أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ أمس 16 مايو سنة 2012 برئاسة المستشار / عدلى منصور نائب رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عبدالوهاب عبدالرازق ، ومحمد خيرى طه ، والدكتور عادل شريف ، وبولس فهمى ، ومحمود غنيم ، والدكتور حسن البدراوى وحضور المستشار الدكتور محمد النجار رئيس هيئة المفوضين ، قرارها فى شأن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية ويقضى القرار بالأتى : أولاً : أن المادة الثالثة من المشروع المعروض يخرج عن اختصاص هذه المحكمة بالرقابة السابقة وهى المادة الخاصة باعتبار شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمى منها حجة فى إثبات الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين ، وكذلك أى وثائق أو مستندات أخرى تمنحها الدولة للمواطن مثل بطاقة الرقم القومى أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون . ثانياً: أن نص الفقرة الأولى من المادة (20) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية المستبدلة بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون الماثل والذى يتعلق ببدء الحملة الانتخابية للمرشحين اعتباراً من تاريخ فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية وحتى بدء اليوم المحدد للاقتراع داخل جمهورية مصر العربية ، وفى حالة انتخابات الإعادة تبدأ الحملة عقب إعلان النتيجة وحتى بدء اليوم المحدد للتصويت فى انتخابات الإعادة . وكذا نص المادة (6) مكرراً المضافة إلى القانون رقم 174 لسنة 2005 بشأن حظر تولى أعضاء اللجنة الرئاسية مناصب قيادية تنفيذية المشار إليه بنص المادة الثانية منه لايتفقان وأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 ، على النحو الوارد بالأسباب . ثالثاً : أن نص المادتين ( 38 ، 54 ) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه المستبدلتين بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون ، وهما المادتان الخاصتان باعلان بتاريخ الانتخابات فى اللجان العامه ، والاكتفاء بعقوبة الغرامة عن مخالفة الأحكام المنظمة للدعاية الانتخابية تتفقان وأحكام الدستور على الوجه المبين بالأسباب . ومرفق مع هذا النص الكامل لقرار المحكمة فى المشروع المعروض . بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 ، وعلى مشروع القانون المعروض ، والمداولة . وحيث إن المادة الثالثة من مشروع القانون الماثل تنص على أن " تضاف فقرة ثانية إلى المادة 24 من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية نصها الآتى : مادة 24 فقرة ثانية : " ومع مراعاة عدم الإخلال بالقواعد العامة للإثبات الواردة فى القانون رقم 25 لسنة 1968 بشأن الإثبات فى المواد المدنية والتجارية أو أى قوانين أخرى . تعتبر شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمى منها حجة فى إثبات الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين ، وكذلك أى وثائق أو مستندات أخرى تمنحها الدولة للمواطن مثل بطاقة الرقم القومى أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها طبقًا للقانون ." وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن نص الفقرة الخامسة من المادة (28) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 قد حصر حدود الرقابة القضائية السابقة التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا على مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية ، مُقصرًا إياها على مشروع القانون المذكور دون غيره ، وبالتالى فإن مد نطاقها ليشمل النصوص الواردة فى مشاريع قوانين أخرى ، دون نص صريح فى الإعلان الدستورى ، يكون مجاوزًا إطار الاختصاص الدستورى المقرر لهذه المحكمة فى مجال الرقابة السابقة ، وتوسعًا فى تفسير النصوص الحاكمة لها ، حال كونها استثناء لا يتوسع فى تفسيره ولا يقاس عليه ، كما يُعد الأخذ به خوضًا من هذه المحكمة فى اختصاص ليس لها ، ومجاوزة منها لتخوم ولايتها التى حددها لها الإعلان الدستورى المشار إليه ، ومن ثم فإن ما ورد بمشروع القانون الماثل بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية يخرج عن اختصاص هذه المحكمة بشأن الرقابة السابقة . وحيث إن هذه المحكمة تؤكد على ما سبق أن قررته من ضوابط لممارسة رقابتها السابقة على دستورية قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية والتعديلات التى أُدخلت عليه والتى تتمثل فى أنه يخرج عن اختصاصها السابق تحديده فى دستور عام 1971 وردده الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 ، ما يلى : 1- مراجعة الصياغة القانونية للمشروع . 2- النظر فى أى تناقض بين نصوص المشروع بعضها البعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى ، ما لم يرق هذا التناقض إلى مصاف المخالفات الدستورية . 3- تقرير مدى ملاءمة بعض الأحكام التى حواها المشروع ، باعتبار أن ذلك الأمر يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع . وحيث إن المادة الأولى من مشروع القانون المعروض تنص على أن " يستبدل بنصوص المواد 20 ( فقرة أولى ) ، 38 ، 54 من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية النصوص الآتية : مادة (20) فقرة أولى : " تبدأ الحملة الانتخابية للمرشحين اعتبارًا من تاريخ فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية وحتى بدء اليوم المحدد للاقتراع داخل جمهورية مصر العربية ، وفى حالة انتخابات الإعادة تبدأ الحملة عقب إعلان النتيجة وحتى بدء اليوم المحدد للتصويت فى انتخابات الإعادة . وتحظر الدعاية الانتخابية فى غير هذه المواعيد بأية وسيلة من الوسائل ". ويتبين من هذا النص أنه أدخل تعديلاً على مدة الحملة الانتخابية بحيث تبدأ اعتبارًا من تاريخ فتح باب الترشح وحتى بدء اليوم المحدد للاقتراع داخل جمهورية مصر العربية ، بعد أن كانت وفقًا للنص قبل تعديله اعتبارًا من الثلاثة أسابيع السابقة على التاريخ المحدد للاقتراع ، وحتى قبل يومين من هذا التاريخ ، وفى حالة انتخابات الإعادة تبدأ الحملة الانتخابية عقب إعلان نتيجة الاقتراع وحتى بدء اليوم المحدد للتصويت بعد أن كانت تبدأ وفقًا للنص قبل تعديله من اليوم التالى لإعلان نتيجة الاقتراع وحتى الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم السابق على التاريخ المحدد للاقتراع فى انتخابات الإعادة ، كما ألغى فترة الصمت الانتخابى ، التى تحظر فيها الدعاية الانتخابية بأية وسيلة من الوسائل ، وقصرها على أيام الاقتراع فقط . وحيث إن المادة (1) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 تنص على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة ، وقد حددت المواد من 26 إلى 28 منه الأحكام الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ، كما تضمنت المواد من 32 إلى 41 من هذا الإعلان القواعد المتعلقة بانتخاب مجلسى الشعب والشورى . ومؤدى هذه الأحكام والقواعد أن المشرع الدستورى حرص على كفالة الحقوق السياسية للمواطنين جميعًا ، وقوامها حقا الترشيح والانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء ، وتمكينهم من ممارستها ضمانًا لإسهامهم فى الحياة العامة ، وباعتبارها إحدى الوسائل الديمقراطية للتعبير عن آرائهم واختيار قياداتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم فى البلاد ، وتكوين المجالس النيابية ، ومن ثم تعد ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية ، وعلى وجه الخصوص حقا الترشيح والانتخاب ، أحد أهم مظاهرها وتطبيقاتها ، سواء كان ذلك بوصفهم ناخبين يتمتعون بالحق فى اختيار مرشحيهم على ضوء اقتناعهم بقدرتهم على التعبير عن القضايا التى تهمهم ، أم بوصفهم مرشحين يناضلون وفق قواعد منصفة من أجل الفوز بالمقاعد التى يتنافسون للحصول عليها ، وهذان الحقان هما حقان مترابطان ومتكاملان يتبادلان التأثير فيما بينهما ، ومن ثم كانت ممارسة المشرع لسلطته التقديرية فى تنظيم هذين الحقين رهنًا بالتقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الإعلان الدستورى ، وبحيث لا يجوز له التذرع بتنظيم العملية الانتخابية سواء بالنسبة لزمانها أو مكان إجرائها أو كيفية مباشرتها ، للإخلال بالحقوق التى ربطها الإعلان الدستورى بها ، بما يعطل جوهرها أو ينتقص منها أو يؤثر فى بقائها أو يتضمن عصفًا بها أو إهدارًا أو مصادرة لها . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكانت الغاية من الحملة الانتخابية هى تمكين المرشحين من عرض أفكارهم وآرائهم وبرامجهم على هيئة الناخبين ، وصولاً إلى تكوين قناعتهم بهم ، واختيارهم لهم ، والفوز بالمنصب الذى يتنافسون للحصول عليه ، وهو حق لا يثبت قانونًا إلا لمن اكتسب صفة المرشح ، والذى لا يتحقق إلا بإعلان القائمة النهائية للمرشحين طبقًا لنص المادة (17) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه ، ومن ثم فإن تقرير النص المعروض الحق فى بدء الحملة الانتخابية اعتبارًا من تاريخ فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية وقبل إعلان القائمة النهائية للمرشحين ، يُخرج الحق فى الترشيح والمكنات المرتبطة به عن إطاره الدستورى ، ونطاق الدائرة التى يعمل فيها ، ويعد فى الوقت ذاته إخلالاًً بالضمانات الأساسية الواجب توفيرها لهيئة الناخبين ، والتى تتصل بتحديد المرشحين الذين تتولى تلك الهيئة المفاضلة بينهم لتحديد من تمنحه ثقتها ، وهو ما يؤثر فى الحق فى الانتخاب ويتضمن مساسًا به . وحيث إن فترة الصمت الانتخابى ، تعد فى واقع الأمر واجبًا على المرشح ، والتزامًا قانونيًا على عاتقه ، وحقًا للناخب فى الوقت ذاته يستهدف إلى جانب ضبط العملية الانتخابية ، تمكين الناخبين من تكوين قناعتهم والمفاضلة بين المرشحين وتحديد اختياراتهم ، بعيدًا عن ضغوط ومؤثرات الحملات الانتخابية وما تحويه من دعاية بوسائلها المختلفة ، بعد أن أتيح لها وقتها الكافى ، وبالتالى فإن إلغاء تلك الفترة يعتبر انتقاصًا من حقوق هيئة الناخبين ، وإخلالاً بالتوازن بين حقوق كل من المرشحين وهيئة الناخبين ، باعتباره التزامًا دستوريًا على عاتق المشرع لا يملك منه فكاكًا . وحيث إن المادة (38) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه ، المستبدلة بموجب المادة الأولى من مشروع القانون المعروض تنص على أن " تقوم اللجنة العامة بتجميع كشوف الفرز المعدة بمعرفة اللجان الفرعية لجمع أصوات الناخبين وإثبات إجمالى ما حصل عليه كل مرشح من كافة اللجان فى محضر من ثلاث نسخ يوقعه الرئيس . وعقب انتهاء اللجنة من أعمالها تقوم بإعلان النتائج على نحو يوضح عدد الأصوات الصحيحة التى حصل عليها كل مرشح ، على أن تتم جميع الإجراءات السابقة فى حضور المرشحين أو وكلائهم وممثلين عن منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام ، ثم ترسل المحضر المشار إليه بالقفرة الأولى إلى لجنة الانتخابات الرئاسية ، ويسلم رئيس اللجنة العامة كلاً من المرشحين أو وكلائهم أو مندوبيهم صورة من النتيجة مختومة بخاتم اللجنة العامة وممهورة بتوقيع رئيس اللجنة . وتحدد اللجنة قواعد حفظ هذه النسخ وأوراق الانتخاب . وتسرى هذه الأحكام على القائم بأعمال رئيس اللجنة العامة فى السفارات والقنصليات المصرية خارج جمهورية مصر العربية " . ويتبين من النص المستحدث أنه أضاف للنص القائم إلزام رئيس اللجنة العامة بتسليم كلٍّ من المرشحين أو وكلائهم أو مندوبيهم صورة من النتيجة مختومة بخاتم اللجنة العامة وممهورة بتوقيع رئيس اللجنة، وقضى بسريان هذا الحكم على القائم بأعمال رئيس اللجنة العامة فى السفارات والقنصليات المصرية خارج جمهورية مصر العربية . وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن باشرت رقابتها السابقة على هذا النص – فيما عدا ما استحدثه من أحكام على النحو المتقدم – وذلك بقرارها الصادر بجلسة 13/3/2012 ، والذى نشر فى الجريدة الرسمية بعددها رقم 10 مكررًا (أ) بتاريخ 14/3/2012 وانتهت فيه إلى أن مشروع القانون المعروض يتفق وأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 على النحو الوارد بالأسباب ، مما مقتضاه أن النص الذى تمت مراجعته لا يعتبر متفقًا وأحكام الدستور إلا فى ضوء ما دونته المحكمة بأسباب قرارها ، وهو ما تعيد المحكمة التأكيد عليه والذى يتمثل فيما يلى :- أولاً : أن إعلان النتائج من قبل اللجنة العامة طبقًا لنص المادة (38) المعروض ، يعتبر أحد مراحل عملية انتخاب رئيس الجمهورية ، التى تشرف عليها لجنة الانتخابات الرئاسية بدءًا من الإعلان عن فتح باب الترشح وحتى إعلان النتيجة العامة للانتخابات ، وعلى ذلك فإن إعلان النتيجة الوارد بالنص المذكور يعنى مجرد إجراء حصر عددى مبدئى لأصوات الناخبين التى حصل عليها كل مرشح فى كل من هذه اللجان ، لا ينبئ عن فوز مرشح أو خسارة آخر ، ومن ثم فإن صورة النتيجة التى تسلم من رئيس اللجنة العامة للمرشحين أو وكلائهم أو مندوبيهم ، الممهورة بخاتم اللجنة وتوقيع رئيسها طبقًا لما ورد بالمشروع المعروض هى مجرد بيان بذلك الحصر العددى المبدئى ، لا ينبئ عن فوز أحد المرشحين أو خسارة آخر ، وأن العبرة فى كل ذلك بالنتيجة العامة للانتخابات التى تعلن بمعرفة لجنة الانتخابات الرئاسية طبقًا لنص المادة (39) وما بعدها من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه . ثانيًا :- أن عدم حضور منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام المختلفة عملية الاقتراع والحصر والفرز وإعلان النتائج لا يترتب عليه بطلان عمل اللجنة ، ما لم يكن عدم حضورهم بسبب قرار صادر من رئيس لجنة الانتخابات دون وجه حق ، وأنه يتعين وضع معيار واضح ودقيق لتحديد المقصود بمنظمات المجتمع المدنى ، مع تحديد حد أقصى لعدد ممثلى تلك المنظمات ووسائل الإعلام فى كل لجنة ، وقصر الحق فى الحضور على تلك المصرح لها من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية ، لما كان ذلك ، وكانت تلك الضوابط ، إلى جانب الأسباب الأخرى التى بنى عليها قرار المحكمة الصادر بتاريخ 13 من مارس سنة 2012 ، تكمل منطوق ذلك القرار ، وترتبط به ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة ، وبالتالى تثبت لها جميعًا مع هذا المنطوق صفة الإلزام قبل الكافة ، وبالنسبة إلى جميع سلطات الدولة ، بصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة (28) من الإعلان الدستورى ، بما لازمه وجوب التقيد بتلك الضوابط والالتزام بها ، وبما تضمنه البند أولاً آنف الذكر ، وإلا وقع النص المعروض في حومة مخالفة أحكام الإعلان الدستورى المتقدم ذكره . وحيث إن المادة (54) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه المستبدلة بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون المعروض تنص على أن : " يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائتى ألف جنيه كل من خالف الأحكام المنظمة للدعاية الانتخابية المنصوص عليها فى المادة (21) من هذا القانون " . ويتبين من هذا النص أنه استبدل بالعقوبة الواردة به قبل التعديل وهى الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، عقوبة الغرامة التى لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه، كل من خالف الأحكام المنظمة للدعاية الانتخابية المنصوص عليها فى المادة (21) من القانون ذاته . وإذا كان تقرير هذا النص يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع، إلا أنه يتعين حتى يأتى النص المذكور موافقًا لأحكام الإعلان الدستورى مراعاة أن يسرى عليه القيد العام الوارد بصدر المادة (42) من القانون رقم 174 لسنة 2005 سالف الذكر والذى ينص على أن ( مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر ) . وحيث إن المادة الثانية من مشروع القانون المعروض تنص على أن : تضاف مادة جديدة برقم 6 مكررًا إلى القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية نصها الآتى : مادة 6 مكرراً : " لا يجوز تعيين أحد أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية وأمانتها العامة فى منصب قيادى تنفيذى أو فى مجلسى الشعب والشورى مدة ولاية الرئيس المنتخب اعتبارًا من أول انتخابات بعد سريان القانون ". وحيث إن نص المادة (28) من الإعلان الدستورى قد تضمن تنظيمًا متكاملاً للأوضاع المتعلقة بلجنة الانتخابات الرئاسية، من حيث تشكيلها واختصاصاتها وأدائها لمهامها الموكلة إليها، وأسند رئاستها لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضويتها لكل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة، وذلك بصفاتهم الوظيفية، وقد خلا هذا النص من أى قيد يفرضه على تولى أى منهم منصبًا قياديًا تنفيذيًا أو تعيينه فى مجلسى الشعب أو الشورى بعد انتهاء مدة عضويته لتلك اللجنة مراعيًا فى تكليفهم بهذه المهمة ودون أى اختيار منهم طبيعة وظائفهم وسموها فى مدارج السلم القضائى، وما يتوافر فيهم من حيدة ونزاهة واستقلال طُبعوا عليها بحكم توليهم سدة القضاء طيلة مدة خدمتهم، ومن ثم فقد بات حظر توليهم للمناصب التى عددها النص المعروض ولمدة ولاية الرئيس المنتخب، قيدًا على الأحكام التى تضمنها نص المادة (28) من الإعلان الدستورى لم يرد به، ومجاوزة من المشرع للإطار الدستورى لسلطته فى سن القوانين التى تنظم الحقوق والحريات التى كفلها الإعلان الدستورى . وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد إضطرد على أن العمل ليس منحة من الدولة تقبضها أو تبسطها وفق إرادتها ليتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يمتَنعون منها ، بل هو حق للمواطنين يجد سنده فى المواطنة التى يقوم عليها نظام الدولة طبقًا لنص المادة (1) من الإعلان الدستورى . كما جرى قضاؤها على أن سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق ، أنها سلطة تقديرية له يفاضل من خلالها بين بدائل متعددة مرجحًا من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التى قصد إلى ضمانها ، إلا أن الحدود التى يبلغها هذا التنظيم لا يجوز بحال أن يجاوز – بمداها – متطلباتها المنطقية . وإذ عهد الإعلان الدستورى إلى السلطة التشريعية بمقتضى نص المادة (33) منه سلطة التشريع ، فإن ما تقرره هذه السلطة من قواعد قانونية تتناول بالتنظيم موضوع معين ، لا يجوز أن ينال من الحقوق التى كفل الإعلان الدستورى ذاته أصلها ، سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها ، ذلك أن إهدار هذه الحقوق أو تهميشها ، عدوان على مجالاتها الحيوية ، ولا يجوز بالتالى أن يكون تنظيم هذه الحقوق اقتحامًا لفحواها ، بل يتعين أن يكون منصفًا ومبررًا . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان النص المعروض قد حظر تعيين أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية وأمانتها العامة فى أى منصب قيادى تنفيذى أو فى مجلسى الشعب والشورى ، مدة ولاية الرئيس المنتخب واعتبارًا من أول انتخابات بعد العمل بالقانون المذكور ، وكان هذا الحظر قد ورد عامًا ومطلقًا ، بحيث يسرى على أعضاء اللجنة وأمانتها العامة ، طيلة مدة عضويتهم لها ، وبعد انتهائها وانقطاع كل صلة لهم بها ، ولمدة ولاية الرئيس المنتخب ، وهو ما يتضمن مساسًا بحقهم فى العمل وتولى المناصب ، وانتقاصًا منه وتعطيلاً لبعض عناصره ، بما ينال من جوهره ، دون مقتض أو مبرر من المصلحة العامة ، ويجاوز – من ثم – الإطار الدستورى لسلطة المشرع فى تنظيم هذا الحق ، ومتطلباته المنطقية . وحيث إن المشرع الدستورى فى مجال توكيده لمبدأ الفصل بين السلطات ، الذى يوجب إقامة توازن دقيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، بحيث تتولى كل سلطة من هذه السلطات صلاحياتها التى خولها لها الإعلان الدستورى ، وفى الحدود التى رسمها لها ، دون افتئات من إحداها على الأخرى ، قد حرص على النص فى المادة 19 من الإعلان الدستورى المشار إليه على عدم جواز توقيع عقوبة إلا بحكم قضائى ، هادفًا بذلك إلى تحقيق استقلال السلطتين التشريعية والقضائية ، فلا تحل أولاهما فيما تقرره من قوانين محل ثانيتهما فى مجال تطبيقها على نزاع معين مطروح عليها ، بما لازمه أن اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين طبقًا لنص المادة (33) من الإعلان الدستورى لا يخولها التدخل فى أعمال أسندها الإعلان الدستورى إلى السلطة القضائية طبقًا لنص المادة (46) من هذا الإعلان وقصرها عليها ، وإلا عُد ذلك إخلالاً منها بمبدأ الفصل بين هاتين السلطتين وانتحالاً من المشرع لاختصاص هو من صميم اختصاص السلطة القضائية ، ومن ثم فإن حرمان أعضاء اللجنة وأمانتها العامة من التعيين فى أى منصب قيادى تنفيذى أو فى مجلسى الشعب والشورى مدة ولاية الرئيس المنتخب يُعد فى واقع الأمر بمثابة عقوبة لا يجوز توقيعها بغير جرم ارتكبه أحد ممن عددهم النص ، وجزاء تقرر عن إثم افترضه المشرع ولم يقترفوه ، وبذلك يكون متجاوزًا حدود سلطته فى التشريع ، ومقحمًا لها فى غير مجالها الدستورى . فلهذه الأسباب قررت المحكمة : أولاً:أن المادة الثالثة من المشروع المعروض تخرج عن اختصاص هذه المحكمة بالرقابة السابقة . ثانيًا: أن نص الفقرة الأولى من المادة (20) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية المستبدلة بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون الماثل ، وكذا نص المادة (6) مكررًُا المضافة إلى القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه بنص المادة الثانية منه ، لا يتفقان وأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 ، على النحو الوارد بالأسباب . ثالثًا :أن نص المادتين ( 38 و54 ) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه المستبدلتين بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون تتفقان وأحكام الدستور على الوجه المبين بالأسباب