لا شك أن حادث إسقاط طائرتان تركيتان من طراز إف–16 لطائرة روسية صباح أمس الثلاثاء على إثر ما وصفته تركيا بانتهاك مجالها الجوي في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا قد أدى لردود أفعال قوية في الأوساط السياسية التركية والروسية والعالمية، وسيكون له تأثير كبير على مسار العلاقات التركية–الروسية. فمن جانبه قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها في حفل استقبال المعلمين بالقصر الرئاسي إنه ينبغي على الجميع احترام حق تركيا في حماية حدودها وإن إسقاط الطائرة الروسية جاء في إطار قواعد التعامل مع الأخطار "رغم أن مقاتلاتنا الجوية بذلت ما بوسعها لتجنب وقوع الحادث، وليس لتركيا أي عداء ضد جيرانها أو أي دولة أخرى"، بحسب قوله. وعلى نفس خط رئيسه الذي لا يحيد عنه مطلقا، أعلن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو عن اتخاذ تركيا جميع التدابير عندما يتعلق الأمر بأمن حدود وحياة وكرامة المواطنين، مؤكدا على عدم وجود أي أطماع لتركيا في أراضي أي دولة أخرى وينبغي على الجميع أن يدرك أن لتركيا حق الدفاع عن أمن أراضيها ردا على انتهاك أجوائها. وأعرب كمال كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزب المعارضة بتركيا،عن مخاوفه وقلقه بعد إسقاط المقاتلة الروسية، حيث أكد أن السياسة الخارجية المتبعة من قبل حكومة العدالة والتنمية "خاطئة" وأدت للإضرار بمكانة وصورة تركيا في الأوساط الدولية، وهذا الخطأ مستمر حتى اليوم، مشيرا إلى أن "خطأ السياسة الخارجية لن يؤثر على جيلنا الحالي فحسب، بل أيضا على الأجيال القادمة، وينبغي على الحكومة التركية أن تتبع سياسة تخدم مصالح البلاد". أما أوميت أوزداغ، نائب رئيس حزب الحركة القومية، وهو حزب يميني قومي متشدد يدور بشكل أو بآخر في فلك حزب العدالة والتنمية اليميني وكان مهددا في الانتخابات الأخيرة بأن ينزل تحت مستوى الحد النسبي 10% وبالتالي لا يدخل البرلمان، فقد قال في مؤتمر صحفي عقده في المجلس النيابي إن إسقاط الطائرة المقاتلة الروسية جاء وفق قواعد الاشتباك التي وضعتها تركيا، مؤكدا أن تنظيم داعش ليس له وجود في "بايربوجاق"، أو "جبل التركمان"، بشمالي مدينة "اللاذقية" السورية، ورغم ذلك كان القصف الجوي الروسي مستمر على المدنيين التركمان السوريين، وطالب تركيا وروسيا بالتحلي بالهدوء والابتعاد عن التوترات التي قد تضر الطرفين. ومن جانبها، أكدت فيغن يوكسك داغ، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي، في تصريحات للصحفيين على أنه من المهم حماية الحس السليم المتبادل، والتأكيد على أن سياسة التوتر لن تخدم مصلحة أي من الطرفين، وأن هذا الحادث لن يمكن أن يخدم شعبي تركيا وروسيا بشكل خاص، ولا شعوب المنطقة بشكل عام، مشيرة إلى أن إسقاط الطائرة الروسية هو تطور حرج للغاية وناجم عن سياسة خارجية خاطئة متبعة من قبل الحكومة التركية. واستدعت وزارة الخارجية التركية سفراء الدول دائمي العضوية بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مقر الوزارة بأنقرة وقدمت لهم إيجازا عن إسقاط طائرتين تركيتين لطائرة روسية قامت – بحسب زعم تركيا – بإنتهاك مجالها الجوي رغم تحذيراتها المتكررة. وفي ظل استشعار تركيا لخطورة الموقف، ترأس رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان اجتماعا أمنيا بالقصر الرئاسي بمشاركة رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال خلوصي آكار ووزيري الدفاع والداخلية ورئيس جهاز المخابرات التركي، وتناول التطورات الأخيرة في المنطقة، وعلى رأسها إسقاط المقاتلة الروسية، وتطورات الوضع على الساحة السورية، إلى جانب قضايا أمنية أخرى.