نعت سنغافورة، أمس، الوالد المؤسس لهذه الجمهورية الآسيوية الحديثة، لي كوان يو، أمس، عن عمر ناهز ال 91 عاما، اثر تعرضه لالتهاب رئوي حاد منذ فبراير الماضي. ويرجع السنغافوريون الفضل له في نقل بلادهم من دولة فقيرة بلا موارد، كانت إحدى مستعمرات التاج البريطاني، الى دولة مستقلة ذات سيادة ومتقدمة لها ثقلها السياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم. ولد كوان يو المعروف كذلك بالأب المؤسس في 16 سبتمبر من العام 1923، في سنغافورة، وأصبح رئيسا للحكومة السنغافورية لأكثر من ثلاثة عقود، مما يجعله واحدا من رؤساء الوزراء الأطول خدمة في العالم. وحصل على شهادة القانون من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة مع مرتبة الشرف الأولى وذلك في عام 1949. واحتلت الجمهورية الحديثة خلال عهده مراكز متقدمة في جميع المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والأمنية لتصبح واحدة من أسرع الاقتصادات العالمية نموا. وصنفت الجمهورية في عهده أحد النمور الآسيوية الأربعة الكبرى في آسيا، إذ عمل على تطوير البنية التحتية للبلاد بشكل كامل وتطوير القطاع التجاري والاقتصادي. وأصبحت سنغافورة الملقبة ب «مدينة الأسد» أيضا في عهده واحدة من أكبر الموانئ العالمية، وذلك بسبب إنشاء منطقة للتجارة الحرة واستقطابها لكبرى الشركات والبنوك العالمية. وتولى لي كوان يو، بعد انفصال جزيرة سنغافورة عن ماليزيا في عام 1959، منصب أول أمين عام وعضو مؤسس لحزب العمل الوطني وذلك لثماني دورات ما بين عام 1959 الى عام 1990 ليصبح أول رئيس وزراء للجمهورية لمدة ثلاثة عقود متتالية. وقفز الناتج المحلي الإجمالي في سنغافورة من ملياري دولار في عام 1960 الى نحو 87 مليار دولار عام 2002 ، كما ارتفع معدل دخل الفرد السنغافوري من 435 دولارا سنويا عام 1960 الى نحو 30 ألف دولار سنويا وهو من أعلى المعدلات في العالم. وأصبح مركز سنغافورة المالي من اكبر المراكز المالية العالمية، فيما احتل مطارها (شانغي) الدولي المركز الاول عالميا كأفضل مطار دولي وذلك على مدى سنوات متتالية كان آخرها في العام الماضي. وأنشأ نموذجا اقتصاديا وإداريا في المنطقة والعالم ككل أصبح يعرف باسم «النموذج السنغافوري» شملت سلطة مركزية في الجمهورية وحكومة ليبرالية اقتصادية مع فرض قيود صارمة على الخارجين عن قوانين البلاد. وسعى خلال فترة رئاسته لحكومة سنغافورة الى توحيد لغة الأعمال في الجمهورية لتصبح لغة مشتركة بين المجموعات العرقية المختلفة التي يتشكل منها المجتمع السنغافوري مع الاعتراف باللغة الماليزية والصينية والتاميلية كلغات رسمية أخرى في البلاد. وعندما ترأس ابنه لي هسين لونغ مجلس الوزراء عام 2004 ابتكر لوالده منصب موجه الوزراء الى أن أعلن عن تركه العمل السياسي نهائيا بعد الانتخابات العامة في عام 2011.