على بعد خطوات قليلة من قلعة قايتباي بمنطقة الجمرك بالإسكندرية يجذبك مشهد لافت على جانبي كورنيش البحر، بتواجد نحو أكثر من 60 كشك خشبي ضخم ذات هيئة قديمة، تبدو لك في البداية أنها أكشاك متراسة بشكل منظم وخالية من الحياة، إلا أنه عند الاقتراب نحوها أكثر تسمع أصوات آلات النشر ودق الشاكوش، لتجد خلف تلك الأكشاك عالم متكامل من صناعة السفن البحرية، التي اشتهرت بها منطقتي الأنفوشي والميناء الشرقي. فحكاية ورش صناعة السفن بمنطقتي الأنفوشي والميناء الشرقي بدأت منذ عهد الملك فؤاد، وقد انتعشت صناعة السفن حتى مطلع الألفية الثانية كأكبر قلعة لصناعة السفن، إلا أن قرار محافظ البحر الأحمر رقم 222 لسنة 2004بوقف تراخيص إنشاء لنشات سياحية جديدة للسفن التي تعمل بالبحر الأحمر، قد أضر صناعة السفن بالورش، التي كانت تصدر أعمالها لمحافظات البحر الأحمر. ويقول إبراهيم القبطان أحد معلمي صناعة السفن بمنطقة الأنفوشي لبوابة"الفجر": "مشكلتنا بدأت منذ عام 2004، والمشكلة لن يقوم بحلها محافظ أو رئيس حي أو حتى وزير، فهي تريد تدخل من رئيس الجمهورية"عبد الفتاح السيسي" شخصياً، بعد مخاطبات كثيرة تقدمنا بها إلى جميع المسئولين"، موضحاً أن تلك الورش عددها نحو 65 ورشة كانت تقوم بصناعة مراكب الأجرة والصيد لمحافظات شرم الشيخ، الغردقة، مرسى علم، وفي عام 2004تم وقف الترخيص في عهد"حسني مبارك" وذلك من مصالح جماعته، وأن تلك الورش كانت أول من احتضنت صناعة السفن في محافظة الإسكندرية، ثم صدرتها لباق المحافظات الساحلية، وأنه عقب ثورة 25يناير، قد قام بمقابلة الرئيس المعزول"محمد مرسي" شخصياً في مرحلة الدعايا الانتخابية، وتم تسليم له ملف مشكلة وقف ترخيص صناعة السفن، وقد وعد بحلها، وعندما فاز في الانتخابات الرئاسية، قالت جماعة الإخوان المسلمين له، أنهم غير مختصين بالسياحة المائية. وأكد أن صناعة السفن في منطقة الأنفوشي على وشك الاندثار عقب قرار 2004، وأن تلك الورش أصبحت قائمة على صناعة مراكب النزهة والتي يكون طلب الأفراد بشكل متقطع، على عكس تصدير السفن السياحية والأجرة، وأنه عقب تلك القرار أصيب معلمي الورش بحالة من الركود، جعلتهم غير قادرين على سداد مديونية حق انتفاع أرض الورش إلى المحافظة، مما أدى إلى ارتفاع المديونية. وقد وجه رسالته إلى رئيس الجمهورية"عبد الفتاح السيسي" عبر بوابة"الفجر": "نحن ننتظر الانتهاء من مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، ونريد عقد مقابلة معك داخل مقر الرئاسة، لتقديم ملف كامل عن صناعة السفن وعودة التراخيص مرة أخرى، وتقديم ملف كامل عن تطوير تلك المنطقة والصناعة"، منوهاً: "الملف يتضمن تحويل الأكشاك الخشبية إلى مباني، وادخال الأساليب الحديثة لتطوير الصناعة، وأن يتم تصديرها إلى دول أوربا المطلة على البحر المتوسط". وأوضح: "قبل قرار عام 2004كنت أصنع السفن إلى تونس وسوريا، وكنا نعقد لقاءات مع رؤساء بنوك ووزراء لوضع التساهيل، لتصدير السفن، ففي الخارج كانوا يعرفوا قدر عملنا ومجهودنا، أما المسئولين الذين تقدمت بالملف الخاص بالصناعة لم يهتموا أو يشغلوا بالهم، وعلى الرغم من ذلك جميع معلمي الورش متمسكين بالحفاظ على الصناعة، والمحاربة لعودتها مرة أخرى، على الرغم من تسريب بعض العمالة بها". رئيس جمعية صناعة السفن: الإرهاب في ليبيا أوقف تصدير المراكب والشئون الاجتماعية تريد غلق الجمعية وداخل منطقة ورش صناعة السفن يقع مقر جمعية صناعة السفن برئاسة"حسين أبو شنب" والتي قد شهدت عام 2012وقوع حريق هائل بها، أدى إلى قيام السلفيين في عهد الإخوان المسلمين بأخذ قطعة من الأرض لإقامة مقر لهم، بالمخالفة للقانون. ويقول أبو شنب لبوابة"الفجر"، أن تلك الجمعية المسئولة عن مشاكل العاملين بالصناعة ورفع كفائتهم الفنية، وإصدار شهادات إنشاء سفن جديدة، بالإضافة إلى أنها تقوم بتقديم مساعدات عينية في المناسبات الدينية بالتعاون مع الجمعيات الخيرية، كما أنها تقوم بإصدار تراخيص وشهادات قياس مهارة نجار السفن، وذلك بالتعاون مع وزارة القوى العاملة والهجرة. وقد أكد أنه لا يوجد تأمين اجتماعي أو صحي لعمال الورش، لأنه لا يوجد تأمين على تلك الأكشاك والمنشأت ولا يوجد بها خطوط مياه، وبالتالي لا يوجد تأمين لأصحاب تلك الورش، كما أنه لا يوجد دعم مادي يقدم من الحكومة في فصل الشتاء والنوات، داخل الورش المفتوحة لصناعة المراكب، مما يؤدي إلى اتلاف أعمالهم، وعلى الرغم من تلقيهم في فترات عروض لإدخال نظم حديثة في الطلاء، إلا أنهم غير قادرين على مجارتها، نظراً لحالة الركود. كما أشار إلى أن تطوير تلك المنشأت وتنفيذ مشروع جديد لإعادة هيكلتها يتطلب موافقات من جهات أمنية، نظراً لقربها من القاعدة البحرية برأس التين، وأنه عقب قرار 2004تم تقديم بلاغات إلى النائب والمحافظة ولكن دون رد او جدوى، ولكن في العهد الجديد عقب ثورتين، نطالب بتغيير السياسات، للحفاظ على تلك الصناعة من الانقراض، فهي لا تقل أهمية عن محور قناة السويس الجديد. وأضاف أنه عقب قرار 2004أصاب جميع المعلمين حالة من الاحباط، لركود الصناعة، وانهم قد اتجهوا إلى تصنيع المراكب إلى ليبيا، أما بالسفر والعمل بالنجارة، أو تصنيع المراكب داخل الورش وتصديرها، ولكن حالة الإرهاب التي تشتعل بليبيا، أدى إلى العودة لنقطة البداية، وتزايد تراكم مديونية الورش، وأن المحافظة تمهلهم وفق قرار اللواء أحمد أبو طالب رئيس حي الجمرك بتشكيل لجنة برئاسة الجمعية لتقسيط المديونية. وأوضح أنه قد اندلع حريق هائل في عام 2012قام خلالها حزب النور بأخذ قطعة أرض 105متر لإنشاء نشاط خيري منه، وان حي الجمرك قد قام بتحرير مخالفة لهم، وعلى الرغم من ذلك فإن مديرية الشئون الاجتماعية تريد غلق جمعية صناعة السفن، نظراً لأنها لم تسفر عن أي نشاط خدمي، واستمرار بقاء نشاط حزب النور. وقد ناشد رئيس جميعة السفن بتدخل رئيس الجمهورية وعقد لقاء معه، لوضع مشروع إعادة إحياء صناعة السفن في مناطق الأنفوشي والميناء الشرقي وأبو قير، وذلك وفق المشروع الهندسي المقدم من معلمي الورش، وذلك حماية على المهنة من الاندثار.