«روتانا» تبيع التراث الموسيقى والغنائى بعد أن استحوذت على النجوم المصريين محاولات قطر لشراء التراث السينمائى المصرى، حلم يراودها منذ سنوات، ومع تكرار فشل الصفقة لمرات متتالية، قررت قطر التحايل للوصول لحلمها القديم، باستغلال شركة فرنسية تدعى bn، للدخول فى صفقة شراء أسهم روتانا للصوتيات والمرئيات كاملة كما يحدث حالياً، وبالتالى تصبح bn هى المالك الجديد للشركة، والسر أن هذه الشركة فرنسية قطرية زجت بها قطر للاستحواذ على روتانا وكذلك التراث المصرى الذى تمتلكه، فى الوقت الذى تسعى فيه قطر لإطلاق شبكة تليفزنية قطرية، وقناة سينما مشفرة تعتمد فى أغلبها على أفلام التراث المصرى. وتجرى هذه الصفقة فى سرية تامة ولن تعلن عنها روتانا قبل نهاية العام الجارى، وكل هذه المستجدات تأتى لتدق ناقوس الخطر على التراث السينمائى المصرى، خاصة أن خبر بيع روتانا للصوتيات والمرئيات لم يتم تسريبه على أنه بيع لشركة منفردة، لكن ما توارد من أنباء متعلق ببيع المجموعة بأكملها. وما يقال إن المتفاوض مع الوليد بن طلال، هو شركة فرنسية، ولا أحد يذكر على الإطلاق الشريك القطرى فيها، ضماناً لإتمام الصفقة، طمعاً فى التراث المصرى الزاخر بالأعمال السينمائية الثمينة والنادرة، فى الوقت الذى تسعى فيه قطر لامتلاك قمر صناعى قطرى، كل قنواته «مشفرة» للمشتركين فقط، وترغب فى شراء مكتبة أفلام روتانا وشبكة تليفزيون العرب. وفى حال اتمام هذه الصفقة لن يكون التراث السينمائى المصرى فقط هو الواقع فى دائرة الخطر، لكن التراث الموسيقى والحاضر أيضاً، لأن الشركة تمتلك ألبومات لأغلب النجوم المتعاقدة معهم، وكانت سياستها فى الفترة الماضية تجديد التعاقد على ألبوم واحد فقط لكل فنان، وفعلت ذلك مع الفنان تامر حسنى، وسميرة سعيد وأنغام وجنات بخلاف ألبومات عمرو دياب، وهو ما يعنى أن الشركة الجديدة ستمتلك المكتبة الموسيقية المصرية والعربية وهى مكتبة ضخمة لا يستهان بها، فى الوقت الذى يتم فيه إخلاء الطابق الأول حالياً من مكتب روتانا فى القاهرة بمنطقة الزمالك دون الإفصاح عن السبب إن كان الأمر لتغيير الموقع أم أن روتانا ستغلق مكتبها فى مصر بشكل نهائى بعد اتمام صفقة البيع. والكارثة الأكبر أن شركة روتانا المملوكة للوليد بن طلال تملك أكبر شركة للتسجيلات فى العالم العربى وتدير عدة قنوات تليفزيونية، وسبق أن اشترت عام 2003 قناة الموسيقى التابعة لشبكة راديو وتلفزيون العرب ART وأصبحت بالكامل ملكاً لها لتصبح من مهام الشركة العناية بالفن السمعى والمرئى، وفى 2010 توصلت شركة روتانا للخدمات الإعلامية لاتفاق يخص بيع حصة تبلغ 9.90 بالمئة من الشركة لمؤسسة نيوز جورب التابعة لامبراطور الإعلام الشهير روبرت مردوخ مقابل 70 مليون دولار، لتعزيز وضع الشركة فى صناعة الإعلام. وكانت السيناريوهات المطروحة حينها شراء مردوخ حصة الوليد فى روتانا وتهويد المحتوى أو بيع المجموعة بأكملها لشركة فرنسية تسمى فيفاندى المعروفة سابقاً باسم «فيفاندى يونيفرسال»، وهى شركة أم فرنسية متخصصة فى مجال الموسيقى والتليفزيون والسينما والنشر، وتمتلك 100٪ من مجموعة يونيفرسال ميوزيك، لكن صفقة بيع روتانا للصوتيات والمرئيات توقفت ليحل محلها فكرة بيع مجموعة روتانا الإعلامية بالكامل. يشار إلى أن روتانا تمتلك مكتبة أفلام عربية تحتوى على أكثر من 1200 فيلم سينمائى من أفلام الزمن الجميل إلى أحدث الأفلام السينمائية، وهى أضخم مكتبة أفلام عربية فى العالم، بما يفوق 60٪ من حصة السوق ومؤخراً، وقّعت روتانا عقداً مع شركة Linux Based Digital Solution كى تضمن حفظ الأفلام رقمياً. وفى 2014 أعلنت روتانا فى حفل ضخم عن مشروع ترميم الأفلام المصرية بدعوى الحفاظ على ثروة السينما المصرية لتبقى تراثا ثميناً، وصرح وقتها الأمير الوليد بن طلال وقال إن «التراث السينمائى المصرى بين أيد سعودية أمينة». ومنذ عدة أشهر وقّعت مجموعة روتانا الإعلامية شراكات مع أهم المنتجين لإنتاج أكثر من 50 فيلماً سينمائياً عربياً فى العامين المقبلين بقيمة تقدر بحوالى 320 مليون جنيه مصرى وهدفت استراتيجية الشراكة مع المنتجين العرب إنتاج أكبر عدد من الأفلام الجديدة لإضافة قيمة لمكتبتها، التى أصبحت تضم أكبر عدد من روائع السينما المصرية الخالدة، وكم كبير من أبرز الأفلام الجديدة التى أنتجتها هذه الصناعة فى السنوات الماضية، بالإضافة إلى الإنتاجات التى دخلت مؤخراً حيز التنفيذ. ووقع اختيار روتانا على عدد من أهم المنتجين على الساحة المصرية باختلاف مدارسهم الإنتاجية أمثال المنتج أحمد السبكى والمخرج الكبير يسرى نصر الله والكاتب تامر حبيب، والمنتج وليد صبرى ومحمد حفظى وأخيراً، جددت المجموعة العقود مع شركة «الماسة»، وقامت بتجديد حقوق 50 فيلماً سينمائيا من أهم الأعمال الحديثة. ولم يكن الأمر مجرد محتوى ترفيهى فنى أو ثقافى فحسب وهناك بعداً سياسياً آخر لابد من أخذه فى الاعتبار، خاصة أن قطر وبعد الجدل الذى أثارته بقنوات لجزيرة إبان الثورات الربيع العربى أعادت ترتيب أوراقها من جديد وفكرت جديا فى جذب الجمهور العربى باطلاق مجموعة قنوات جديدة يكون مضمونها ترفيهى بعيد عن المجال الإخبارى، ورغم الغموض حول هذا المشروع الإعلامى الجديد، الذى أفصح عنه فى 2015، نشرت تقارير صحفية أن القناة سيتم إطلاقها لتعوض التراجع الذى عرفته قناة الجزيرة بعد انخفاض شعبيتها فى السنوات الأخيرة، وإنما سيطغى عليها جانب المنوعات والترفيه على شاكلة قنوات MBC السعودية التى تحظى بنسبة مشاهدة عالية فى العالم العربى، وحسب الموقع الرسمى للقناة، فإن الأخيرة عبارة عن شبكة تليفزيونية عامة، تتنوع برامجها وتتوزع بين الأخبار والبرامج السياسية والاجتماعية والثقافية والترفيهية.