لا يمر أسبوع دون أن يهاجمنى زملاء وأصدقاء لأننى لم أكتب بعد عن راتب رئيسى مجلسى الشعب والشورى الكتاتنى وأحمد فهمى ومخصصاتهما. ولا عن تكلفة الغداء للبهوات النواب وبدلاتهم. وعبثا أحاول أن أفهم الزملاء أن مصر تمر بلحظة فاصلة وحرجة. وأن الأمر يستدعى ألا نشغل أنفسنا وقراءنا بالصغائر من الأمور، والقليل من الأموال. وأضيف أن الأهم من إنفاق المجلسين كام مليون جنيه هو أن نبحث فى أداء المجلسين، ولم أقنع الزملاء.. وكان ردهم: طيب وحكاية رصف الشارع الذى تقع فيه فيللا الدكتور الكتاتنى أليس إعادة لفكر نظام مبارك؟ أليس تكريسا لذهاب الخدمات للبهوات من كبار المسئولين؟ فأجيبهم بالطبع ولكن الأهم أن نبحث عن لجنة استرداد الأموال المنهوبة التى شكلها مجلس الشعب، وراح يملأ الصحف تصريحات عن أن اللجنة ستأتى (بالديب من ذيله) والمليارات من مخبئها. ثم اختفت اللجنة فى ظروف غامضة. ولكن مثل هذا الكلام لم يقنع أصدقائى، وظلوا على رأيهم. ووسط هذا النقاش خصص مجلس الشورى جلستين لبحث قضية توصيل (خط مياه) لوزير سابق فى حكومة نظيف من أموال أحد الصناديق. وظهر أن الوزير المقصود هو وزير الاستثمار السابق محمود محيى الدين. وقد أوحى استخدام تعبير خط مياه بأننا أمام قضية إهدار كام مليون جنيه، وكأننا نتحدث عن خط غاز. وفور النشر وصلتنى من بعض أفراد عائلة محيى الدين مستندات تثبت أن الوزير السابق قد سدد ثمن توصيل ماسورة المياه إلى بيته بكفر شكر، وذلك قبل إثارة الموضوع بمجلس الشورى بنحو عام. واعتبرت أن القضية منتهية، ولا تستحق التعليق عليها. ولكننى فوجئت الأسبوع الماضى فى مجلس الشورى الذى ندفع موازنته وبدلات أعضائه من جيوبنا ما يعيد فتح القضية فور وصول تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات. وأكد التقرير بالمستندات أن الوزير قد سدد بالفعل مبلغ 82 ألف جنيه ثمنا لماسورة المياه فور مطالبته بالمبلغ. وبدلا من أن يغلق مجلس الشورى الموضوع أحال التقرير للنيابة العامة. وقال وكيله الإخوانى على فتح الباب (إننا لا يمكن أن نسكت على مخالفة القانون خاصة أن البيت قد بنى على أرض زراعية). المثير أن الإخوان أعلنوا عن موافقتهم على الأراضى الزراعية لمرة واحدة، والأكثر إثارة أن نائب دائرة كفر شكر فى برلمان 2005 كان إخوانيا. ولم يثر القضية لا فى المجلس ولا على صفحات الجرائد. على الرغم من أن توصيل الماسورة قد تم خلال هذا المجلس. ولا يمكن تصور أن وكيل مجلس الشورى الإخوانى ولا رئيسه الإخوانى يضيعان وقت المجلس هدرا. أو تصور أن مصر قد استردت ملياراتها المنهوبة كلها من بيع أراضى الدولة أو الخصخصة أو الغاز حتى يتفرغ مجلس الشورى لمخالفه ب82 ألف جنيه تم دفعها. ولكن الأقرب للصواب أن الإخوان يستخدمون المجلسين لخدمة مصالحهم السياسية، والترويج للحزب فى ذروة الانتخابات الرئاسية. وذلك برسم صورة الحزب كمقاتل شرس للدفاع عن المال العام. ولكن يؤسفنى أن أقول للمجلس إن الضربة لم تدخل المرمى هذه المرة، بل على العكس أثبت مجلس الشورى هذه المرة أن كل المنادين بإلغائه وتوفير الملايين من الجنيهات التى تنفق عليه معهم كل الحق. مع الاعتذار للقارئ على إضاعة هذه المساحة على قصة ال82 ألف التى تم تسديدها، وتعويضا عن ذلك الإهدار أعدكم بقصص حقيقية عن إهدار المال العام