رغم الاستقرار الأمني الذي شهدته البلاد في الأيام الأخيرة، إلا أن عدد من سفارات الاتحاد الأوروبي، قررت غلق المقار بالقاهرة، بدعوة انعدام التأمين، وتلقيها تهديدات من تنظيمات إرهابية، وكان على رأسها سفارتي " بريطانيا وكندا". حيث أصدرت السفارة البريطانية بالقاهرة بيانا تعلن فيه تعليق العمل بمقر السفارة بمنطقة جاردن سيتي، بسبب مخاوف وصفتها بالأمنية، وقال السفير البريطاني جون كاسن، في بيان على موقع الحكومة البريطانية، "إن الخدمات العامة لدى السفارة البريطانية في القاهرة معلّقة في الوقت الحالي وقد اتخذنا هذا القرار لضمان أمن السفارة وموظفيها. ولم يمض سوي يومًا واحد حتى، أعلن المسئولين عن حالة الطوارئ بالسفارة الكندية بالقاهرة، بأن بلاده اتخذت قرار إغلاق السفارة حتى إشعار آخر بسبب مخاوف أمنية.
وأكد مصدر دبلوماسي للفجر، أن هناك مشاورات تجري بين وزارتي الداخلية والخارجية، لبحث إمكانية زيادة تأمين السفارات التي يسهل تأمينها، مع مراعاة حق المواطنين في التنقل بحرية، بالإضافة إلي نقل السفارات التي يصعب زيادة الحراسة عليها، مشيرًا إلي أن وزارة الداخلية تتحمل المسئولية كاملة في عملية التأمين.
وأوضح المصدر، أن الوزارتين، تتشاوران في توفير الأجهزة المطلوبة من الدول التي طالبت زيادة في عملية التأمين، بالإضافة إلي إغلاق الطرق التي تسببت في حالة من الذعر لدى البعثات الدبلوماسية، وتوفير طرق بديلة.
وعلق السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على عمليات إغلاق السفارات، مشيرًا إلي أن من حق كل دولة أن تغلق القنصليات والسفارات، إذا رأت أن هناك تهديدات أمنية تلاحق المقار التابعة لها، نافيًا أن يكون ذلك بهدف إضعاف مصر، وخاصة بعد تلقي القاهرة عرضًا من دول الاتحاد الأوروبي بإعادة اجتماعات اللجان الفنية ال9 المشتركة والخاصة بتعزيز العلاقات المصرية الأوروبية.
وقال بيومى للفجر، إن بعض السفارات تلقت تهديدات أمنية بالفعل، وبناء عليه قررت دول تحالف الأطلنطي، رفع سقف التأمينات في الخارج، مؤكدًا أن تأمين سفارات دول الأطلنطي، تفوق أي تأمين دول أخري، وأن من أهم بنود التأمين التي يطالب بها الأطلنطي، أن يكون هناك جهاز للكشف عن المفرقعات على بعد 50 متر من مقر السفارة، موضحًا أنه إذا تم تطبيق الأمر على السفارة البريطانية، فسيتم وضع مركب وسط نهر النيل للتفتيش، لافتًا إلي حق الدول التي لديها تخوفات أمنية أن تطلب تعزيزات وفقًا لاتفاقية "فيينا" الموقعة عليها "مصر".
وضرب بيومي مثلا بالتأمين الأطلنطي، مشيرًا إلي أنه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ذهب إلي زيارة مصنع الطائرات "ايرباص" بهامبورج، لتحضير زيارة مبارك، وكان من ضمن الأسئلة المطروحة، هل هناك أحد من رعايا إيران أو سوريا أو ليبيا، يعملون بالمصنع، فكان الرد:"نعم هناك بعض الموظفين من تلك الدول، ولكن في هذا اليوم لن يكونوا بمحيط المصنع"، مؤكدين أن الأمن أطلنطي وليس أوروبي. وعن سبب ظهور التهديدات في تلك الفترة، أوضح بيومي، أن ذلك إجراء عام، تم بعد المعلومات التي وصلت حول قيام التنظيمات الإرهابية بارتكاب أعمال إرهابية في محيط تلك المنطقة، مشيرًا إلي أن محيط السفارة شهد بالأمس تعزيزات أمنية غير مسبوقة.
وأوضح بيومي، أن هناك حديث يدور بين وزارتي الداخلية والخارجية في هذا الصدد، ولكن الأمر تطور مع سفارتي بريطانيا وكندا بعد طلب التأمين على بعد 50 متر، وهو ما يصعب تنفيذه، نافيًا إمكانية تنفيذ طلب التأمين بهذه المسافة.
وعن دور وزارة الخارجية، أكد بيومي على ضرورة أن تتعامل الوزارة مع العواصم وليس مع السفارات؛ مشيرًا إلي أن السفير يتلقي تعليماته من الخارج.
من جانبه قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، أن من حق السفارات أن تطلب تعزيزات أمنية، تحسبًا لأي أعمال إرهابية، مشيرًا إلي أن غلق السفارات في هذا التوقيت تمرد على القاهرة، ووسيلة ضغط كلما اقتربنا من الانتخابات البرلمانية، وأن القناعة الأوروبية ما زالت ترى أن ثورة 30 يونيو، وما حدث في مصر بعدها "انقلابا صريحًا".
وأكد اللاوندي للفجر، أن بعض الدول تنفذ الأجندة الأمريكية، وخاصة مع زيارة السيسي إلي عدد من الدول الأسيوية من أمثال روسيا والصين، وارتفع عدد الوافدين السياحيين إلي مصر، مؤكدًا أن واشنطن مولعة بالحرب بالوكالة، فهم يروون أن السيسي هو امتداد لعبدالناصر، واصفًا ما حدث ب"المؤامرة"، مؤكدًا أن هناك مجموعة من العراقيل الأوروبية في خارطة الطريق المصرية، وخاصة بعد حل مجموعة من القضايا الداخلية والخارجية، وخاصة في الملف الإفريقي.