لم تتبق سوى أيام قليلة، ويستعرض كبار السينما العالمية «عضلاتهم» فى مهرجان «كان» السينمائى الدولى «من 16 إلى 27 مايو»، نادى الكبار هذا العام لم يقتصر فقط على المسابقة الرسمية، بل بعضهم تم وضعه خارج المسابقة وفى أقسام «نصف شهر المخرجين» و«نظرة ما». يحتفل المهرجان هذا العام بالدورة ال 65، وحمل الأفيش الخاص له صورة ل «مارلين مورلو» وهى تطفئ الشموع فى احتفال مزدوج الأول بمرور خمسين عاما على وفاتها والثانى بمرور 65 دورة على المهرجان، هذا الطابع الاحتفائى يظهر بشكل واضح فى المسابقة الرسمية للمهرجان التى يشارك فيها 20 فيلما، وهى من أقوى المسابقات فى تاريخ المهرجان على مستوى أسماء المخرجين، حيث يتنافس فيها كبار السينما العالمية وبحق، وبها الكثير من المخرجين الذين نالوا من قبل السعفة الذهبية، وتحتوى على أنماط مختلفة من الأفلام. ولأول مرة منذ 15 عاما تدخل مصر نادى الكبار من أوسع أبوابه من خلال فيلم «بعد الموقعة» للمخرج الكبير يسرى نصرالله، فقد تم اختيار الفيلم فى المسابقة الرسمية ليتنافس مع عمالقة السينما العالمية على السعفة الذهبية لمهرجان «كان»، وكانت اخر مشاركة لمصر عام 1997 من خلال فيلم «المصير» للمخرج الراحل يوسف شاهين، ويوسف شاهين نفسه احتكر الفوز بالمشاركة فى المسابقة الرسمية لنفس المهرجان منذ عام 1985 حيث شارك بفيلم «وداعا بونابارت» و«اليوم السادس» فى 1987 والمصير 1997، وشارك أيضا بفيلم إسكندرية كمان وكمان فى قسم نصف شهر المخرجين عام 1990. وهى مكانة لم يقترب منها إلا تلميذه يسرى نصرالله حينما شارك بفيلم «المدينة» فى قسم نظرة ما، وفيلم «سرقات صيفية» عام 1988 فى قسم «نصف شهر المخرجين»، كما عرض له فيلم «باب الشمس» فى القسم الرسمى خارج المسابقة، وكان مشاركا فى فيلم «18 يوم» الذى عرض ضمن برنامج مصر ضيف شرف الدورة ال 64 لمهرجان كان، وعرض ليسرى نصرالله أفلام فى مهرجانات كبيرة أخرى مثل «احكى ياشهرزاد» خارج مسابقة فينسيا 2009 و«المدينة» فى مهرجان لوكارنو و«جنينة الأسماك» فى بانوراما مهرجان برلين. أما أبطال فيلم «بعد الموقعة» فقد أدت هذه المشاركة لإثراء سيرتهم الشخصية مع المهرجانات الكبيرة، فتعد هذه هى المشاركة الثانية لمنة شلبى فى المهرجانات الثلاثة الكبرى، بعد فيلم «هى فوضى» فى مهرجان فينسيا، وباسم سمرة يتصدر جيله من حيث المشاركة فى المهرجانات الكبرى، من خلال أكثر من فيلم «المدينة» فى كان ولوكارنو و»سرقات صيفية» و«باب الشمس» و«18 يوم» فى مهرجان كان، وفيلمى «عمارة يعقوبيان» و«جنينة الأسماك» فى مهرجان برلين، ويشترك كل من منة شلبى وباسم سمرة فى أن هذه هى المرة الأولى التى يتنافسان فيها مع كبار نجوم السينما العالمية فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان. فيلم «بعد الموقعة» تم تصويره بالكاميرا الديجيتال دون سيناريو مكتوب، وتدور أحداثه داخل نزلة السمان فى الهرم المنطقة التى خرج منها بلطجية موقعة الجمل، ويتعرض الفيلم من خلال نماذج ريم وفاطمة ومحمود التغيرات السياسية التى حدث بعد «موقعة 25 يناير 2011» فالفيلم يطرح ماحدث فى 25 يناير بأنه مجرد موقعة فى حرب كبيرة لم تنته مع الفساد السياسى والدينى، حيث يطرح تساؤلات مهمة منها كيف سرقت الثورة؟ وماذا حدث بعد الاستفتاء؟ وفكرة الاستقطاب الدينى والسياسى الذى يحدث، والمعركة الأهم مع الفلول، ويتخلل هذا مشاهد حية تم تصويرها فى ميدان التحرير، وسفك الدماء فى محمد محمود وماسبيرو، حيث يحاول الفيلم المزج بين الواقع والشخصيات الدرامية من خلال الاعتماد على شخصيات حقيقية أثناء الأحداث. مهمة يسرى نصرالله ورجاله ليست سهلة على الإطلاق فى نادى الكبار، ولكن وصولهم للمسابقة الرسمية هو أكبرجائزة للفيلم، والذى تم اختياره من قبل 3000 فيلم تقدمت للمشاركة فى المسابقة الرسمية. فى نادى الكبار يعود المخرج الفرنسى «جاك أوديار» لمسابقة المهرجان من جديد بفيلم «صدأ وعظام»، وكانت مشاركته الأخيرة بفيلم «نبى» عام 2010 الذى حصل على جائزة لجنة التحكيم، وفيلمه الأخير فى كان اقتحم المافيا فى السجون الفرنسية، وتحديدا الشاب العربى الذى نجح فى أن يصنع من نفسه «فتوة» للسجن، مع ربط بين الواقع والميثولوجيا. وهناك المخرج الإيرانى الكبير «عباس كايروستامى» بفيلم «مثل إمرئ عاشق»، وكانت آخر أفلامه المشاركة فى المسابقة الرسمية «نسخة طبق الأصل» لجوليت بينوش، وفيلمه الأخير كان عبارة عن حوار طويل بين كاتب بريطانى ومنظمة معارض فرنسية فى منطقة «توسكانا» فى إيطاليا، لا تعرف فيه حتى بعد الانتهاء من الفيلم هل كانا فعلا على علاقة أم لا، حيث يمتزج الخيال بالواقع بشكل مبهر، مع كاميرا تتجول فى المنطقة الإيطالية لتقدم لنا روح هذا العالم الذى يجمع خيال منظمة المعارض الفرنسية وواقعية الكاتب البريطانى، حيث يستعيدا ذكريات بينهما غير موجودة على أرض الواقع. ويعود المخرج النمساوى «مايكل هانيكه» بفيلم «حب» بعد أن حصل على السعفة الذهبية عن فيلم «الوشاح الأبيض» عام 2009، والذى كان ينتقد بشكل أساليب التربية فى فترة النازية، واعتبر البعض وقتها أن الجائزة كانت سياسية أكثر منها فنية، ونرى من خلال هذه الدورة أحد نجوم ومؤسسى جماعة «دوجما 95» السينمائية وهو المخرج «تومسا فيتبرج» بفيلم «المطاردة»، حيث تعتمد هذه الجماعة التى أسسها «لارس فون ترير» على مجموعة من المبادئ الأساسية فى السينما، منها عدم الاعتماد على النجوم والتمرد على الاستديوهات الكبرى والتصوير فى الأماكن الطبيعية واستخدام الإضاءة الطبيعية والتصوير بالكاميرا الديجيتال، والاعتماد على الأفلام المصورة بالجهود الذاتية وقليلة التكلفة، وهى المبادئ التى خرقها المخرج لارس فون ترير نفسه فى أفلامه الأخيرة. أما صاحب سعفة كان الذهبية عام 2006 المخرج الكبير كين لوتش، يشارك هذا العام بفيلم «حصة الملائكة»، وكانت آخر مشاركتين له بفيلمى «البحث عن إيريك» و«طريق أيرلندية»، ففى الفيلم الأول ومن خلال لوحة كوميدية ساخرة نرى «إيريك كانتونا» نجم الكرة الفرنسية، والذى لعب أيضا لنادى مانشستر يونايتد، ينقل نجاحه من عالم الكرة إلى الحياة فى الدراما، حيث تنجح نصائحه فى بث البهجة والسعادة فيمن حوله، وبقوة المغامر تحول «كين لوتش» فى فيلم «طريق أيرلندية» إلى ميلودراما سياسية، حيث تناول قصة جندى بريطانى يعمل فى إحدى شركات الحراسات الخاصة فى العراق، ونراه فى المشهد الأول جثة وتقيم له الشركة جنازة مهيبة فى بريطانيا، ويلقى مدير الشركة خطبة سياسية ينتقد فيها الإرهاب العراقى الذى قتله، وطوال الأحداث يبحث صديقه عن سبب وفاته الحقيقى ليكتشف أن العراقيين لم يقتلوه، وهم أبرياء منه، وتتناول الأحداث الدور الفاسد الذى يلعبه الاحتلال للعراق وانتهاك حقوق الإنسان والتعذيب، والصورة الذهنية الخاطئة التى تبثها جماعات تجنى الأموال من وراء هذا الفساد. نادى الكبار يحوى الكثير من الأسماء الأخرى مثل «كريستيان مونجيو» صاحب سعفة 2007، وآخرين فهل يفعلها يسرى نصرالله ؟