وزيرة شئون البحر الفرنسية تشيد بتنظيم مصر لCOP24: مصر تقود مرحلة جديدة من حماية المتوسط    نائب رئيس حزب المؤتمر: مصر ثابتة على موقفها الرافض للتهجير القسري للفلسطينيين    شاهد بالبث المباشر مجانًا مانشستر يونايتد ووست هام اليوم في الدوري الإنجليزي 2025    غلق كلي بشارع 26 يوليو بالاتجاه القادم من كوبري 15 مايو لمدة 3 أيام    أول تعليق من أحمد مراد بعد هجوم الجمهور عليه بسبب فيلم الست    وزير العدل يلتقي وفدًا من ممثلي مصلحة الخبراء لبحث مشاكلهم    ضبط متورط في شراء الأصوات بمحيط إحدى لجان قنا    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    دار الإفتاء: البشعة ممارسة محرمة شرعا ومنافية لمقاصد الشريعة    فوز قطاع الطب الوقائى والصحة العامة بالمركز الأول بجائزة التميز الحكومي العربى    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    بعد هجمات البحر الأسود.. تركيا تستدعى سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسى لمنع توسع دائرة التصعيد    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    خالد الجندي يكشف الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد(فيديو)    منذ الساعات الماضية .. مجلس الزمالك فى اجتماع مفتوح لإنقاذ النادى من أزماته الحالية    كيف تحمين طفلك من برد الشتاء ومشاكل الحساسية؟    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    65 دقيقة.. حامد حمدان بصاروخية لا تصد ولا ترد يقلص النتيجة . فلسطين 1-2 تونس    عزاء سعيد عبد الواحد مرشح انتخابات النواب عن إمبابة غدا فى منطقته    وزارة الشباب والرياضة تنهى تقاريرها عن وفاة السباح يوسف محمد    تأثير الموسيقى.. كيف تغير المزاج وتزيد التركيز؟    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    محافظ أسيوط: تسليم شهادات البرنامج التدريبي بوحدة أبوتيج المتنقلة خطوة للتمكين الاقتصادي    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    بعد حصوله على جائزتين بمهرجان القاهرة.. فيلم ضايل عنا عرض يستكمل عروضه ما بين روما وقرطاج    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المداراة نصف العقل
نشر في الفجر يوم 25 - 01 - 2016

لم يخلق الله سبحانه البشر متشابهين في كل شيء، لابد من اختلاف بينهم ولو كانت المقارنة بين التوأمين، وإن أشد ما تجد من اختلاف ما يكون بين الطباع والآراء والقناعات والعقول.
إذا كان الأمر كذلك وكان الاختلاف سنة كونية ماضية فلابد من التعامل بنوع من العقل والحكمة لا سيما عند الاختلاف.
ولا بأس أن تبذل شيئا من دنياك من أجل صلاح دنياك أو آخرتك أو صلاحهما معا، وهذا ما يسميه العلماء بالمداراة، كما ذكروا أيضا أن المداراة هي الملاينة والملاطفة، وفي تعريف آخر هي خفض الجناح للناس، ولين الكلام لهم، وترك الإغلاظ لهم في القول، والمداراة الدفع برفق.
والفرق المهم جدا بين المداراة المندوبة والمداهنة الممنوعة هو أن المداراة تكون ببذل الدنيا لصلاح الدنيا والدين أما المداهنة فهي بذل الدين لإصلاح الدنيا.
قال الحسن البصري: (كانوا يقولون: المدَاراة نصف العقل، وأنا أقول هي العقل كلُّه).
وعن وُهيب بن الورد قال: ( قلت لوهب بن مُنبِّه: إني أريد أن أعتزل الناس. فقال لي: لا بدَّ لك من الناس وللناس منك؛ لك إليهم حوائج، ولهم إليك حوائج، ولكن كن فيهم أصم سميعًا، أعمى بصيرًا، سكوتًا نطوقًا).
ويقول محمد بن الحنفية، قال: (ليس بحليم من لم يعاشر بالمعروف، من لا يجد من معاشرته بدًّا، حتى يجعل الله له فرجًا، أو قال: مخرجًا).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: (إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم، وإنَّ قلوبنا لتلعنهم).
وعنه أيضًا رضي الله عنه قال لزوجته: (إذا غضبت فَرَضيِّني، وإذا غضبت رضيتك، فإذا لم نكن هكذا ما أسرع ما نفترق).
وقال معاوية رضي الله عنه: (لو أنَّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، قيل: وكيف؟ قال: لأنهم إن مدُّوها خلَّيتها، وإن خلَّوْا مددتها).
أغمض عيني عن صديقي كأنني . . . لديه بما يأتي من القبح جاهل
وما بي جهل غير أن خليقتي . . . تطيق احتمال الكره فيما أحاول
متى ما يربني مفصل فقطعته . . . بقيت ومالي في نهوضي مفاصل
ولكن أداريه ، وإن صح شدني . . . فإن هو أعيا كان فيه تحامل
عن عروة بن الزبير، أنَّ عائشة أخبرته أنَّه استأذن على النَّبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال صلى الله عليه وسلم: "ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة. فلما دخل ألان له الكلام. فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول. فقال: أي عائشة، إنَّ شرَّ الناس منزلةً عند الله من تركه- أو ودعه- الناس اتقاء فحشه" (رواه البخاري ومسلم).
قال المناوي رحمه الله : (أي لأجل قبح فعله وقوله، أو لأجل اتقاء فحشه، أي: مجاوزة الحدِّ الشرعي قولًا أو فعلًا، وهذا أصل في ندب المدَاراة إذا ترتب عليها دفع ضرٍّ، أو جلب نفع، بخلاف المداهنة فحرامٌ مطلقًا، إذ هي بذل الدين لصلاح الدنيا، والمدَاراة بذل الدنيا لصلاح دين أو دنيا، بنحو رفقٍ بجاهلٍ في تعليم، وبفاسقٍ في نهيٍ عن منكر، وترك إغلاظ وتألُّف، ونحوها مطلوبةٌ محبوبةٌ إن ترتب عليها نفع، فإن لم يترتب عليها نفع، بأن لم يتقِ شرَّه بها كما هو معروف في بعض الأنام فلا تشرع).
وقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهنَّ خلقن من ضِلع، وإنَّ أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا".(رواه البخاري ومسلم).
قال ابن حجر رحمه الله: (وفي الحديث الندب إلى المدَاراة لاستمالة النفوس، وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهنَّ، والصبر على عوجهنَّ، وأنَّ من رام تقويمهنَّ فاته الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها، ويستعين بها على معاشه، فكأنَّه قال: الاستمتاع بها لا يتمُّ إلا بالصبر عليها).
وقال صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس اتقوا الله، وإنْ أُمِّر عليكم عبد حبشي مجدَّع، فاسمعوا له وأطيعوا، ما أقام لكم كتاب الله".(الترمذي وقال حسن صحيح).
قال المباركفوري: (فيه حثٌّ على المدَاراة، والموافقة مع الولاة، وعلى التحرز عما يثير الفتنة، ويؤدي إلى اختلاف الكلمة).
مداراة الأعداء للحذر من شرهم :
قال الماوردي - رحمه الله تعالى - : (إذا كان للإنسان عدو وقد استحكمت شحناؤه ، واستوعرت سراؤه ، واستخشنت ضراؤه ، فهو يتربص بدوائر السوء انتهاز فرصة ويتجرع بمهانة العجز مرارة غصة ، فإذا ظفر بنائبة ساعدها ، وإذا شاهد نعمة عاندها ، فالبعد عن هذا حذرا أسلم ، والكف عنه متاركة أغنم ، لأنه لا يسلم من عواقب شره ، ولا يفلت من غوائل مكره إلا بالبعد عنه أو مداراته . وقد قال لقمان لابنه : يا بني ، كذب من قال إن الشر بالشر يطفأ ، فإن كان صادقا فليوقد نارين ، ولينظر هل تطفىء إحداهما الأخرى ، وإنما يطفىء الخير الشر كما يطفىء الماء النار .
وأما إذا كان هذا العدو لئيم الطبع خبيث الأصل فمثل هذا لا يستقبح الشر ، ولا يكف عن المكروه فهذا حاله أطم وضرره أعم ولا سلامة من مثله إلا بالبعد عنه والانقباض ، ولا خلاص منه إلا بالصفح والإعراض لأنه كالسبع الضاري في سوارح الغنم وكالنار بطبع لا يزول ، وجوهر لا يتغير).
قال الله سبحانه: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} [طه: 43-47].
قال ابن كثير: (هذه الآية فيها عبرة عظيمة، وهو أن فرعون في غاية العتو والاستكبار، وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أُمر ألا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين).
هذا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.