قصة واقعية حولها روبرت زميكس لصورة سينمائية مبهرة الإثارة والرعب على حبل ممدود بين برجى التجارة العالمى «The walk» أواخر عام 1974 قرر فيليب بوتى القيام بمغامرته الكبرى والسير على حبل ممدود بين برجى التجارة العالميين بنيويورك، حلم غريب وجنونى لكن فيليب فعلها ولمدة 45 دقيقة قطع 8 رحلات على الحبل الفولاذى الممدود بين البرجين وبعد 41 عاماً تعيد السينما حكاية بوتى، موثقة ما قبل وبعد مغامرته الصغيرة التى أصبحت كبيرة مع مرور السنوات من خلال فيلم «The Walk». السينما الأمريكية فى جزء كبير من إنتاجها تعتمد على إعادة استخدام ما سبق فى شكل جديد ومطور يسمح بإعادة الجمهور لنفس الفكرة التى شاهدها من قبل، حيث يستغل الصناع ادوات جديدة أو تطويراً فى القصة الاصلية وزاوية تناولها بشكل يضمن لهم النجاح، وهو ما حدث فعلا فى الفيلم، فبعد الكتاب الذى يوثق للاحداث الذى كتبه فيليب بنفسه تحت عنوان «To Reach The Clouds» عام 2002، يأتى الفيلم الوثائقى «Man On Wire» عام 2008 الحائز على جائزة الأوسكار، لنصل للفيلم المعروض حاليا بتقنيتى «3D» وImax»». بوتى على قيد الحياة، وعلى الرغم من استغلال وسائط اخرى لعرض قصته منها فيلم رسوم متحركة، ورواية مصورة لكن السينما أكثر سخاء والصناع رأوا فى «الحدوتة» جوانب أخرى يمكن إضافتها واستغلالها وإضافة بُعد آخر لم يتوافر فى الوسائط الاخرى وهو أن يعايش جمهور 2015 الحدث بكل تفاصيله ليشعروا بالخوف من الارتفاع والسير مع فيليب وأصدقائه خطوة بخطوة فى تنفيذ خطتهم المجنونة، وأيضًا التوثيق للبرجين وشعور اهل نيويورك السلبى تجاههم فى فترة مبكرة من إنشائهم الأمر الذى يستدعى للذاكرة بالطبع أحداث 11 سبتمبر وانهيار البرجين جراء الحادث الإرهابى ليزيد الأمر فى تحولهما لأيقونة عالمية وإن كانت فى اتجاه آخر خلاف ما كانوا عليه وقت إنشائهما وحتى انهيارهما. لا يعتمد الفيلم فقط على التقنية فى الإبهار بل يزيد فى خلق جماليات شاعرية للصورة بلغة سينمائية، اعتمدت على الألوان الزاهية والكادرات المتوسطة والواسعة الأمر الذى أضاف جواً مبهجاً لحد كبير يناسب طبيعة هواية وشغف فيليب (جوزيف جوردون ليفيت) وهو فن الأكروبات المتصل بشكل وثيق مع السيرك وفنانى الشارع ممن يسعون لتقديم التسلية والبهجة بشكل اساسى مع التركيز من خلال الحوار على جانب اخر فى شخصية هؤلاء الفنانين وهو السعى للحرية والابتعاد عن القيود فى تقديم ما يؤمنون به، وهو ما جرت ترجمته خلال الفيلم فى عدة مواضع منها العداء الطبيعى بين فيليب ورجال الشرطة وأمن برجى التجارة العالميين الذين يحاولون منعه من مغامرته بالطبع لخطورتها والتزامهم بتطبيق معايير لا يعترف بها فيليب، سلطة اخرى يواجهها فيليب هى بابا رودى (بن كينجسلى) لكنها هذه المرة ابوية أكثر تفهما من والده البيولوجى الذى هرب منه فيليب ليسعى لتحقيق حلمه. السيناريو المشترك فى كتابته كريستوفر براون مع مخرج الفيلم روبرت زميكس قدم الشخصية بكل ما تحمله من كاريزما سحرت كل من احتكوا به بشكل منطقى بعد أن اسسا معا مفاتيح الشخصية منذ الدقائق الاولى فى الفيلم من خلال المونولج الذى تقدمه شخصية بوتى متحدثا عن حلمه اعلى تمثال الحرية الموجود على مدخل مدينة نيويورك والمصنوع بأيد فرنسية وممنوح كهدية للولايات المتحدة من الشعب الفرنسى، ويحكى تفاصيل ما حدث ليكون الشكل قريبا من كتاب السيرة الذاتية الذى يعتمد عليه سيناريو الفيلم كأساس ولا يبتعد كثيرا عن الأصل، وعلى الرغم من المعرفة المسبقة بنهاية الاحداث وما سيحدث بالتفصيل الا أن سيناريو الفيلم لم يسمح للمشاهدين بفرصة لالتقاط الانفاس من الاثارة، والرغبة فى معرفة التفاصيل الدقيقة للمغامرة، خاصة وأن الأحداث غريبة تحمل صدفا متكررة لو وضعها المؤلف والمخرج فى سياق خيالى لاصبح الفيلم ضعيفا يستخدم مؤلفه حيلة الصدفة فى حل المشاكل أمامه، لكن الاحداث حقيقية وموثقة وما زال الكثير من ابطالها ومعاصريها موجودين احياء ما يجعل تصديق الصدف المتكررة ممكنا وساعد على ذلك بالطبع المعالجة الذكية للمخرج لمبدأ الصدفة حيث ضخم صفة الجنون والاصرار فى شخصية فيليب وركز عليها، الامر الذى خلق تأكيداً عند المتلقى بأن فيليب يصنع المستحيل ويراه عاديا ولم يقف عند تفاصيل شديدة الواقعية كان من شأن ابرازها كسر الحالة السحرية منها كيف دبر بوتى تكاليف رحلتيه إلى الولاياتالمتحدة؟ أو العلاقة بينه وبين آنى (شارلوت لوبون) التى لم تتحول للواقعية وظلت افلاطونية قدمت الفتاة دعمها لفيليب دون أن تطلب منه أى مقابل. الصورة أضافت الرعب الملازم للاثارة فى الفيلم والخوف من السقوط من هذا الارتفاع الشاهق والتى يراها المشاهد وكأنها الحقيقة من خلال زوايا التصوير التى استغلها المخرج لهذا السبب، وركز على الصورة وتكويناتها وتجاهل عنصراً آخر كان من الممكن أن يدعم الفيلم بشكل أكبر وهو الموسيقى التصويرية التى لم تأت على نفس مستوى جودة الصورة فى الفيلم.