أثار مشروع قانون العمل الفرنسي الجديد الذي طرحته الحكومة الفرنسية منذ أكثر من شهرين، حالة من الجدل الواسع بين الوسائط العمالية في فرنسا، حيث خرج آلاف المتظاهرين في مظاهرات حاشدة لرفض هذا القانون، إلا أن التعامل العنيف لقوات الشرطة مع المتظاهرين خلال الأيام القليلة الماضية زار من غضب المتظاهرين، وسط توقعات البعض أن الوضع سيزداد سوءاَ خلال الأيام القليلة القادمة. وفي هذا السياق ترصد "الفجر" التطوارات الأخيرة لتظاهرات العمال في فرنسا.
قانون العمل الجديد يعتمد مشروع قانون العمل الجديد على فلسفة اقتصادية ترى أن حل أزمة البطالة يكمن في تخفيض تكلفة العمل عبر تخفيض القيود على تسريح العاملين، إلا أن القانون يحتوي على الكثير من المواد الخلافية التي أثارت غضب العمل الفرنسيين، وأدت إلى تفاقم الوضع لما هو عليه الآن.
المواد الخلافية للقانون وتضمنت التعديلات التي أدخلتها الحكومة الفرنسية عدة بنود أثارت النقابات العمالية والشعب ضدها، وأبرز نقاط الخلاف فى المشروع بين الحكومة والنقابات؛ الطرد التعسفي، حيث ينص مشروع القانون الجديد على تحديد سقف التعويضات التي تصرف للعامل فى حالة تسريحه، وكذلك بند الطرد لأسباب اقتصادية، حيث ينص على تسريح العمال فى حال الأزمات الاقتصادية، ويربطه المشروع بانهيار رأسمال المقاولات أو تراجع استثمارتها لبضعة أشهر. كما يُعد بند تحديد ساعات العمل فى المقاولات الصغرى، من المواد الخلافية، حيث يهدف المشروع إلى فتح المجال أمام المقاولات الصغرى التى لا يتجاوز عدد عمالها الخمسين لمناقشة إمكانية الرفع من ساعات العمل مع الأجراء على انفراد، إلا أن النقابات ترفض ذلك وترى أنها وسيلة لرفع ساعات العمل بدون مقابل، إضافة َ إلى بند الاتفاقات التنافسية، ويقضي المشروع بفتح حوار بين إدارة المقاولة والنقابات لأجل التوصل لاتفاق لتعديل وقت العمل أو إعادة النظر فى التعويضات فى حال رغبت المقاولة فى الرفع من إنتاجها لتلبية طلبات الزبائن. والعمال الذين يرفضون ذلك يكونون معرضين للطرد، وهو ما اعتبرته النقابات ابتزازا. وأخيراَ بند تعديل وقت العمل، حيث أن ساعات العمل أسبوعيا يمكن أن تنتقل إلى 46 ساعة لمدة 16 أسبوعا، مقابل 12 أسبوعا فى الوقت الحالي، لكن هذا لا يتم إلا باتفاق بين إدارة المقاولة والنقابات التى تمثل 50 بالمئة من العمال على الأقل، أو باستفتاء داخلى تدعو إليه نقابات تمثل 30 بالمئة من العمال.
تعديلات على القانون وعلى غرار التظاهرات التي خرجت اعتراضاَ على هذا القانون، تراجعت الحكومة عن بعض البنود التي كان من المقرر أن يتضمنها التعديل الخاص بقانون العمل والذى أثار غضب النقابات العمالية والشبابية وخاصة فيما يتعلق بالتسريح العشوائى من العمل. وأزيلت من النسخة الجديدة من النص الفقرة المتعلقة بتحديد سقف للتعويضات التى يمكن للقضاء طلبها من رب العمل فى حالة التسريح التعسفى، وهو ما كانت كل النقابات رفضته.
أعمال عنف وشهدت فرنسا الخميس الماضي، أعمال عنف تخللت التظاهرات الحاشدة، التي نظمت للمرة الرابعة في خلال شهرين، في العديد من المدن الفرنسية ضد مشروع قانون العمل و أسفرت عن توقيف 213 شخصًا و إصابة 74 شرطيًا من بينهم حالات خطيرة، فضلًا عن تدمير عدد من الممتلكات العامة و الخاصة. كما فقد متظاهر إحدى عينيه خلال المواجهات التي اندلعت الخميس الماضي، على هامش المسيرات بين قوات الأمن و محتجين في مدينة رين غرب فرنسا.و لا تزال التحقيقات جارية من قبل الإدارة العامة للتفتيش التابعة للشرطة الوطنية للوقوف على ملابسات إصابة هذا الشاب.
مسيرات تزامناَ مع عيد العمال وانطلقت مسيرة كبرى من ساحة "باستيل" بباريس وسط أجواء من التوتر الشديد ضمت مجموعات من الشباب ترتدي زيًا أسودًا و أقنعة قامت بترديد هتافات معادية للشرطة الفرنسية و مطالبة بالتخلي نهائيًا عن مشروع قانون العمل و رافضةً أي تعديل أو تفاوض بشأنه. وتخللت المسيرة مناوشات دفعت قوات الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في تلك المسيرة التي دعت إليها الكونفدرالية العامة للعمل وعدد من النقابات العمالية والطلابية. كما ساد هدوء حذّر في مسيرات نظمت بمناطق متفرقة من فرنسا من بينها تولوز و بوردو و مارسيليا و ليل و ليون وكذلك في رين حيث قام المحتجون باقتحام إحدى دور السينما.
تعليمات وزير الداخلية وكان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف قد أصدر السبت الماضي، تعليمات لمختلف القيادات الأمنية الفرنسية لاتخاذ عدد من التدابير الوقائية لمنع التجاوزات خلال التظاهرات المرتقبة بمناسبة الأول من مايو. ووجه كازنوف بحظر المسارات التي تشكل خطرًا وباتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتصوير عمليات التدخل و بالاستخدام المتناسب و المشروع للقوة عند الضرورة القصوى.
اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين وحدثت اشتباكات بين شبان والشرطة الفرنسية بشوارع باريس خلال تظاهرات عيد العمال، حيث قامت الشركة الفرنسية بإطلاق قنابل الغاز على المتظاهرين من أجل فض التظاهرات، كما قامت قوات الأمن بالتصدى للأشخاص الذين يقومون بأعمال شغب وعنف، حيث تعاملت قوات الأمن بشكل عنيف مع المتظاهرين، كما رصدت عدسات بعض وسائل الإعلام صوراً لعناصر الأمن وهم يقومون بدهس المتظاهرين بالأحذية. على صعيد آخر أعلن المتظاهرون عن غضبهم الشديد من الطريقة العنيفة التى يتعامل بها أفراد الأمن معهم، فحدثت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن وحدث تراشق بالحجارة من جانب المتظاهرين، مما دفع قوات الأمن إلى الرد عليهم بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، من أجل التصدى لأعمال الشغب والعنف.
اعتقال 1000 شخص وقال وزير الداخلية برنار كازنوف، إن العدد الإجمالى للمحتجزين بلغ 214، وأصيب 78 من رجال الشرطة أحدهم حالته خطيرة. وأضاف كازنوف إن نحو ألف شخص اعتقلوا منذ اندلاع الاحتجاجات فى مارس الماضي، ورفض الدعوات لشن حملة شاملة.
المناقشة بالبرلمان وعلى غرار استمرار الاحتجاجات، قرر مجلس النواب مناقشته فى مجلس النواب المُقرر اتعقادها غداَ الثلاثاء.