يقول سليمان الرومي: اهتم الإسلام بتربية الأولاد سواء من الناحية الدينية أو من الناحية العقلية أو من الناحية الجسدية، ويظهر هذا واضحا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر»، وبناء على ذلك فإن تربية الأولاد على العبادات في الصغر تجعل هذا الأمر سجية لهم في الكبر، وإذا كنا نتحدث عن تعويد الأطفال وتربيتهم على الصيام. فمن المعلوم أن الصوم واجب على البالغ العاقل المستطيع، والصبي الذي لم يبلغ الحلم لا يجب عليه الصوم، ومع عدم وجوب الصوم عليه إلا أنه يؤمر بالصوم وهو في الصغر حتى يتعود عليه وهو في الكبر ويكون ذلك من خلال تشجيعه على الصوم على مراحل فيصوم مثلا في بداية أيامه الى أذان الظهر حتى إذا تعود على ذلك زاد في الصيام الى اذان العصر حتى إذا تعود على ذلك صام اليوم كله، وفي تلك الفترة التي يتعود فيها على الصيام لا مانع من تشجيعه بإعطائه بعض المال أو جائزة التي تكون مرغبة له على الصيام لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أطفال المسلمين العبادات والمعاملات والأخلاق وهم صغار حتى يتعودوا على ذلك وهم كبار. وشدد الرومي على أنه من المهم في إطار التنشئة السوية والصحيحة للصبي الذي وصل الى سن التميز ولم يصل بعد الى سن البلوغ أن نرغبه ونشجعه على إقالة العبادات بصفة دائمة ونلفت انتباهه الى أن هناك فروضا شرعية لا يكتمل بها إيمان المسلم إلا أن يؤديها ويظهر النية الصادقة والرغبة الجادة في سرعة الاستجابة اليها وأبلغ وسيلة في ذلك هي غرس الوعي الصحيح لفرائض وأركان الإسلام وتعويد الصغير عليها. وأيضا إشعاره بالقدرة على تحمل المسؤولية عندما يجد الجد شخصية مرضيا عنها عند الله وعند الناس، والصوم يحتاج الى قدرات بدنية وصحة عمرية تتأخر حتى سن البلوغ، ولذلك استخدم التدرج في الصوم، بمعنى خلق ثقافة الحرص على أداء العبادات جميعها ومنها عبادة الصوم، وان لها رسالة وهدفا في دنيا الناس بجانب انها إرضاء لله والقيام بفريضة من فرائض الإسلام. ولذا ينبغي أن نشجع أبناءنا على الصيام تدريجيا، مع العلم أن صحة الطفل وسلامته في الوقت ذاته أمر أقره الشرع وحرص عليه، أي انه اذا كان الطفل سيتضرر من الصيام فلا يصوم حفاظا على سلامته، ويجب تشجيع الأطفال عن طريق الحافز الديني والنفسي والإيماني، والقدوة الحسنة مهمة جدا في هذا الشأن، بمعنى ان يكون الأب والأم مثالا يحتذى وأسوة حسنة في هذا الموقف. ويمكن أن نحكي للأطفال نماذج حسنة وتجارب من صور صيام الأطفال لتشجيعهم على الصيام تدريجيا وفقا لأعمارهم ودون إلحاق الأذى بهم بأي حال من الأحوال، وهنا التدرج في صيام الطفل يمكن أن يكون خطوة أولى وبداية للسير على طريق الالتزام وأداء العبادات.