كان لأبى بكر غلام يُخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبوبكر، فقال له الغلام: تدرى ما هذا؟ فقال أبوبكر وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان فى الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أنى خدعته، فلقينى فأعطانى بذلك، فهذا الذى أكلت منه، فأدخل أبوبكر يده فقاء كل شيء فى بطنه. فهذا موقف إيمانى يفيض بالدلالات الهادية ومنها: حرص المؤمن على الحلال فى مطعمه ومشربه وسائر شأنه، والحذر من الحرام ومن الشبهات، وفى الموقف نرى أبا بكر رضى الله عنه قد وضع إصبعه فى حلقه، وجعل يتقيأ حتى أخرج كل ما دخل جوفه من الأكل لما علم أن غلامه جاء به من طريق به شبهة، حيث قام غلامه بأعمال الكهان والدجالين مقابل هذا الأكل، وذلك لأن الحلال باب القبول والإكرام، وفى الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ً). ثم ذكر صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يارب يارب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يُستجاب لذلك؟ .