في الفيلم الفرنسي "لاكونكيت" أو الخديعة للمخرج كزيفييه دورينجيه والذي عرض خارج المسابقة الرسمية للدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي الدولي، نري رحلة وصول ساركوزي للحكم بشكل ساخر حيث أكد في أحد مشاهده علي لسان الرئيس الفرنسي "السياسيون جميعهم أغبياء"، وفي حكي متواز نري ساركوزي يفقد زوجته بعد 20 عاما من حياة عائلية مستقرة، فهي لاتحب السلطة ولا الأضواء وسئمت من سعي ساركوزي دائما وراء النساء، واضطرا إلي عمل تمثيلية امام الشعب الفرنسي أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لإثبات أن علاقتهما مستقرة، وهذا غير حقيقي ففور وصول ساركوزي للحكم تركته زوجته رسميا. صور الفيلم ساركوزي كأنه ممثل كبير علي مسرح السياسة يصدقه دائما الشعب الفرنسي، وتناول أيضا الفيلم الصراع بينه وبين وزير الخارجية الفرنسي السابق علي رئاسة التحالف الحاكم، UNP، واستخدام الكذب والخداع في تضليل الرأي العام . لا أدري لماذا كلما سمعت أو قرأت خبرا عما يحدث في مصر الآن، أتذكر هذا الفيلم الجميل، الجميع يغرد من أجل مصلحة سياسية أو دور يطمح إليه، بعيدا عن العمل العام الحقيقي، رأيت هذا في التحالف الساذج بين أحزاب الحرية والعدالة والوفد والجبهة والتجمع وبقية الأحزاب ال «13»، ثم انسحاب البعض منه، لا أدري مع من هذا التحالف وضد من، حتي الآن لم تجر أي انتخابات ديمقراطية في مصر، ولا يستطيع أي حزب الادعاء بتقييم مدي قوته في الشارع، وهذا النوع من التحالفات يحدث فقط أثناء الانتخابات وبعدما يعرف كل طرف قوة الآخر، وغالبا مايكون ضد حزب آخر قوي أو تحالف آخر وهذا غير موجود، فهل هم تحالفوا من أجل تقسيم التورتة.
الخديعة التي نتعرض لها في فصل وهمي وساذج بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وادعاء الجماعة أنها تدعم الدولة المدنية، رغم أنها تاجرت باسم الدين في استفتاء تعديل الدستور، خديعة ادعاء يحيي الجمل وعصام شرف بأنهما «سمن علي عسل» رغم أن القاصي والداني يعلم أن هناك حربا تدور بين الاثنين، وموافقة شرف علي استقالة الجمل ورفض المشير طنطاوي لها أكبر دليل علي هذا، والخلاف بين السياسيين دائما فيه رحمة للشعوب، ولكن الخلاف المعلن في السياسات وليس حرب تكسير العظام من تحت لتحت.
الخديعة التي نتعرض لها في الحكم علي أمين الشرطة الهارب بالإعدام، ولا أحد يعرف عنه شيئا في الوقت الذي يمارس فيه بقية المتهمين من الشرطة في قضايا قتل المتظاهرين عملهم بشكل طبيعي، ووزير الداخلية يدافع عن أمين الشرطة الهارب في حوار صحفي نشر باليوم السابع وأجراه الزميل خالد صلاح والزميلة سحر طلعت، ويناشده أيضا بتسليم نفسه مؤكدا أن موقفه في القضية قوي من وجهة نظره الشخصية، ولم يتحدث عن محاولات الداخلية للقبض عليه إن كانت موجودة من الأساس.
الخديعة التي نتعرض لها من عشرات الإعلاميين والصحفيين ممن غيّروا مواقفهم تجاه الثورة، وكانوا يحرضون علي الثوار في ميدان التحرير، وبعد نجاحها أصبحوا أبواقا لها، كيف يصف سيد علي الشباب في ميدان التحرير بأنهم عبدة شيطان ثم يعود ليتحدث عن بطولاتهم ؟
كيف يسعي فلول الحزب الوطني نحو العودة للحياة السياسية وهم من قامت الثورة ضدهم ؟
كيف تملك أركان النظام السابق في النقابات الفنية الجرأة لترشح نفسها مرة أخري مثلما حدث في نقابتي السينمائيين والموسيقيين ؟
هل قامت الثورة من أجل ملابس المذيعات في التليفزيون ؟
هذا السؤال ليس دربا من دروب الخيال بل هو إحدي توصيات مؤتمر الوفاق القومي بناء علي طلب من الشيخ يوسف البدري صاحب فضيحة الرقية الشرعية المدفوعة الثمن.
الخديعة حينما نري رجل أعمال مثل السيد البدوي وفي الوقت نفسه رئيس حزب الوفد، ويمتلك إمبراطورية إعلامية من تليفزيونات وصحف تسعي لتأكيد سيطرته ونفوذه كرجل أعمال، الخديعة التي نتعرض لها حينما يكون أول موقف اقتصادي لحزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس بإصدار بيان يرفض فيه الضريبة التصاعدية، وهو بيان يخدم مصالحه كرجل أعمال ويضر بمصالح الملايين من الفقراء ومعدومي الدخل.
الخديعة حينما نري تصريحات ل «وزير الصحة» تؤكد أن صحة الرئيس السابق جيدة ولا يعاني من سرطان، ثم يعلن المحامي فريد الديب أنه مصاب بالسرطان، فإذا كان الديب صادقا، فيجب أن يستقيل وزير الصحة، وإذا لم يكن فعلي وزير الصحة الدفاع عن نفسه.
أعزائي المتلاعبين بمستقبل هذا الوطن، نحن لسنا «شعب ساذج أو أهبل» حتي تتعاملوا معنا هكذا.