فشل الدكتور عادل عدوي وزير الصحة، في النهوض بآداء القطاع الطبي، على أرض الواقع، ولم يلمس المواطنون أي تقدم ملحوظ في الخدمات بالمستشفيات الحكومية، التي يزداد مستوى الإهمال بها بشكل مخيف. يأتي ذلك رغم مرور عام ونصف على شغل "عدوي" للمنصب الوزاري، بعد أن أدى اليمين الدستورية ضمن حكومة المهندس إبراهيم محلب "الأولى"، في 1 مارس 2014، وسط أمنيات بتغيير استراتيجية العمل بالوزارة، وتحقيق آمال المواطنين في خدمات صحية تليق بهم، خاصًة بعد ثورة 25 يناير 2011.
ورغم الأزمات والكوارث بالقطاع الصحي، واستمرار وفاة العشرات نتيجة الإهمال الطبي بالمستشفيات الحكومية وأيضًا الخاصة، وعدم حل المشكلات المزمنة منذ فترة طويلة، لا يزال "عدوي" مستمرًا في منصبه، بل تؤكد كل المؤشرات أنه في مأمن من أي تعديل وزاري مرتقب.
طالما استمر المهندس إبراهيم محلب، على رأس الحكومة، نظرًا للعلاقة الوطيدة التي تربط بينهما، وتواجد "الوزير" ضمن كل جولات "محلب" تقريبًا.
ورغم تقارير وصفتها مصادر ب"السرية"، فإن "محلب" يفضل الإبقاء على "عدوي"، رغم التحذير المستمر من قبل أجهزة سيادية، رفعت تقاريرًا إليه، بضرورة الإطاحة به، مع مجموعة أخرى من الوزراء، نظرًا لحالة السخط الشديد من آدائه، وتأثير ذلك إجمالًا على موقف مؤسسة الرئاسة.
وهنا ترصد "الفجر"، أبرز الملفات التي أخفق وزير الصحة في إداراتها حتى الآن، رغم أهميتها الكبرى.
أولًا: المستشفيات الحكومية
لا يزال الإهمال مسيطرًا على المستشفيات الحكومية حتى الآن، بما فيها الجامعية، التي تقع تحت سلطة وزير التعليم العالي، ولم تنجح محاولات "عدوي"، وزياراته الميدانية لعدد قليل من هذه المستفيات، في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، والاهتمام الأكبر بات منصبًا على الشكل الجمالي للمستشفى، أو الوحدة الصحية، من حيث "الدهان، والرخام".
وتعاني المستشفيات من عدم توافر أجهزة طبية مهمة، مثل السونار، أو أجهزة الرنين المغناطيسي، وإن وُجد فهو إما معطلًا، أو الطبيب المختص غير موجود، ما يضطر المرضى إلى الذهاب لمراكز الأشعة، وتكبد مصاريف هائلة.
ثانيًا: نقص الأدوية
تعاني الصيدليات من نقص كبير في الأدوية الحيوية، خاصًة المتعلقة بمرضى الضغط والقلب، والأورام، ومعظمها رخيصة الثمن، لكن الشركات المنتجة توقفت عن تصنيعها، دون أن تتحرك وزارة الصحة، لإيجاد البديل المناسب لهذه الأدوية.
من جانبه، أكد الدكتور محمد فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء "ابن سينا" – يتولى رصد نواقص الأدوية بشكل شبه دوري - أن هناك نقصًا ببعض أدوية علاج القلب، وألبان الأطفال وحُقن "hr"، التي تستخدم خلال عمليات الولادة، إلى جانب دواء "الألبومين"، المُخصص لعلاج مرضى الكبد.
وشدد في تصريحات سابقة، على أن سوق الدواء لديه نقص ب1000 صنف، وذلك رغم أهميتهم الشديدة للمرضى.
ثالثًا: قانون التأمين الصحي الشامل
لم يخرج القانون إلى النور حتى الآن، رغم انتهاء الوزارة منه قبل أشهر، رغم أهميته الكبيرة، نتيجة إصرار "عدوي" على انتظار مجلس النواب المقبل، لتمريره عبر بوابته.
ورفض "عدوي" في أكثر من مناسبة، التعجيل بإرسال القانون لمجلس الوزراء، ومن ثم رفعه إلى الرئاسة لإقراره، خاصًة مع تأجيل الانتخابات البرلمانية أكثر من مرة.
رابعًا: تجاهل متابعة علاج "الطوارئ" بالمجان
تتجاهل أجهزة الرقابة والتفتيش، متابعة تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 445 لسنة 2014، الخاص بإلزام جميع المستشفيات بتقديم الخدمات العلاجية لمصابى الحوادث بأقسام الطوارئ والاستقبال القريبة من مكان الحادث حتى استقرار الحالة، وذلك على نفقة الدولة خلال أول 48 ساعة.
وتُصر المستشفيات على تحصيل مقابل الخدمة للمرضى في هذه الحالات، بل إن معظمها يرفض استقبال المريض، وإنقاذ حياته، قبل أن يسدد مبلغ تأمين، لا يقل في مستشفيات كثيرة، عن ألفي جنيه، وهو مبلغ من المستحيل في أوقات كثيرة أن يتواجد مع أهل المريض، أو الحالة أثناء المرض الطارئ، أو الحوادث.
خامسًا: نقص التمريض بالمستشفيات
يشكل نقص التمريض، مشكلة كبرى بالمستشفيات الحكومية، ولم تفلح محاولات "عدوي" منذ قدومه إلى الوزارة، في حلها، رغم تصريحه أكثر من مرة، بأنه يسعى بالتعاون مع نقابة التمريض، إلى سداد العجز في أسرع وقت.
ويعد تدني رواتب أعضاء هيئة التمريض، وراء عزوف عدد كبير منهم على العمل بالحكومة، وتفضيل المستشفيات الخاصة، وتحديدًا بالقاهرة الكبرى والإسكندرية.
سادسًا: مصنع إنتاج الحقن "المحصلة صفر"
المشروع الأول الذي أعلنت عنه الوزارة، في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، الذي عقد خلال مارس الماضي، إقامة مصنعًا لإنتاج الحقن الآمنه ذاتية التدمير، التى تستخدم مرة واحدة فقط، وتمنع إنتقال العدوى من الأمراض الأخري.
ويقام المصنع على مساحة 7800 متر تملكها الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا"، بمدينة 6 أكتوبر، وتبلغ استثماراته 52 مليون دولار، أى بما يعادل400 مليون جنيه، وذلك وفقًا لدراسة جدوى المشروع.
ومن المفترض أن يُنفذ المصنع الجديد بالشراكة بين "فاكسيرا"، وشركتي جلوبال نابي، ونيوميد للتجهيزات الطبية، اللتان تمتلكان تكنولوجيا التصنيع، على أن يضُم 10 خطوط إنتاج، يستهدف كل منها تصنيع 50 مليون سرنجة ذاتية التدمير، بما يقدر ب500 مليون سرنجه سنويًا، لكن لم يتم منه أي شئ حتى الآن.
سابعًا: مصنع لإنتاج المستحضرات الصيدلانية
يتعلق المشروع الثاني الذي طرحه "عدوي" أيضًا في المؤتمر، بإنشاء مصنع لإنتاج المستحضرات الصيدلانية من مشتقات الدم والبلازما محليًا، بتكلفة تبلغ نحو مليار جنيه، وينفذ علي 3 مراحل خلال 3 سنوات.
ومن المفترض أن يوفر المصنع، 60 % من احتياجات مصر من مادة "الألبيومين" الضرورية لأدوية فيروسى "B & C"، وعلاج مرضي الفشل الكلوي والسرطان.
ثامنًا: شراكة وهمية مع "جينيرال"
والمشروع الثالث، من المفترض أن يتم مع شركة جينيرال إلكتريك العالمية - من الشركات الرائدة في مجال إنشاء نظم الإدارة الحديثة في مجال التجهيزات الطبية - وذلك للعمل على استحداث نظام مؤسسي داخل وزارة الصحة، لإدارة التجهيزات الطبية، بدءًا من المساعدة في وضع نظم تقييم الاحتياجات الفعلية المبنية على الإتاحة والاحتياج الصحي ومعدلات التشغيل، مرورًا بنظم الشراء الحديثة.
تاسعًا: القوافل الطبية
تتفنن الوزارة تحت قيادة "عدوي"، في إهدار المال العام على القوافل الطبية التي يتم توجيهها للخارج، رغم أن عدد كبير من المحافظات النائية، والمناطق المحرومة، تحتاج وبشدة إلى مثل هذه القوافل، والعلاج المجاني.
ومؤخرًا، أرسلت الوزارة قافلتين إلى غينيا الاستوائية، وأعلنت عن مثلهما إلى الصومال وغانا الفترة المقبلة، بهدف "تعزيز علاقة مصر بدول القارة" – كما قالت الوزارة.
عاشرًا: العلاج على نفقة الدولة
يظل العلاج على نفقة الدولة، واحدًا من الملفات المثيرة والشائكة داخل الوزارة، فبين اتهامها بإهدار المال العام على هذا المشروع الذي لا يذهب بنسبة كبيرة إلى مستحقيه، وبين إجراءات روتينية تحول دون سرعة إنهاء أوراق المرضى، تبقى هناك أزمة كبيرة تبحث عن حل.
ويعاني المرضى من كثرة الإجراءات التي تتطلب الموافقة على إجراء عملية، أو الحصول على علاج معين، باهظ التكاليف في الصيدليات، بينما تحول حقه في العلاج بالخارج، إلى أمر شبه مستحيل، كونه يقتصر على حالات معينة، يعد أغلبها من "المشاهير"، أو من يملكون التواصل مع الوزارة، وإن صادف الحظ أحد المرضى، فإن الإجراءات ستمنعه في النهاية.