد بقيام بعض مسئولى الحى بالتواطؤ مع ملاك الأراضى والعقارات التى تم بناؤها دون ترخيص وقيامهم بعدم تحرير محاضر تعدٍ على خطوط التنظيم التى توجب تحرير محاضر، وتعمد إثبات مخالفات بأسماء وهمية تمكنهم من الإفلات من العقوبة وعدم إزالة المبانى المخالفة.. وتبين من أوراق القصية، أن إحدى الوقائع تمثلت فى قيام مدير إدارة التنظيم بحى المعادى بمحافظة القاهرة، باستغلال موقعه الوظيفى والتواطؤ مع مالك قطعة الأرض الكائنة بالرقم 151 بالشارع رقم9 بالمعادى وتمكينه من بناء برج سكنى دون ترخيص وتعمده إثبات محاضر مخالفات البناء باسم شخص متوفى بهدف تمكينه من الإفلات من العقوبة وعدم إزالة العقار، ما أدى إلى الإضرار بالمال العام، وتربيح الغير دون وجه حق مبالغ تقدر ب 80 مليون جنيه. القضية السادسة فى حى النزهة، والمتهم الرئيسى فيها عبدالله الطوخى نائب رئيس حى النزهة «وقتها»، الذى تتم محاكمته حالياً، مع أشرف عبدالغنى الهراس مدير مكتب وزير الاستثمار، بتهمة الحصول على رشاوى وهدايا مقابل تخصيص وضم أراضٍ لعدد من الشركات. وتبين من التحقيقات حصول المتهمين على رشاوى بمبلغ 17 ألف دولار- نحو 250 ألف جنيه- وقلادة ذهبية، وخاتم «سوليتير» بقيمة 54 ألف جنيه، ومليون جنيه أخرى على سبيل الرشوة، لإنهاء تلك المعاملات المشبوهة المخالفة للقانون. القضية السابعة فى حى طرة، حيث تواطأ مسئول بالحى مع بعض ملاك قطع الأراضى، وتمكينهم من البناء دون ترخيص والتغاضى عن اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، وتمكينهم من الإفلات من العقوبة، يما يضر بالمال العام. وتبين من أوراق القضية قيام مهندس التنظيم بحى طرة بمحافظة القاهرة، باستغلال موقعه الوظيفى والتواطؤ مع ملاك الأراضى، واتخاذه إجراءات صورية حيالهم بتعمده عدم إثبات تعديهم على خطوط التنظيم، ما أدى إلى الإضرار بالمال العام وتربيح الغير دون وجه حق بما يصل نحو 30 مليون جنيه. القضية الثامنة المتهم الرئيسى فيها هو اللواء عبدالرحمن طاحون رئيس حى دار السلام، الذى تم القبض عليه متلبساً بالحصول على رشوة من صاحب شركة قطاع خاص تعمل فى مجال إقامة محطات تقوية لشبكات المحمول، مقابل تركيب محطة بأحد المنازل، بالمخالفة للقانون ودون اتباع الإجراءات اللازمة. وكشفت التحقيقات بعد ذلك حصوله على رشاوى من المواطنين ورجال الأعمال مقابل إنهاء أمور مخالفة للقانون، وتبين أن قيمة الجرائم المالية وصلت إلى 15 مليون جنيه. القضية التاسعة فى حى السيدة زينب، حيث قام مدير التنظيم بالحى «وقتها»، ومهندس التنظيم بالحى سابقا، ومدير إدارة التنظيم بحى حلوان حاليا، ومدير الشئون القانونية بالحى سابقا، وبعض مسئولى قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، باستغلال موقعهم الوظيفى والتواطؤ مع إحدى السيدات بحى السيدة زينب وتمكينها من الاستيلاء على عقار ذى طابع إسلامى أثرى بمنطقة السيدة زينب وهدمه دون ترخيص، ما أدى إلى إهدار 50 مليون جنيه نظير الغرامات المستحقة لخزينة الدولة. القضية العاشرة لم يمض عليها سوى أيام قليلة، والمتهم الرئيسى فيها هو المهندس فايز عبدالعزيز إبراهيم، نائب رئيس حى غرب القاهرة، والمتهم بتلقى رشاوى من مجموعة من المواطنين وتزوير محررات لتسهيل الاستيلاء على شقق وزارة الإسكان.. وكذلك تمكين المخالفين من البناء وإصدار تراخيص مزورة بالبناء والهدم، وإصدار قرارات بأسماء متوفين عن طريق التزوير، لتهرب آخرين من مستحقات مالية لدى الدولة، وقدر بشكل مبدئى إجمالى الجرائم بنحو 10 ملايين جنيه، ومازالت التحقيقات مستمرة فى النيابة العامة.