ما بين أجواء الفرحة وعشوائية البائعين، مشاهد كثيرة يشهدها محيط ساحة مسجد الإمام الحُسين خلال أيام شهر رمضان المُبارك، فتنتشر الأجواء الإحتفالية وفي نفس الوقت تنتشر عشوائية الباعة الجائلين هناك. تجد هناك عدداً كبيراً من مريدي الإمام الحسين الذين توافدوا من جميع أنحاء الجمهورية لحرصهم على قضاء شهر رمضان في أجواء روحانية، يجلسون في جنبات المسجد ومحيطه، وبعضهم افترش الأرض نائماً ليستريح من مشقة وعناء السفر، وبخلاف الآلاف من الزائرين يتوافد إلى المسجد عدد كبير من البائعين الذين وجدوا من الأجواء في هذا الشهر فرصة ليغتنموها من أجل مكاسبهم. بداية الأمر قال الحاج أحمد، الذي كان يجلس وأمامه عدد من الأواني وموقد للنار، كان يستعمله في الطهي، إنه قدم من القناطر الخيرية للإحتفال بشهر رمضان في مسجد الإمام الحسين، ليقضي الشهر كله هناك، مشيراً إلى أنه اعتاد على هذه العادة منذ أكثر من 35 عاماً. ولفت إلى أن الأجواء في مسجد الإمام الحسين تختلف عن أماكن روحانية أخرى كثيرة، قائلاً: "لما بصلي في الحسين بأشعر بروحانيات مختلفة عن أي مكان .. وبشعر بالخشوع والتقرب لله". وأضاف أنه جاء ليكون خادماً من "خُدام الحسين"، موضحاً: "بعمل مائدة رحمن وبوزع أكل ومشروبات على الزائرين .. وكله علشان ربنا والتقرب منه". وبالمرور جانبه، وجدنا الحاج عبد الكريم من محافظة كفر الشيخ، الذي كان يرتدي جلباباً أبيضاً وعمامة بيضاء، ويجلس على "حصيرة" أمام بوابة المسجد وتحيط به أسرته المكونة من زوجته وإبنتين بالإضافة إلى جارته التي شجعتهم على الاحتفال بالأجواء الرمضانية في الحسين. وقال عبد الكريم وهو على وجهه ابتسامة تدل على سعادته بتواجده في المكان والأجواء المحيطة به، إنه يحرص منذ خمسة سنوات على القدوم يوماً من كل عام في شهر رمضان للاحتفال بالأجواء الرمضانية، مضيفاً: "بنيجي نزور ونصلي وناكل من اللي ربنا قاسمه على موائد الرحمن ونفرح بالأجواء الجميلة في شهر رمضان واللمة مع كل المسلمين". وعن وجود اختلاف بين الأجواء في السنوات الماضية عن الآن، أوضح أنها لم تختلف كثيراً، قائلاً: "الزحمة زادت والخير زاد معاها والفرحة هي هي". وكما يزداد عدد مريدين مسجد الإمام الحسين في شهر رمضان، ينتشر أيضاً الباعة الجائلين بشكل كبير، فتجد بائعي الإكسسوارات والسبح بالإضافة إلى بائعي الأطعمة ولعب الأطفال. فكان يسير طفلاً لا يتخطى عمره 14 عام، بين مريدي المسجد يحمل "البالونات" ليبيعها للأطفال في عمره ولكنهم جائوا مع أهلهم ليحتفلوا، فتحدث إلينا الطفل زياد، وأوضح أنه من محافظة المنيا، وقدم منها ليعمل هذه الفترة التي أسماها ب"أيام الخير" في محيط مسجد الإمام الحسين ليبيع لعب الأطفال ويتثنى له أن يحصل على مبلغ يستطيع من خلاله أن يشتري "ملابس المدرسة". قال زياد في حزن شديد: "أخواتي بيضربوني وبيقولولي إنزل هات لنفسك لبس مدرستك وأكلك وبيضربوني .. وبنزل أبيع علشان كده". وتابع: "أنا بأنام في الشارع بعد ما أخلص بيع"، وبسؤاله عن تعرضه لأي أذى من الأمن أو من البائعين، رد قائلاً: "الأمن بيقبض علينا وبيسيبنا .. والبياعين مش بيعملوا ليا حاجة وكلنا بنسترزق مع بعض". واستكمل: "أول ما بيكون معايا مبلغ 400 جنية بأروح على المنيا بلدي وأشتري لبس المدرسة".