•شهدت أحداث ميدان التحرير يومى 28 و 29 يونيو 2011 أحداث دامية قام المجلس القومى لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة للوقوف على أبعاد هذه الأحداث ضمت مجموعة من أعضاء المجلس وباحثى مكتب الشكاوى . •شارك فى اللجنة من أعضاء المجلس (جورج اسحق، وحافظ أبو سعدة، وعمرو حمزاوى، وناصر أمين، ومحسن عوض)، كما شارك فى اللجنة من مكتب الشكاوى (نبيل شلبى، وأحمد عبد الله، وشريف عبد المنعم، وخالد معروف، وإسلام شقوير، وفاتن فؤاد، ومحمد عبد المنعم، ومحمد صلاح). جاء بالتقرير حيث شرح تسلسل الأحداث كالأتى •قامت جمعية "الوعد الأمين" الأهلية بتنظيم تكريم لبعض أسر الشهداء بمسرح البالون بالعجوزة مساء 28/6/2011، وفوجئت بأعداد كبيرة من المواطنين ترغب فى دخول هذا الحفل، وبينما أخطرهم منظمو الحفل بأن الدخول قاصر على المدعوين بدعوات مسبقة، فقد أصروا على اقتحام المكان عنوة، وقام بعضهم بالتعدى والتخريب لمرافق المسرح وتم تفريقهم من جانب الشرطة، فيما اتجه بعضهم إلى أسر الشهداء المعتصمين أمام ماسبيرو منذ بضعة أيام، وجرى إقناع بعض أسر الشهداء المعتصمين أمام ماسيبرو بالتوجه إلى مسرح البالون للمشاركة فى حفل التكريم، وانخرط بعضهم فى المشاجرات التى حدثت فى المسرح . •قامت الشرطة بفض المشاجرات، وألقت القبض على عدد من الأشخاص من بينهم أم أحد الشهداء، واقتيدت إلى قسم شرطة العجوزة حيث تعرضت للضرب والإ هانة، وأفرج عنها مساء نفس اليوم . •توجهت أعداد غفيرة من المتظاهرين باتجاه شارع نوبار، مع تخريب عدد من السيارات أثناء تقدمهم باتجاه محال رئيسية، ولم يقبلوا رجاء أصحاب المحال بعدم الاعتداء على محالهم، مما دعا أصحاب بعض المحال والعاملين فيها إلى التصدى لهم بالتعاون مع قوات الأمن التى كانت موجودة على مقربة من مكان الأحداث، وانضمام عدد من الشباب قدموا من منطقة عابدين لمنع هذا الاعتداء، وتراجع المهاجمون، واستخدموا الحجارة فى قصف القوات الأمنية . •أكدت القيادة الميدانية للشرطة التى كانت موجودة فى شارع نوبارللمواطنين أن لديها تعليمات مشددة بعدم إطلاق النار، كما أصرت على تأجيل أمر بانسحابها حتى لا يعاود المهاجمون الاعتداء على أصحاب المحال . •لاحظ أعضاء لجنة المجلس القومى لحقوق الإنسان انتشار الحجارة وخاصة كسر الرخام، والزجاج فى مساحات كبيرة فى منطقة الأحداث، واستمعوا إلى شهادات أشارت إلى تكديس أكوام من هذه الحجارة نقلتها سيارات لا تحمل لوحات معدنية وخاصة فى الشوارع التى شهدت المظاهرات . •استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع بكميات كبيرة لتفريق المتظاهرين كما استخدمت طلقات الخرطوش، وأعادت رشق المتظاهرين بالحجارة التى القيت عليهم . •واستخدم المتظاهرون، كسر الحجارة، والأسلحة البيضاء، وزجاجات المولوتوف . •لم يصل إلى علم المجلس وقوع أية وفيات، وأكدت الروايات الرسمية هذا، وبلغ أعداد المصابين، وفقًا لوزارة الصحة، 1140 مصابًا بينهم أكثر من سبعين مصابًا من رجال الشرطة . •وتراوحت الإصابات بين جروح قطعية, وإصابات بالخرطوش، واختناق جراء استخدام القنابل المسيلة للدموع من جانب الشرطة، وحرق إطارات سيارات من جانب المتظاهرين . •وقد تم إسعاف معظم الحالات وانصرافهما من المستشفى الميدانى، والمستشفيات التى أحيلوا إليها، عدا حالات محدودة لازالت تخضع للعلاج من بينها حالة إسلام فتحى مخيمر (18 سنة صاحب بوفيه متنقل فى ميدان التحرير) الذى سقطت عليه زجاجة مولوتوف خلال التراشق بين المتظاهرين والشرطة وأحدثت به حروقًا بنسبة 60 % من الدرجة الثالثة وفقًا لتقرير مستشفى أحمد ماهر التعليمى . •روج أشخاص لشائعة مقتل محتجز من جراء التعذيب بوزارة الداخلية لحفز المتظاهرين لاقتحام الوزارة، فيما كان متظاهرون يتوجهون إليها لتقديم شكاوى بشأن اعتقال عدد من الأفراد من أمام مسرح البالون . •كما لاحظ أعضاء اللجنة أن نمط مهاجمة المتظاهرين للشرطة كان ينطوى على الرغبة فى الامتهان مثل نزع ملابس جندى جرى اختطافه، ومحاولة إحراق أحد الجنود، وملاحقة بعض المصابين منهم إلى المستشفيات للفتك بهم، وفقا لشهادة مدير إحدى المستشفيات. •اقتصر تعامل السلطات مع التظاهرات على قوات الشرطة حتى مساء اليوم الثانى من الأحداث واتساع نطاق أعمال العنف، وعززت قوات الجيش الشرطة مساء اليوم الثانى . الاستخلاصات والتوصيات 1.فى تحليله للأحداث وخلفياتها استخلص فريق تقصى الحقائق الاستنتاجات التالية:
أ.وقعت هذه الأحداث فى سياق مشحون بالاحتقان على خلفية بطء إجراءات محاكمة المتهمين أو المشتبه فيهم بجرائم قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة.
ب.شعور المصابين وأسرهم بعدم اهتمام الدولة والرأى العام بأوجه المعاناة التى يعيشونها، فى غياب رؤية منهجية من قبل الدولة للتعامل مع ملف ضحايا الثورة وترك الأمر لمجموعة من المبادرات الأهلية غير المنظمة .
ت.الشعور السائد بالقلق من جانب المجتمع تجاه مسار تحقيق أهداف الثورة والتباس المسار السياسى مما يخلق بيئة صالحة لشيوع الاضطراب فى المجتمع.
ث.عمل أطراف مستفيدة من الانفلات الأمنى على الحيلولة دون عودة أجهزة الشرطة لاستنئاف دورها المهنى فى الضبط الاجتماعى .
2.وفى معاينته لمواقع الأحداث وتسلسلها وروايات شهود العيان استخلص فريق تقصى الحقائق ما يلى : أ. يجمع مسار الأحداث بين مشهدى الترتيب المسبق، والتفاعل العفوى، يشير إلى تلك الشهادات المتعلقة بنقل الحجارة إلى مواقع الأحداث بسيارات لا تحمل لوحات معدنية، وافتعال أزمة غير مبررة فى احتفالية تكريم بعض أسر الشهداء فى مسرح البالون، والاقتحام غير المبرر لمرافق المسرح والقيام ببعض الأعمال التخريبية، ومحاولة جذب المعتصمين الباحثين عن الحق من أمام ماسيبرو لمسرح الأحداث .
ب.استخدام الشرطة المفرط للقوة متمثلاً فى إطلاق عدد كبير من القنابل المسيلة للدموع لايتناسب مع إجمالى أعداد المتظاهرين، وكذلك استخدام طلقات الخرطوش على نحو أدى إلى ارتفاع عدد المصابين، وبفحص نوعية بعض الفوارغ من القنابل المسيلة للدموع التى تحصل عليها أعضاء اللجنة تبين أنها من طرازات ( 518، و501، و560، و350) التى تتفاوت فى المدى والقوة . ت.قيام الشرطة باعتقال بعض المواطنين أثناء إسعافهم، وقد ساهم ذلك إلى جانب استخدام الشرطة للقوة المفرطة فى إثارة المواطنين وانضمام أعداد كبيرة منهم إلى المتظاهرين .
ث.عدم إعلان السلطات عن أعداد المعتقلين وأسمائهم، وأماكن احتجازهم، وإحالتهم للنيابات العسكرية على نحو أصبح يمثل نمطًا متكررا يتعارض كلية مع معايير المحاكمة العادلة والمنصفة .
ج.وقد لاحظت اللجنة بقلق ظهور جماعات منظمة بين المتظاهرين تقود أعمال العنف مزودة بأسلحة بيضاء، وزجاجات "مولوتوف", ويرتدى بعضهم زيًا موحدًا ويحرصون على إظهار ما يحملونه من أوشام على أذرعهم .
ح.كما لاحظت بقلق نشر شائعات بين المتظاهرين عن وفاة أحد المحتجزين بوزارة الداخلية جراء التعذيب، بهدف الإثارة ودفع المتظاهرين لاقتحام مقر وزارة الداخلية، فضلا عن ظهور نمط فى تعامل بعض المتظاهرين مع رجال الشرطة على نحو يسعى إلى امتهانهم جراء استفزاز أحد رجال الأمن المركزى للمتظاهرين بالرقص بالسيف أمام مرؤسيه، وتوجيه أحد الضباط ألفاظًا نابية للمتظاهرين عن طريق مكبر للصوت .
خ.وقد لمست اللجنة خلال تفقدها للمستشفيات شعورًا بالترويع للقائمين على المستشفيات من أطباء وهيئة تمريض، وإداريين، جراء تعرض المستشفيات خاصة فى مثل هذه الظروف الاستثنائية لاعتداءات من جانب أشخاص خارجين على القانون يستهدفون ملاحقة المصابين، أو الحصول على المواد المخدرة، أو إملاء أسبقية علاج مرافقيهم على حالات حرجة يقومون بعلاجها، أو محاولة انتزاع تقاير طبية غير مطابقة للحقيقة ولأهداف شخصية، وطالب مديرو بعض المستشفيات نقل استغاثتهم إلى أجهزة الدولة لتوفير الحماية الأمنية لهذه المستشفيات . التوصيات وفى سياق هذه الاستخلاصات والاستنتاجات يخلص المجلس القومى لحقوق الإنسان الى التوصيات التالية : أ.دون إخلال بمعايير المحاكمة العادلة التى يكفلها القانون الوطنى والمعايير الدولية، فإن المجلس يؤكد على ضرورة التعجيل فى إجراء المحاكمات المتعلقة بالمتهمين والمشتبه بهم فى جرائم قتل وإصابة المتظاهرين سلميا خلال الثورة على نحو عاجل وعادل وعلنى، ويناشد المجلس القومى لحقوق الإنسان مجلس القضاء الأعلى إصدار قرار بتفرغ الدوائر التى تتولى هذه المحاكمات فى نظر جرائم قتل المتظاهرين فقط .
ب.ضرورة أن يسمح بحضور ممثلى الضحايا فى المحاكمات المعنية لمتابعة إجراءات المحاكمة باعتباره حق من حقوق الضحايا وفقاً للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة والمنصفة .
ت.يوصى المجلس بسرعة تفعيل المؤسسة التى أنشأتها الدولة لرعاية أسر الشهداء والمصابين وسرعة إصدار اللائحة التنفيذية للمؤسسة، وتوفير الإعلام الكافى بشأنها للمستفيدين بخدماتها وحث مؤسسات المجتمع المدنى المعنية لدعم أسر الضحايا ماديًا لتنسيق دعمها المادى مع مؤسسات الدولة .
ث.دعم جهود الدولة فى تسريع وتيرة استكمال إعادة دور الشرطة فى أداء واجباتها المهنية لوضع حد لحالة الانفلات الأمنى، وتطبيق المعايير الدولية للعمل الشرطى وإعادة هيكلة جهاز الشرطة على أسس سليمة حديثه يراعى فيها احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
ج.يدعم المجلس القومى لحقوق الإنسان بشدة مطالب مسؤولى المستشفيات القريبة من مواقع الأحداث بتوفير الحماية اللازمة، ويطالب بمد هذه الحماية لكافة المستشفيات العامة والتى تشكو من ذات الظاهرة التى تسبب فى انتهاك صارخ للعديد من الحقوق الأساسية للمواطنين .