عُرف منذ طفولته بالشجاعة والكياسة والفطنة، فانتخبه والده ليمثله في المحافل الدولية في سنٍ مبكرة، واستمر في خدمة والده ووطنه وشعبه طوال حياته، فشهدت له ميادين الكفاح بسداد البصيرة وبسالة الروح، وانبهرت به صالات السياسة بالدهاء وجسارة الإصرار. «فيصل بن عبد العزيز آل سعود» هو الابن الثالث لمؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ولد في مثل هذا اليوم في الرابع عشر من إبريل 1906، في مدينة الرياض، وتربى في بيت جديه لأمه الشيخ « عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ» و«هيا بنت عبد الرحمن آل مقبل»، وتلقى على يديهما العلم وذلك بعد وفاة والدته وهو بعمر الستة شهور. حياته ونشأته أدخله والده الملك عبد العزيز في السياسة في سن مبكرة، حيث أرسله في زيارات للمملكة المتحدة وفرنسا مع نهاية الحرب العالمية الأولى وكان وقتها بعمر ثلاثة عشر «13» عاماً، كما رأس وفد المملكة إلى «مؤتمر لندن» بعام 1939 حول القضية الفلسطينية والمعروف بمؤتمر المائدة المستديرة، وعلى المستوى المحلي قاد القوات السعودية لتهدئه الوضع المتوتر في عسير وذلك في عام 1922. وفي عام 1925 توجه جيش بقيادته لمنطقة الحجاز، واستطاع تحقيق النصر والسيطرة على الحجاز، وأثناء توليه وزارة الخارجية طلب من الملك عبد العزيز قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة وذلك بعد قرار الأممالمتحدة القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، ولكن طلبه هذا لم يجاب، وفي 9 أكتوبر 1953 أصدر والده الملك عبد العزيز أمراً بتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى كونه وزيراً للخارجية، وذلك بعد تعيين الأمير سعود رئيسًا للوزراء.
الملك فيصل آل سعود وزيرا للخارجية كانت رحلة الملك فيصل آل سعود ومهمته الأولى إلى إنجلترا، وفي اليوم التالي لوصوله غادر البلاد فورًا إلى باريس، وكان ذلك بسبب تصرف اللورد كرزون الذي أمر بتقديم حلوى للطفل القادم من الصحراء، وأسرعت السلطات البريطانية بالاعتذار للأمير الشاب، وبدأ الأمير يناقش وضع السعودية والعرب مع الحكومة الإنجليزية، ومن ثَمّ عرفت الحكومة البريطانية أنها في مواجهة رجل يمثل أمه. والتقى الملك فيصل آل سعود بالملك والملكة البريطانيين، وعاد لبلاده بعد جولة أوربية واسعة، وبعد قليل عاد إلى بريطانيا ليعقد معاهدة جديدة بين بلاده وبريطانيا وذلك في عام 1927م، لتعترف بموجبها بريطانيا بسيطرة بلاده على كافة أراضي الجزيرة العربية تقريبًا باستثناء المحميات الخليجية والجنوبية.
الملك فيصل والطريق إلى العرش تُوفي مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز آل سعود في ربيع الأول 1373ه/ نوفمبر 1953م، وتولى الحكم الابن الأكبر سعود، وذلك وفقًا لنظام الدولة، ولكنه وافق أن يتخلى لأخيه الفيصل من رئاسة مجلس الوزراء، وذلك كان بنصيحة من العلماء والأمراء. وقد وجد الملك فيصل آل سعود الدولة تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، فبلاده تعاني من ديون طائلة لشركات البترول، ونظام العلاوات النفطية لأمراء البلاد (300 أمير)، والبذخ في الإنفاق على الدور والقصور يجفف موارد الدولة، وذلك على الرغم أن مواردها ليست بالقليلة، ولم يستطع الملك فيصل إصلاح الأمر؛ وذلك بسبب تدخل الملك في شئون الحكم باستمرار. ووصل الأمر بالملك أن حاصر بقوات عسكرية قصر فيصل، ووجه فوهات المدافع على القصر، فما كان منه (فيصل) إلا أنه نزل إلى هذه القوات بسيارته -رغم تحذير حاشيته له- وما إن وصل عندها حتى اصطف الجميع لأداء التحية العسكرية، ومثل هذه التصرفات دفعت الأمراء لاقتحام قصر الملك، وأجبرته على التنازل عن كافة سلطاته لفيصل (وقد أخبره أن فيصل رفض أن يقوم بعزله وتوليته) وذلك في عام 1958م، ولكن الأمراء عام 1964م أجبروا الملك سعود على التنازل تمامًا عن العرش، وصار فيصل بن عبد العزيز ملكًا على السعودية، ناهيك عن كان محور السياسية الخارجية. مواجهة الاتحاد السوفيتي عمل من أجل التضامن الإسلامي في مواجهة كافة الأخطار، سواء الشرقية (الاتحاد السوفيتي في هذا الوقت)، أو الغربية، أو المؤامرات الصهيونية، أو الدعوات والمذاهب المناقضة للإسلام، و دعم حركة المقاومة الفلسطينية دعمًا ماديًّا وسياسيًّا، وكان هدفًا أساسيًّا في حركة الملك فيصل على النطاق الآسيوي والإفريقي أن يعمل على حشد التأييد للحق الفلسطيني، وقطع الاتصال مع الكيان الصهيوني، إضافة أنه كان بطل معركة الحظر البترولي عن الدول المساندة لإسرائيل في أثناء حرب 1973م، وعلى الرغم من التحذيرات الغربية والأمريكية فكان له موقف مشهود، أثمر تغيرًا في توجهات كثير من الدول الغربية، وكان يكرر مقولته التي بدأنا بها هذه السطور لكافة المسئولين الغربيين، وعندما هددته الدول الغربية باستخدام القوة للسيطرة على منابع البترول، ردّد: «ماذا يخيفنا؟ هل نخشى الموت؟ وهل هناك موت أفضل وأكرم من أن يموت الإنسان مجاهدًا في سبيل الله؟! أسأل الله سبحانه أن يكتب لي الموت شهيدًا في سبيل الله». وفاته في يوم الثلاثاء الموافق 25 مارس من عام 1975، قام الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود بإطلاق النار عليه وهو يستقبل وزير النفط الكويتي عبد المطلب الكاظمي في مكتبة بالديوان الملكي وأرداه قتيلًا، وقد اخترقت إحدى الرصاصات الوريد فكانت السبب الرئيسي لوفاته، ولم يتأكد حتى الآن الدافع الحقيقي وراء حادثة الاغتيال لكن هنالك من يزعم بأن ذلك تم بتحريض الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة بسبب سياسة مقاطعة تصدير البترول التي انتهجها في بداية السبعينات من القرن العشرين بعد حرب أكتوبر، وهناك من يزعم أيضاً أن القتل كان بدافع الانتقام لأخية الأمير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الذي قتل في منزله على يد قوات الأمن السعودية في فترة تولي الملك فيصل للحكم.