عندما يتحول الجوع إلى لعبة حياة أو موت يمارسها الفقراء للبقاء على قيد الحياة ويتمتع بمشاهدتها الأغنياء ليؤكدوا تفوقهم وتميزهم عن بقية الشعب، فإن الثورة سوف تعرف طريقها لتقضى على تلك المعادلة المختلة، هذه هى فكرة الفيلم الأمريكى «ألعاب الجوع» الذى تحول إلى ظاهرة سينمائية بعد نجاحه فى تحقيق 68 مليون دولار فى الليلة الأولى لافتتاحه ليدخل التاريخ كأعلى فيلم يحقق إيرادات فى تاريخ السينما العالمية فى اليوم الأول لعرضه. الفيلم مأخوذ عن رواية من عدة أجزاء تحمل نفس العنوان. تدور أحداث الفيلم فى المستقبل حيث العالم منقسم إلى مدينة تضم الأغنياء والطبقة الحاكمة ومجموعة من المدن الفقيرة التى تحيط بهذه المدينة الغنية، فى ذكرى محاولة ثورة فاشلة قامت بها المدن الفقيرة تقوم هذه المدينة الغنية بتنظيم مسابقة يطلق عليها ألعاب الجوع يتم خلالها اختيار فتاة وفتى من كل مدينة فقيرة لكى يتنافسوا فيما بينهم فى البقاء على قيد الحياة، حيث ينطلق المتسابقون فى منطقة أقرب للغابة داخل المدينة الغنية، ويتقاتل المتسابقون للحصول على الطعام والمتسابق الذى يبقى على قيد الحياة فى نهاية المسابقة هو من يفوز وينتقل للعيش فى المدينة الغنية حيث الرفاهية والاستمتاع بالحياة دون مشقة. بطلة الفيلم جينيفر لورانس التى تحولت إلى أيقونة هوليوود الجديدة تلعب دور كاتنيس التى تتطوع للمشاركة فى المسابقة بدلا من شقيقتها الصغرى التى وقع الاختيار عليها، وخلال المسابقة تنشأ قصة حب بينها وبين بيتا الفتى الذى ينتمى لنفس مدينتها والذى يقوم بدوره الممثل الشاب جوش هوتشرسون، ويبقى الاثنان فى نهاية المسابقة ولكى يفوز أحدهما بالجائزة لابد أن يقوم بقتل الآخر، ولكنهما يقرران تحدى النظام والتهديد بالانتحار مما يجبر منظمى المسابقة على منحهما الجائزة معا، وفى نهاية الفيلم تكتشف كاتنيس أنه على الرغم من فوزها إلا أن النظام أصبح ينظر لها باعتبارها ثائرة لابد من التخلص منها لأنها تحدته بشكل علنى. فى ظل النجاح الكبير الذى يحققه الفيلم فى شباك التذاكر أتت التغطية الإعلامية للفيلم لتؤكد أنه يمثل ظاهرة جديرة بالانتباه، فالبعض اعتبره يقدم قصة عن تحرر الشعوب من الأنظمة القمعية، والبعض اعتبر الفيلم يتناول التفاوت الاجتماعى، بينا اعتبر آخرون الفيلم ينتقد بقسوة التداخل بين السياسة والإعلام ويسخر من برامج الواقع، ففى النهاية مسابقة الجوع أقرب فى شكلها من برامج الواقع التى انتشرت فى مختلف المحطات التليفزيونية. جريدة دالاس مورنيج نيوز الأمريكية أشارت إلى أن عددًا كبيرًا من جمهور الفيلم اعتبروا «ألعاب الجوع» النسخة السينمائية للمظاهرات التى اندلعت فى وولت ستريت بالولايات المتحدة هذا العام، وهى المظاهرات التى اندلعت بوحى من ثورات الربيع العربى فى منطقة الشرق الأوسط، فالفكرة الرئيسية للفيلم تقوم على استغلال الأغنياء للفقراء ومحاولة هؤلاء الذين لا يملكون شيئاً تحدى هؤلاء الذين يملكون كل شىء لدرجة دفعتهم للاعتقاد أنهم حتى يملكون أرواح الغير. بينما انتقد عدد من النقاد حجم مشاهد العنف والقتل التى تضمنها الفيلم، من جانبها دافعت سوزان كولينز مؤلفة سلسلة روايات «ألعاب الجوع» عن قصة الفيلم وأكدت أنها كانت تهدف من الرواية أن تقدم نظرة مستقبلية لما يمكن أن يحدث فى العالم نتيجة الاحتباس الحرارى، حيث سيتغير شكل العالم وتتحول لقمة العيش إلى سبب للصراع ودافع للقتل فى بعض الأحيان. فى هذا الإطار فإن الفيلم يقدم نظرة مستقبلية للمجتمع ويلقى نظرة قريبة على النفس البشرية التى تتحكم فيها غريزة البقاء. على ناحية أخرى يمثل الفيلم ظاهرة جديدة فى هوليوود فالبطولة الرئيسية للفيلم للنجمة الشابة جينفير لورانس، ولأول مرة ينجح فيلم اكشن من بطولة نجمة وليس نجماً فى تحقيق هذه الإيرادات الضخمة، هناك قائمة من النجمات اللاتى قمن ببطولة أفلام الأكشن أشهرهن على الإطلاق هالى بيرى فى فيلم «المرأة القط» ولكن لم يحقق تلك الإيرادات الضخمة التى تشجع على انتاج جزء ثان له مثل أفلام الأكشن التى يلعب بطولتها نجوم رجال. وعلى الرغم من أن تاريخ جينفير لا يضم الكثير من الأعمال المهمة باستثناء فيلمها «حجر الشتاء العام الماضي»، إلا أن أغلب النقاد توقعوا لها أن تكون نجمة هوليوود فى السنوات القادمة. ولعل أهم التساؤلات التى يطرحها الفيلم هو السؤال الذى يطرحه على المشاهد فى صالة العرض، ماذا يمكن أن تفعل إذا كنت مكان البطلة؟ ماذا إذا كان عليك أن تقتل الآخرين لكى تبقى أنت على قيد الحياة؟ أسئلة نجح فى صياغتها مخرج الفيلم جارى روس عبر كادرات مؤثرة وشريط سينمائى أثار حالة من الجدل العالمى. من المنتظر أن يتم تصوير الجزء الثانى من الفيلم هذا العام لاستكمال قصة كاتنيس التى تحدت النظام لنعرف كيف سوف تستمر ثورتها ضد الأوضاع الظالمة خاصة بعد أن تتذوق طعم الرفاهية والثراء، فهل سوف تبقى ثائرة؟ سؤال إجابته فى الجزء الثانى من «ألعاب الجوع