الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فإذا كان الريح خارجا من القبل, فقد اختلف أهل العلم في نقضه للوضوء، فذهب الحنفية والمالكية إلى عدم النقض؛ لأنه خارج غير معتاد، ولعدم ورود الدليل الصريح بالنقض، والأصل بقاء الوضوء. وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه ينقض الوضوء؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وضوء إلا من صوت، أو ريح. رواه مسلم عن أبي هريرة, وقياسا على سائر ما يخرج من السبيلين، وهذا القول هو الأحوط، والأقرب للدليل. لكن إذا كان خروج الريح ملازما لك أغلب الوقت، أو غير منتظم، بحيث يمكن خروجه في أي وقت, فإننا نفتي صاحب السلس المضطرب الذي ينقطع حدثه تارة، وتارة لا ينقطع، وتارة يتقدم، وتارة يتأخر، نفتيه بأن حكمه حكم من اتصل حدثه، فيتوضأ بعد دخول الوقت ويصلي، ولا يضره ما خرج منه، ولا عبرة بالانقطاع؛ لأن في اعتباره حرجا ومشقة. وراجعي الفتوى رقم: 136434. إلا أن صاحب السلس إذا جرت عادته بانقطاع السلس في وقت معين, فإنه يجب عليه تأخير الصلاة إلى زمن الانقطاع، ما لم يخف خروج الوقت. قال ابن قدامة في المغني في دائم الحدث: وإن كانت لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للطهارة والصلاة، لم تُصل حال جريان الدم، وتنتظر إمساكه؛ إلا أن تخشى خروج الوقت، فتتوضأ، وتصلي. اه.