أطلق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس معركته التي تبدو صعبة من أجل إصلاح الاتحاد الأوروبي، لكن خلال قمة مخصصة لمناقشة شؤون أخرى، ما دفع نظراءه لعدم التجاوب معه على الفور. وتوقع كاميرون لدى وصوله إلى ريغا حيث انطلقت أمس قادة دول الاتحاد الأوروبي مع ست دول سوفياتية سابقة، أن تشهد المباحثات "ضجة كبيرة وتقلبات بين النجاح والفشل". إلا أنه أكد "عزمه" على تطبيق الإصلاحات التي يقول إنها تستلزم إجراء تعديلات في صلب معاهدات الاتحاد الأوروبي. وشدد رئيس الوزراء البريطاني على أنه "مصمم" على إعادة التفاوض حول عضوية بلده في الاتحاد قبل الاستفتاء الذي يفترض أن يجري بحلول نهاية 2017 حول خروج محتمل من مجموعة ال28. وقال كاميرون "قلت دائما إنه إذا لم أحصل على ما أعتقد أننا بحاجة إليه، فلا أستبعد شيئا. إنني واثق من أنني سأحصل على هذا الإصلاح". وسيزور كاميرون باريس وبرلين الأسبوع المقبل لإجراء محادثات في هذا الشأن قبل قمة الاتحاد الأوروبي في يونيو المقبل. لكن شركاء كاميرون الذين لا يبدون على عجلة من أمرهم، لم يدلوا بأي تعليقات في هذا الشأن. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للصحافيين "لم تجر أي مناقشات. إنه ليس المكان ولا الزمان الملائمين". ويسعى كاميرون إلى استعادة بعض السلطات من "بروكسل" وتشديد شروط الاستفادة من المساعدات الاجتماعية على المهاجرين في الاتحاد الأوروبي ولا سيما الوافدين من دول الشرق، ما يثير استياء وارسو وبراتيسلافا وبودابست. لكن المفوضية الأوروبية حددت خطًا أحمر بتأكيدها على أن "الحريات الأربع الأساسية"، أي حرية تنقل الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال والخدمات، غير قابلة للتفاوض. وتبحث قمة ريغا التي يشارك فيها قادة دول الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي الشراكة مع دول شرق أوروبا التي تضررت نتيجة أزمة أوكرانيا. لكن بغياب تقدم ملموس في هذا المجال برز في الساحة كاميرون ونظيره اليوناني أليكسيس تسيبراس الذي التقى مساء أول من أمس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وتضاف هذه المشاكل المقبلة المطروحة أمام الاتحاد إلى مشاكل الشراكة الشرقية التي ترمي إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الاتحاد الأوروبي والدول السوفياتية السابقة أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا. وأكد قادة الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم ميركل، على ضرورة تعزيز التعاون مع هذه الدول لكنهم بددوا أمالها بالانضمام إلى الاتحاد، سعيا إلى طمأنة روسيا الرافضة لأي "اختراق" لمنطقة نفوذها. وأكدت ميركل عند وصولها إلى ريغا أن الشراكة الشرقية "ليست أداة لتوسيع الاتحاد الأوروبي، بل للتقرب من الاتحاد الأوروبي. علينا ألا نثير آمالا زائفة لن يكون بوسعنا تحقيقها فيما بعد"، ناسفة آمال انضمام الأوكرانيين والمولدافيين والجورجيين الواضحين جدا فيما يريدون. وأضافت أن هذه المبادرة "ليست موجهة ضد أحد، وعلى الأخص روسيا"، مذكرة بأن عودة روسيا إلى مجموعة السبع أمر "لا يمكن تصوره" في الوقت الحاضر بسبب دعمها للمتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وصرح رئيس مجلس أوروبا البولندي دونالد توسك أن "الاتحاد سيواصل مسار (الشراكة الشرقية) رغم محاولات التخويف والتعدي"، ساعيا إلى مد اليد إلى جيرانه القلقين جدا من سياسات موسكو. لكن توسك دعاهم إلى التحلي بالصبر، وقال: "ينبغي التقدم كل مرحلة وحدها" والاستمرار في طريق الإصلاحات مقابل تشديد العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي. وعلى المدى الأقصر، تطالب جورجياوأوكرانيا بإلغاء نظام التأشيرات، على غرار ما حصل مع مولدافيا، ما سيسهل التبادلات إلى حد كبير. لكن عددا من الدول الأوروبية يخشى أن يؤول ذلك إلى تدفق هائل للعمال من الشرق. وصرحت الرئيسة الليتوانية داليا غريباويسكايتي "نأمل أن يسري هذا التحرير قبل نهاية العام"، حيث ما زال على كييف وتبييليسي تلبية عدد إضافي من المعايير. كما برزت مسألة الدين اليوناني في قمة ريغا حيث التقى هولاند وميركل مطولا برئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس ليلا لبحث هذا الملف الشائك. واتفق القادة الثلاثة "على ضرورة مواصلة السلطات اليونانية عملها مع المؤسسات الثلاث" الدائنة أي الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي واتفقوا على "البقاء على اتصال وثيق في الفترة المقبلة" بحسب محيط الرئيس الفرنسي.