أثارت الراية الهاشمية التي سلمها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، للقوات المسلحة، تساؤلات المحللين والأردنيين بشكل عام، عن الرسالة التي أرادها الملك من هذه الراية، في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة، وخاصة ظهور التنظيمات المتطرفة. وسلم الملك أمس الثلاثاء الراية الهاشمية التي تحوي عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" مع عبارتي البسملة والحمد والنجمة السباعية لرئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول مشعل الزبن الذي بدوره سلمها لأفراد في القوات المسلحة. وتساءل المحللون إن كانت هذه الراية تؤسس لمرحلة مقبلة على الأردن خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب والتنظيمات المتطرفة التي تتخذ من الدين الإسلامي غطاء لتبرير إجرامها في المنطقة خاصة في العراق وسوريا. وما أثار الاستغراب بشكل أكثر ارتداء أفراد القوات المسلحة الذين تسلموا الراية ل "الشماغ" الأردني بالمقلوب وهي ما تحمل دلالات كبيرة في الثقافة الأردنية، وهي طلب الثأر. وتعليقاً على ذلك يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي ابراهيم قبيلات: "صحيح أن الرسميين وحدهم من يقدرون على فك شيفرة تسليم الراية، لكن المتابعين يراقبون أيضاً ويقرأون المشهد، الرسالة واضحة الدلالة من رفع "راية لا إله إلا الله محمد رسول الله إلى كل المتطرفين في المنطقة". وعلى الرغم من اختلاف المحللين على دلالات الراية إلا أنهم اتفقوا على أن تفسير طريقة لبس الشماغ الدالة على طلب الأردني للثأر، هو أن الأردن يرى أنه لم يأخذ بثأر طياره معاذ الكساسبة الذي احرقه تنظيم داعش حياً. ويرى قبيلات أن ما ظهر بمشهد "الراية" أيضاً، هو ارتداء العسكر الشماغ الأردني مقلوباً، سيدرك الأردني معناه فوراً، إنه يعني بوضوح أن صاحبه طالب ثأر ولن يرد شماغه إلى مكانه حتى يأخذ بثأره .. يا لثارات معاذ الكساسبة". وتساءل قبيلات "هنا سيبقى سؤال مركزي: هل سيتبع رفع الراية الهاشمية إجراءات ميدانية باتجاه داعش التي تستعمل (لا إله إلا الله محمد رسول الله) لتبرير إجرامها بأهل المنطقة؟". الكاتب الصحافي ماهر أبو طير اعتبر "أن رفع راية الهاشميين في توقيت عيد جلوس الملك، وطريقة شكل الإشهار وتسليمها للجيش وحتى التحشيد لحفل الإشهار ورسم العلم على الطائرات الحربية له دلالات مهمة جداً تتجاوز ردود الفعل التي تقول بدنا وما بدنا"، فالسياسة لا تقف كثيرا عند بدنا وما بدنا"، وأكد أبو طير أن القصة عميقة جداً وتتعلق بالمرحلة المقبلة، والإشهار فيه دلالات تخص الأردن والإقليم، وقال: "علينا أن نتذكر خطاب الملك الذي قال فيه " قدر الأردن أن يكون دوماً لما هو أعظم". وقال أبو طير: "هي أيضاً رد غير مباشر على تحديات تعرفها عمان الرسمية من جانب جهات تخطط شراً للأردن هذه الفترة بالذات، ولست بحاجة لسرد تفاصيل عما يجري تحت الرماد اليوم وبالتأكيد علينا التنبه لصدى الخطوة في الإقليم، وهي أيضاً رسالة موجهة لكل أولئك الذين يرفعون شعارات دينية هذه الأيام من تنظيمات تستعمل رايات دينية لتبرير كل أفعالها وكأنه يقال أن الراية ليست لهم وليست حكراً عليهم". وبين أبو طير أنه من السهل جداً لدى البعض الاستخفاف بالحدث، غير أن الاستخفاف يجب أن لا يلغي لدى هؤلاء حاسة التحليل إزاء رفع الراية في هذا التوقيت وبهذا الشكل. وبحسب الديوان الملكي "ستكون هذه الراية عنوان مجد وكبرياء، يحملها أبناء الجيش العربي المصطفوي في ساحات الوغى، مثلما حملوا المبادئ السامية لرسالة الإسلام والثورة العربية الكبرى جيلاً بعد جيل". وقال إن عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" دلالة "على التوحيد والرحمة"، مشيراً إلى أن البسملة الموجودة في النجمة السباعية على يمين الراية "هي بداية كل شيء، أما النجمة السباعية للسبع المثاني (سورة الفاتحة) وهي كذلك رمز السماوات السبع ورمز الملكية الهاشمية". ولفت إلى أن عبارة الحمدلله رب العالمين على يسار عبارة التوحيد "تعبير عن الثناء والشكر لله تعالى وتستخدم في نهاية أي عمل". وقال الديوان إن استخدام اللون الاحمر الداكن للراية يعكس "لون الراية الهاشمية الذي يرمز للفداء والتضحية". وأشار إلى أن الراية كاملة ترمز إلى "الراية الهاشمية المجيدة، والثورة العربية الكبرى، بأبعادها التاريخية والدينية والعروبية". وأعلن الديوان الملكي أن "تسليم (هذه الراية) للجيش العربي يشكل رسالة للأمة والأجيال والإنسانية جمعاء ديناً وهوية جوهرها السلام والمحبة والتسامح والعدل والخلق الرفيع والعيش المشترك".