2015 عام الصدمة ل"السلفيين" .. ودخول الدعاة المعترك السياسي قضى على دعوتهم "داعش" تنظيم يعتنق عقيدة الخوارج .. وسيكون لهم رد فعل على اعدامات "السعودية" الأخيرة خلافات الإخوان "مصطنعة".. والجماعة تمر ببوادر للتأسيس الثالث لها التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب "غامض" .. وبعض الدول المشاركة لا تمتلك جيشاً أكد مصطفى حمزة، رئيس مركز دراسات الإسلام السياسي والباحث في الشؤون الإسلامية، في حواره أجرته معه "الفجر"، أن تراجع التيار الإسلامي من على الساحة السياسية يعود إلى الممارسات السياسية الخاطئة للإسلاميين، أثناء ثورة 25يناير، وما بعدها من حكم جماعة الإخوان المسلمين، وتأييد ومساندة السلفيين لهم، كما أن السياسة كانت سبباً في القضاء على طريقهم الدعوي، مؤكداً أن خلافات الإخوان المسلمين في الداخل والخارج وهمية، لافتاً إلي أن داعش ليست دولة ولا يوجد اعتراف دولي بهم.. وإلى نص الحوار.. - بداية ما سبب تراجع تيار الإسلام السياسي في مصر ؟ أنا اعترض على مصطلح "إسلام سياسي" من الأساس لأن معنى أن هناك شيء بهذا الاسم فإنه يدل على أنه سياسي وهذا يعني أنه يوجد إسلام سياسي وإسلام اقتصادي وإسلام حضاري وإسلام اجتماعي وغيره، وهذا غير صحيح فالإسلام كدين يشمل النواحي المختلفة للحياة. وشهد عام 2015، تراجعاً ملحوظًا لما يعرف بالتيار الإسلامي بكل فصائله، إلى أن هذا التراجع يعود إلى الممارسات السياسية الخاطئة للإسلاميين، أثناء ثورة يناير، وما بعدها من حكم جماعة الإخوان المسلمين، وتأييد ومساندة السلفيين لهم. وأن عام 2015م الذي ودعناه كان بمثابة عام الصدمة لدى قطاع كبير من السلفيين التابعين لحزب النور ومدرسة الإسكندرية، بعد الفشل الذي لحقهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لاسيما فشلهم في الفوز بقائمة الإسكندرية –معقل دعوتهم- والتي كانت تحمل أسماء كبار قيادات الدعوة، مما دعاهم لتعليق تراجعهم على تفشي المال السياسي. كما أن تراجع الإسلاميين انعكس على فقد الإخوان قدرتهم على الحشد للتظاهر، وفشل جميع دعواتهم التي تبنوها خلال العام الماضي، إلا أن مظاهر تراجع هذا التيار تتمثل في النطاقين السياسي والدعوى، وأن دخول الدعاة المعترك السياسي والانشغال في إدارة المعركة السياسية قضى على جزء كبير من دعوتهم، فانسحب الإخوان بشكل كامل من المساجد، وتبعهم أغلب أبناء التيار السلفي، من أتباع مدرسة الإسكندرية وحزب النور، مما أفقدهم ثقة الناس فيهم كدعاة متجردين إلى الله، هدفهم هداية الخلق إلى الحق، وإنما انكشف القناع وظهر أنهم طلاب سلطة. - كيف ترى تمدد الدولة الإسلامية "داعش" وما هو مستقبلهم ؟ أرى أن هناك خطأ كبير من بعض الباحثين الذين يطلقون على "داعش" مسمى دولة، فهي ليست بدولة وإن توافر لها الأركان الرئيسة للدولة وهي الأرض والشعب والدستور، حتى وإن توافرت من دون الاعتراف الدولي فلا تكون الدولة دولة، وكله يجمع على أنه لا يوجد اعتراف دولي لها والدليل على هذا أنه لا يوجد لها جواز سفر رسمي للتنقل من دولة لأخرى إلا بجوازات مضروبة . وعلى الرغم من هذا إلا أنها التيار الوحيد الذي تمدد عالمياً خلال العام الماضي، وهو تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق والشام "داعش"، وإن كان تمدداً مؤقتاً، وهو خارج نطاق الدولة المصرية، باستثناء عناصر قليلة يتواصل الجيش المصري في حصدها خلال معركته معهم في سيناء، كما يستهدف السيطرة على المملكة العربية السعودية، ويعتبرها من أهم الدول المرشحة لتكون منطقة توحش وصراع، وأنها تتمدد وتتغذى وتنمو في البيئة الطائفية، لذلك تسعى لتأجيج نيران الصراعات السنية الشيعية داخل المملكة. والتنظيم الإرهابي يعتنق عقيدة التكفير في أبشع صوره، وهو التكفير بالولاء والتبعية، ولذلك يكفرون أئمة الحرمين الشريفين، ويحرمون الصلاة خلفهم، باعتبارهم مرتدين، لولائهم وتبعيتهم للدولة السعودية التي يكفرون قادتها –حسب معتقدهم الفاسد، و هذه العقيدة هي عقيدة الخوارج في كل زمان. وأغلب العناصر الإرهابية التي تم إعدامها من قبل السلطات السعودية تدين بالولاء لداعش حتى لو لم تكن تنضم إليه تنظيمياً و أن التنظيم يستخدمهم لتنفيذ الهجمات التي تخدم أهدافه لجر الدولة حكومًة وشعبًا للدخول في التوحش والصراع. والإعدامات الأخيرة سيكون لها رد فعل من جانب العناصر الموالية لداعش داخل المملكة، متوقعا قيام هذه العناصر بتفجير أحد المناطق البترولية لتقوم الحكومة السعودية بزيادة تأمين الآبار الموجودة لديها، وتنشغل بذلك عن ملاحقة عناصر التنظيم الإرهابي.
- في رأيك ما سبب خلافات قيادات جماعة الإخوان الداخلية والخارجية الأخيرة؟ إن الخلافات المصطنعة داخل جماعة الإخوان المسلمين وهمية، هي نوع من تقسيم الأدوار بين قيادات الجماعة وقواعدها، يتم الترويج لها على أنها انقسام بين فريقين؛ أحدهما إصلاحي ويمثله قيادات الجماعة التاريخية (العواجيز)، على رأسهم الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، ومحمود حسين، الأمين العام، والآخر ثوري، ويمثله فريق الشباب داخل مصر بزعامة محمد منتصر، المتحدث الإعلامي الذي فصلته قيادات الخارج. وأصبح لها ذراعان، فهي تعمل باستراتيجية (يد تقتل وأخرى تستنكر)، بحيث تقوم المجموعة الشبابية بقيادة "منتصر"، بعمليات العنف وتحرض عليه، رافعًة شعار (انتهى زمن السلمية)، ثم تخرج تصريحات الفريق الآخر من خلال "عزت" و"حسين" لتردد المقولة المستهلكة للمرشد العام محمد بديع (سلميتنا أقوى من الرصاص) التي لم يعد محل لها من الواقع، وسيؤكدون على أن اللذين يمارسون العنف (ليسوا إخوانًا .. وليسوا مسلمين)، ويكون الشباب هم حطام هذه المعارك في كل الأحوال. "قيادات الخارج تتبرأ من دعوات العنف التي تملأ البيانات الصادرة عن شبابها داخل مصر، فإذا حقق الشباب أي نصر في معركتهم على الأرض، انتهت الخلافات وأعلنت القيادات تبني المواقف الشبابية، أما إذا فشلوا فتكون القيادات بعيدة عن المشهد، والجماعة بريئة من هذا التهور!!" أن الإخوان تمر ببوادر للتأسيس الثالث للجماعة، واحمل قيادات الخارج الهاربة مسؤولية العنف الذي يتم التجهيز له، لأنها تركت قرارات التحرك والعمل الميداني في الداخل للشباب بعد هروبهم مباشرة، معلنين أنهم ليس لهم سيطرة على ثورة الشباب الغاضب!!.
- ما تعليقك على التحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية لمواجهة الإرهاب؟ إن التحالف الإسلامي العسكري الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية لا يزال محاطاً بالغموض، مشيراً إلى أن الأنباء لم تذكر شيئاً عن الاستراتيجية التي سيعتمد عليها التحالف لمواجهة الإرهاب، وكيفية مشاركة كل دولة من الدول الأعضاء التي تم الإعلان عنهم.
وهناك غموض يحيط بالتحالف ويؤثر سلبًا على تحركاته على أرض الواقع، ويجعل مستقبله في مهب الريح، وأريد أن الفت النظر إلى أن عددا كبيراً من هذه الدول المشاركة في التحالف لا تمتلك قوة عسكرية يمكنها أن تدفع بجزء منها خلال المواجهات المحتملة. أن أحد هذه الدول لا تمتلك جيشاً نظامياً من الأساس مثل جزر المالديف، بالإضافة إلى دول أخرى لا تتخطى قوتها العسكرية عدة آلاف مقاتل مثل غينيا التي تبلغ عدد قواتها 1320 من القوة الأساسية بالإضافة إلى 2000 من القوات شبه العسكرية، وجزر القمر التي يبلغ عدد قواتها 2000 جندي و بنين التي يبلغ تعداد أفرادها في القوات المسلحة 5000 فقط، والجابون التي لا تتخطى قوتها 6200 فرد تقريبًا بما في ذلك القوات شبه العسكرية. بالإضافة إلى الصومال التي لا تزال تعاني آثار تفكك جيشها النظامي منذ اندلاع الحرب الأهلية، ويبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة الآن 10 آلاف فرد تقريبًا، وتشاد التي تقل أعمار ما يقارب ال 50% من مجموع سكانها عن 15 سنة، ما يعني أنهم أقل من سن التجنيد في كل الأحوال، وتوغو التي لا تزيد مساحتها عن 57 ألف كم2، وليس لديها قوة عسكرية، وهي بلد فقير يعمل أهلها على الزراعة، ويعد الفقر هو العنصر المشترك بين معظم الدول الأفريقية المشاركة في التحالف.
كما لا أثق في جدية مشاركة عدد من دول التحالف مثل قطروتركيا، لا سيما أن الأخيرة تدعم تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق والشام "داعش"، الذي يصنف على أنه تنظيم إرهابي، مؤكدًا أن تركيا تتبادل المصالح مع هذا التنظيم من حيث تهريب العناصر الداعشية من أوروبا إلى سورياوالعراق عبر حدودها، مقابل الحصول على النفط من الآبار التي يسيطر التنظيم عليها، بمبالغ ضخمة تعد أحد أهم مصادر تمويل "داعش". وأن مصر تعد رأس الحربة في هذا التحالف باعتبارها من أقوى الجيوش النظامية الموجودة، وأكثر الدول خبرة في التعامل مع الجماعات المتطرفة، ويستعين بأفرادها دول الغرب لمواجهة الإرهاب الذي يطل برأسه عليهم بين الحين والآخر.
- ما رايك في أداء قنوات الإخوان وكيف ترى إقبال بعض الفنانين للمشاركة فيها بالفترة الأخيرة ؟ هذه القنوات تعمل على إثارة الفتنة بين المصريين وتبث سمومها من الخارج، وأرى أن الشعب المصري الآن أصبح على دراية بكل ما يدور حوله من الأحداث، ويجب على الدولة التواصل مع الدول التي تبث منها هذه القنوات لإغلاقها. أما عن الفنانين فأنا على غير دراية بالفن والفنانين ولكن تحليلي الشخصي أن هؤلاء الفنانين سئموا من صناعة النجومية، مما يؤكد أن سبب التغيير المفاجئ في توجهاتهم هو العائد المادي الذي يحصلون عليه من قبل تأييدهم للجماعة وهو ما يجعلهم نجوما في عين كارهي النظام الحالي من الإخوان وأنصارهم .
- وماذا عن تعليقك على بيان الأزهر ضد القنوات المسيحية المتطرفة ؟ إن بيان الأزهر الشريف حول قنوات الفتنة الطائفية لاسيما قناة الحياة المسيحية (AL-HAYAT TV) جاء متأخراً لأن هذه القناة تبث سمومها منذ أكثر من عشر سنوات، وقد وجه لها الأنبا بيشوي نقداً شديداً عام 2009م، حينما كان نائباً للبابا شنودة. إن هذه القناة تحارب الإسلام وتسيء إلى المسيحية، مما دفع الأنبا بيشوي للقول بأنها لا تفرق بين الدفاع عن المسيحية والهجوم على الإسلام، وهذا سينتج تطرف من قبل القنوات الإسلامية والعكس بالعكس.