«أن تموت وأنت على قيد الحياة، أصعب من أن تموت ألف مرة، أنا نفسى أرجع للحياة من تاني».. بهذه الكلمات، بدأ الشاب الثلاثينى «هيثم.م» اعترافه أمام نيابة الأموال العامة، كاشفًا عن لغز أخطر تشكيل إجرامى تخصص فى الاستيلاء على المال العام. البداية عندما قام أحد المتخصصين فى سرقة شركات التأمين بإقناع «هيثم» بحصوله على قرض بنكى بمبلغ كبير، وحصوله فى المقابل على مبلغ مائتى ألف جنيه، بعد إقناعه بأن ذلك سيستلزم عمل وثيقة تأمين على حياته، وبالفعل تم عمل وثيقة تأمين بمبلغ 8 ملايين جنيه، الجزء الخفى فى الاتفاق الشيطانى، هو استخراج شهادة وفاة ل«هيثم»؛ حتى يتمكن لص شركات التأمين من صرف مبلغ الوثيقة. وبعد فترة، أيقن «هيثم» فداحة جرمه، حيث أصبح متوفى على الورق، كل الجهات الحكومية معترفة بموته، بموجب شهادة وفاته، وتصريح دفنه، ولن يستطيع العودة للحياة مرة أخرى، بعد وقوعه فريسة لهذا التشكيل العصابى، الذى كشفت اعترافاته أمام نيابة الأموال العامة، أن هذه الواقعة لم تكن الأولى لذلك التشكيل، إذ حل اعترافه لغز القضية رقم 11038 لسنة 2015 إدارى قسم شرطة محرم بك والخاص ببلاغ المحامية هند محمد موسى بصفتها وكيلة عن الشركة المصرية للتأمين التكافلى حياة، ضد كل من «أشرف.م»، و«رشا.ر»، بتهمة تزوير شهادة وفاة، تمكنا من خلالها صرف مبلغ وقدره مليون وسبعمائة ألف جنيه، هى قيمة وثيقة تأمين على الحياة ل«أشرف» المتهم الأول، بينما حصلت «رشا» المتهمة الثانية على مبلغ قيمة وثيقة التأمين. وتوصلت تحقيقات النيابة إلى وجود شركاء لهذين المتهمين، تخصصا فى هذا الأسلوب من النصب، وصرف مبالغ مالية كوثيقة للتأمين على الحياة بعد استخراج شهادة وفاة مزورة للمؤمن عليه، ويتزعم هذا التشكيل «ى.ز» 29 سنة، ومقيم بالدرب الأحمر ومعه 7 متهمين آخرين، أغلبهم موظفين بشركات تأمين. ويتم استقطاب الأشخاص العاطلين عن العمل، واستغلال رغباتهم فى الحصول على المال السريع، ويقوم اثنان من المتهمين بإصدار سندات على خلاف الحقيقة، تثبت أنهم رجال أعمال، واستخدامها لتقييدهم بمصلحة الأحوال المدنية، لتغيير مهنتهم ببطاقة الرقم القومى، ثم يقوم المسئول عن التشكيل باعتباره أحد العملاء بالشركة المصرية للتأمين بتحديد موعد لهم مع موظفى الشركة؛ لعمل الإجراءات اللازمة لهم، لعمل وثيقة تأمين على حياتهم بمبالغ كبيرة، ويوكل أحد أعوانه بكتابة اسم المستفيد بالوثيقة فى حالة الوفاة، حتى يضمن لنفسه الحصول على نسبة من المبلغ المحصل من التأمين. وبعد مرور فترة من الوقت، يتولى أحد أفراد العصابة عمل إجراءات دخول المؤمن عليه لأحد المستشفيات الحكومية، وتزوير تقرير طبى يفيد بوفاته، وعلى أساس ذلك يتم استخراج تصريح الدفن، وشهادة وفاة للشخص المسجل باسمه وثيقة التأمين، وبعدها إقامة عزاء له، لمنع أى شكوك حول وفاته، ويرجع بعد ذلك المسئول عن التشكيل العصابى شركة التأمين لصرف قيمة الوثيقة التأمينية. واستغل أفراد التشكيل العصابى حاجة المتهم «أشرف» المالية، ونجحوا فى إقناعه بالاشتراك مع المتهمة «رشا.ر»، والتى أثبتت التحريات وجود علاقة بينهما باستخراج وثيقة تأمين ل«أشرف»، ومن ثم استخراج شهادة وفاة له، للحصول على قيمة وثيقة التأمين، حيث أقنع «يحيى» الاثنين بالزواج، لتكون «رشا» هى المستحقة لصرف قيمة وثيقة التأمين بعد وفاة «أشرف». وبعد سداد القسط الأول والثانى من قيمة التأمين، تم إدخال «أشرف» المؤمن عليه إلى مستشفى قصر العينى، وزور أحد أفراد العصابة تقريرًا طبيًا له، واستخراج تصريح للدفن، وبعد استخراج شهادة الوفاة، توجهت المتهمة «رشا» إلى شركة التأمين، بصفتها زوجة المتوفى المؤمن عليه، وبصحبتها محام؛ للحصول على قيمة مبلغ التأمين. وبنفس الأسلوب سبق للمتهمين صرف مبلغ مليون و950 ألف جنيه فى نوفمبر 2013، واستخراج وثيقة تأمين ل«ع.ع» مقيم بالتحرير، بمبلغ 18 مليون جنيه، وتغيير مهنته إلى صاحب مصنع لحوم وأسماك، وتغيير محل إقامته إلى منطقة حدائق القبة، واستخراج شهادة وفاة له، رغم كونه على قيد الحياة، وبالرغم من التقدم لشركة التأمين لصرف مبلغ الوثيقة التأمينية الضخم، إلا أنه لم يتم الصرف حتى الآن.