يحل اليوم ذكرى حرب العاشر من رمضان، التى أعادت الحق الضائع إلى أهله، والتى اثبتت قدرة المصرى على مواجهة نظامين من أقوى أنظمة العالم " إسرائيل وأمريكا " ، وهدم الأسطورة التى لطالما تحدثت عنها إسرائيل، حيث كان " خط برليف" من أقوى الخطوط والذى قيل عنه أنه أقوى من حصن "بودابست" ، وأستطاعت العقول والأيدى المصرية بتدمير هذه الأسطورة. أبطال سجلوا أسمائهم بأحرف من نور، لم يكن لديهم اهداف سياسية أو يبحثون عن مناصب ورتب، بل وضعوا مصر وشرفها وعزتها هدف لهم، فحققوا المستحيل، كما كانت إسرائيل لطالما تتحدث عن جهازها الإستخباراتى، إلا أن هناك أبطال حفروا أسمائهم فى سجلات الموساد الإسرائيلى، مؤكدين على قدرة جهاز الإستخبارات المصرى والذى إستطاع أن يخدع جهازين من أقوى اجهزة المخابرات فى العالم، ليتركوا ظل العلم فى أرجاء الكنيست الإسرائيلى. " سعد الدين الشاذلى " يعد سعد الدين الشاذلى هو القائد الحقيقى لحرب 73 ، رئيس أركان حرب القوات المسلحة "1970 1973" والعقل المدبرلحرب أكتوبر وهو من وضع خطة الحرب.
وكانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل مقتلين : المقتل الأول هو عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها، والمقتل الثاني هو إطالة مدة الحرب، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر؛ لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّا.
الخطة كان لها بعدان آخران على صعيد حرمان إسرائيل من أهم مزاياها القتالية، يقول عنهما الشاذلي: "عندما أعبر القناة وأحتل مسافة بعمق 10: 12 كم شرق القناة بطول الجبهة، حوالي 170 كم سأحرم العدو من أهم ميزتين له؛ فالميزة الأولى تكمن في حرمانه من الهجوم من الأجناب؛ لأن أجناب الجيش المصري ستكون مرتكزة على البحر المتوسط في الشمال، وعلى خليج السويس في الجنوب، ولن يستطيع الهجوم من المؤخرة التي ستكون قناة السويس، فسيضطر إلى الهجوم بالمواجهة وعندها سيدفع الثمن فادحًا".
وعن الميزة الثانية قال الشاذلي: "يتمتع العدو بميزة مهمة في المعارك التصادمية، وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له، حيث تتيح العقيدة القتالية الغربية التي تعمل إسرائيل بمقتضاها للمستويات الصغرى من القادة بالاستعانة بالدعم الجوي، وهو ما سيفقده لأني سأكون في حماية الدفاع الجوي المصري، ومن هنا تتم عملية تحييد الطيران الإسرائيلي من المعركة.
في يوم 6 أكتوبر 1973 في الساعة 1405 "الثانية وخمس دقائق ظهراً" شن الجيشان المصري والسوري هجومًا كاسحًا على إسرائيل، بطول الجبهتين، ونفذ الجيش المصري خطة "المآذن العالية" التي وضعها الفريق الشاذلي بنجاح غير متوقع، لدرجة أن الشاذلي يقول في كتابه "حرب أكتوبر": "في أول 24 ساعة قتال لم يصدر من القيادة العامة أي أمر لأي وحدة فرعية.. قواتنا كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة والسهولة واليسر كأنها تؤدي طابور تدريب تكتيكي". " محمد عبد الغني الجمسي " كان " الجسمى " يرأس هيئة عمليات القوات المسلحة عندما اقتراب موعد الهجوم لتحرير سيناء 1973 ، وإلى جانب تخطيط تفاصيل العمليات للحرب، قامت هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسته بإعداد دراسة عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية، حتى توضع أمام الرئيس أنور السادات والرئيس حافظ الأسد لاختيار التوقيت المناسب للطرفين، واعتمدت على دراسة الموقف العسكري للعدو وللقوات المصرية والسورية، وسميت تلك الدراسة "بكشكول الجمسي"، وتم اختيار يوم 6 أكتوبر بناء على تلك الدراسة. واختاره الرئيس أنور السادات قائدًا للمفاوضات مع الإسرائيليين بعد الحرب، ورُقي وقتها إلى رتبة الفريق أول مع توليه منصب وزير الحربية عام 1974 وقائد عام للجبهات العربية الثلاث عام 1975 وكان من أشرس القادة الذين جلسوا مع الإسرائيليين على مائدة المفاوضات، ولا يمكن أن ننسى بحال خروجه على الجنرال "ياريف" رئيس الوفد الإسرائيلي دون إلقاء التحية أو المصافحة. وبكل تجاهل جلس مترئسًا الوفد المصري، كان ذلك في يناير 1974 عندما أخبره وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بموافقة الرئيس أنور السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس، فرفض الجمسي وسارع بالاتصال بالرئيس أنور السادات الذي أكد موافقته؛ وكان صدام القرار الاستراتيجي والعسكري. " إبراهيم الرفاعى " إبراهيم الرفاعي هو قائد سلاح العمليات الخاصة في حرب أكتوبر 1973 وقائد المجموعة 39 الشهيرة بأداء العمليات الانتحارية، قام بتنفيذ 72 عملية انتحارية خلف خطوط العدو ما بين حرب 67 والاستنزاف و 73 ،وخلالهما قام بتدمير معبر الجيش الاسرائيلي على القناة الدفرسوار و حصل على 12 وساما تقديريا لشجاعته و استشهد في حرب أكتوبر فكان استشهاده أروع خاتمه لبطل عظيم ففى صباح الخامس من اكتوبر 73 عندما تم إسقاطم خلف خطوط العدو لتنفيذ مهمات خاصة واستطلاعات استخباريه أرضية تمهيدا للتحرير وأطلق عليهم الجيش الاسرائيلي في تحقيقاته فيما بعد بمجموعه الأشباح. و ظلت هذه المجموعة تقاتل علي أرض سيناء منذ لحظة اندلاع العمليات في السادس من أكتوبر وحتي نوفمبر ضاربين في كل اتجاه وظاهرين في كل مكان، من رأس شيطاني حتي العريش ومن شرم الشيخ حتي رأس نصراني وفي سانت كاترين وممرات متلا بواقع ضربتين إلى ثلاث في اليوم بايقاع أذهل مراقبي الإستخبارات الإسرائيلية لسرعتهم وعدم افتقادهم للقوة أو العزيمة رغم ضغوط العمليات. كما هاجموا محطة بترول بلاعيم صباح السادس من أكتوبر لتكون أول طلقة مصرية في عمق إسرائيل تنطلق من مدافعهم تلتها مطار شرم الشيخ صباح ومساء السابع من أكتوبر ثم رأس محمد وشرم الشيخ نفسها طوال الثامن من أكتوبر، و كانت لهجمات علي أبار البترول أثر قوي في تشتيت دقه تصوير طائرات التجسس والأقمار الصناعية الأمريكية وهو تكنيك أثبت فعاليته. " إستشهاد الرفاعى " إستشهد الرفاعى يوم جمعة يوم 27 رمضان في التاسع عشر من أكتوبر وكان صائماً، ويحكي أبو الحسن قصة الثغرة واستشهاد العميد ، قائلاً :" تم صرف سلاح لنا مضاد للدبابات وكانت الأوامر أن نحمل السلاح علي السيارات ونعود مرة أخرى إلى الإسماعيلية، ودخلنا الإسماعيلية ورأينا الأهوال مما كان يفعله الإسرائيليين بجنودنا من الذبح وفتح البطون والعبور فوق الجثث بالدبابات، وكان العائدون من الثغرة يتسألون عن ذهابنا إلى قلب المعركة ". وكانت سيارة "الذخيرة" أخر سيارة، مشيراً إلى خطورة الأمر، حيث أن أي كمين يقوم بالتركيز علي أول سيارة وآخر سيارة، ورأي أحد السائقين 3 مواسير دبابات إسرائيلية تختفي وراء تبة رمال وكانوا ينتظروننا بعد أن رأونا وكنا متجهين لمطار فايد، وأبلغنا السائق باللاسلكي وصدرت الأوامر بالتراجع فنزلت من السيارة بسرعة لأننا كنا نسير فوق "مدق" وحوله رمال وكان الإسرائيليون يزرعون الألغام بتلك الرمال فحاولت توجيه السائق حتى لا ينزل إلي الرمال وهو يدور بالسيارة ولكن السائق رجع بظهره بسرعة وخلفه بقية السيارات وعدنا للإسماعيلية. وجاء أمر لنا بأن نعود لفايد مرة أخري فعدنا وودعنا بعضنا قبل الدخول لأننا أيقننا أننا ذاهبين إلى الموت ودخلت السيارات تحت الشجر وترجلنا ومعنا أسلحتنا وقررنا أن نفعل شئ ذو قيمة قبل أن نموت وفوجئ اليهود بما ليس في بالهم وبدأنا في التدمير. وصعد أربعة منا فوق قواعد الصواريخ وكان الرفاعي من ضمننا وبدأنا في ضرب دبابات العدو وبدأوا هم يبحثوا عن قائدنا حتى لاحظوا أن الرفاعي يعلق برقبته ثلاثة أجهزة اتصال فعرفوا أنه القائد وأخرجوا مجموعة كاملة من المدفعية ورأيناهم فقفزت من فوق قاعدة الصواريخ وقفز زملائي ولم يقفز الرفاعي وحاولت أن أسحب يده ليقفز ولكنه رفض أن يقفز. وظل يضرب في الإسرائيليين حتى أصابته شظية فأنزلناه وطلبنا أن تحضر لنا سيارة عن طريق اللاسلكي وكنا نشك أن أي سائق سيحضر ولكن سائق اسمه سليم حضر بسرعة بالسيارة ووضعنا الرفاعي فيها ولكن السيارة غرزت في الرمال فنزل السائق وزميله لدفعها. وكان الرفاعي عادة ما يرتدي حذاء ذا لون مختلف عن بقية المجموعة وعندما رأي زملاؤنا حذاؤه أبلغوا باللاسلكي أن الرفاعي أصيب وسمعهم اليهود وعرفوا الخبر وكانت فرحتهم لا توصف حتى أنهم أطلقوا الهاونات الكاشفة احتفالاً بالمناسبة وذهبنا به لمستشفي الجلاء وحضر الطبيب وكانت الدماء تملأ صدره. فأدخلناه غرفة العمليات ورفضنا أن نخرج فنهرنا الطبيب فطلبنا منه أن ننظر إليه قبل أن نخرج فقال أمامكم دقيقة واحدة فدخلنا إليه وقبلته في جبهته وأخذت مسدسه ومفاتيحه ومحفظته ولم نستطع أن نتماسك لأننا علمنا أن الرفاعي استشهد وكان. " صائد الدبابات " ومن أشهر أبطال أكتوبر محمد عبد العاطى عطية و لقبه "صائد الدبابات"، والذى إشتهر باصطياده لأكثر من 30 دبابة و مدرعة إسرائيلية فى أكتوبر 1973 و أصبح نموذجا تفتخر به مصر و تحدثت كل الصحف العالمية عن بطولاته حتى بعد وفاته 9 ديسمبر عام 2001. ويقول عبد العاطى فى مذكراته، أنه إنتابته موجة قلق فى بداية الحرب فأخذ يتلو بعض الآيات من القرآن الكريم و كتب فى مذكراته أن يوم 8 أكتوبر 73 كان من أهم أيام اللواء 112 مشاة و كانت البداية الحقيقية عندما أطلق صاروخه على أول دبابة و تمكن من إصابتها ثم تمكن من تدمير 13 دبابة و 3 عربات نصف جنزير " أول شهيد مصري في حرب أكتوبر " يعد الرقيب محمد حسين محمود سعد أول شهيد مصري فى حرب أكتوبر، انضم إلى القوات المسلحة عام 1968 م كجندي استطلاع خلال السنوات السابقة على حرب اكتوبر .. وعندما جاءت لحظة العبور كان ضمن قوات الجيش الثالث التي نزلت إلى سيناء، وكان يوم استشهاده هو يوم العبور ذاته 6 اكتوبر 1973 م كان أول شهيد فى أعظم معارك الشرف والفداء. " أشرف مروان " و لم تقتصر ادوار البطولة على من شاركوا فى حرب العاشر من رمضان فقط و إنما هناك أبطال أيضاً شاركوا فى تحرير أرض سيناء ولاكن عن طريق خداع أخطر جهازين مخابرات فى العالم " إسرائيل وأمريكا ". حيث نفذ أشرف مروان خطة الخداع المخابراتية ، قبل حرب السادس من أكتوبر، والتى سجلت فى التاريخ العسكري بأنها الأكثر عبقرية والأعظم تخطيطا. ً وبالرغم من السرية التي تحيط حقيقة عمل المخابرات، إلا أن الدكتور أشرف مروان صنع لنفسه صورة مضيئة من صور الانتصار العربي والمصري على الكيان الصهيوني، وجهازه الاخطبوطي الموساد، بعد الكشف عن نجاحه فى تجنيد رئيس الموساد الصهيوني للعمل فى خدمة المخابرات المصرية. و فجَّر المؤرخ العسكري الاسرائيلي " شيمعون ميندس " مفاجأة جاءت فى سياق تقرير وثائقي بعنوان "أشرف مروان الجاسوس الذي كان يشغل رئيس الموساد" نشره بمجلة "منتدى الشرق الأوسط" العبرية المتخصصة فى الشئون الاستراتيجية. وقد حاول ميندس فى تقريره إثبات وجهة نظره المخالفة لما هو سائد فى "إسرائيل"، بأن أشرف مروان نجح فى تجنيد رئيس الموساد لصالح المخابرات المصرية وليس العكس، وذلك من خلال تأكيده على الدور المحوري للدكتور مروان فى استكمال خطة "الخداع الاستراتيجي" التى وضعها الرئيس الراحل أنور السادات إبان حرب أكتوبر المجيدة، وقيامه بتجنيد رئيس الموساد بشكل لم يدرك معه أنه أصبح يعمل فى خدمة المخابرات المصرية. مشدداً على أن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه رئيس الموساد هو أنه إلتقى بمروان ، الذي استطاع السيطرة عليه بقوة شخصية، بل والأفدح من ذلك هو أن رئيس الموساد سعى لتوطيد علاقته بأشرف مروان، مما جعله أسيراً لأوامر الجاسوس المصري على حد تعبيره.