رفض أعضاء الجمعة الوطنية بموريتانيا(الغرفة الأولى للبرلمان)، اليوم السبت، التوصية التي أصدرها البرلمان الأوروبي بخصوص ملف العبودية بموريتانيا.
واعتبر النواب أن التوصية التي طالب فيها البرلمان الأوروبي قبل يومين الحكومة الموريتانية بإطلاق سراح نشطاء موريتانيين مناهضين للرق، وبالعمل على معالجة ملف الرق بالبلاد بأنها "تدخل سافر في الشؤون الداخلية للبلاد"، بحسب مراسل الأناضول الذي حضر الجلسة.
ودعا النواب، خلال الجلسة، الحكومة الموريتانية بالرد "القوي" على توصية البرلمان الأوروبي باعتبار أنها تشكل قفزا على الحقائق المتعلقة بالواقع الاجتماعي بموريتانيا، مطالبين ب"بناء مشروع مجتمعي يعزز اللحمة الوطنية، ويخفف من الفوارق الطبقية بين مختلف مكونات النسيج الاجتماعي؛ وذلك ضمانا لتحصين الوطن ضد مخاطر من هذا القبيل".
وفي سياق متصل، قالت مصادر ببعثة الاتحاد الأوروبي في موريتانيا أن البعثة تعكف على إعداد تقرير حول ظروف وملابسات اعتقال وتوقيف نشطاء بعينهم، دون ذكر أسماء بعينها.
وألقت السلطات الموريتانية القبض في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على بيرام ولد أعبيدي، رئيس حركة المبادرة الانعتاقية "إيرا"، وحقوقيين آخرين، بعد مواجهات بين عناصر من حركة "إيرا" وقوى الأمن الموريتاني بمدينة روصو (جنوب العاصمة نواكشوط)، إثر محاولة الحركة القيام بمسيرة مناهضة للعبودية غير مرخصة من جانب السلطات.
وأمس الجمعة، أحالت النيابة الناشط ومرافقيه إلى السجن المدني في انتظار المحاكمة، وذلك بعد توجيه تهم التحريض على قوات الأمن والعصيان المدني والتجمهر غير المرخص، بحسب لائحة الاتهام التي نفاها المتهمون.
و"إيرا" هي حركة حقوقية تأسست في العام 2011، وتهتم بشكل خاص بقضايا الأرقاء السابقين بموريتانيا ويرأسها بيرام ولد أعبيدي الحقوقي الموريتاني البارز (ينتمي لشريحة الأرقاء السابقين).
وقبل عدة أشهر، اتخذت الحكومة الموريتانية سلسلة من الإجراءات للقضاء على مخلفات العبودية تحت اسم "خارطة الطريق" التي تتضمن تطبيق 29 توصية خاصة بمحاربة "الرق".
واعتبر مراقبون أن خارطة الطريق تطال مجالات قانونية، واقتصادية، واجتماعية، وتشكل خطوة أكثر عملية في محاربة هذه الظاهرة.
ويعود تاريخ الجدل حول العبودية في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال البلاد بداية ستينيات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر بشكل علني بين كافة فئات المجتمع الموريتاني، سواءً تعلق الأمر بالأغلبية العربية، أو الأقلية الأفريقية.
وجاء أول إلغاء حقيقي للعبودية في العام 1982، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، لكن وبعد مرور سنوات، يقول نشطاء حقوق الإنسان، إن حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة، وممارسة بشكل فعلي في أنحاء موريتانيا، فيما تؤكد السلطات أنها تبذل جهودًا مكثفة لعدم عودة هذه الظاهرة مرة أخرى