أبو غدير: شكل العلاقات بين القاهرة وتل أبيب لن يتغير مهما مر على زيارة السادات سنوات محمد: الفكر الصهيوني المُدمر لم يتغير رغم إتفاقيات السلام
"إسرائيل تضع انظارها على مصر منذ وفاة ناصر "
مات جمال عبدالناصر ألد أعداء اسرائيل، وفي الجنازة كان هناك رسالة من اسرائيل لمصر نقلها رئيس وزراء رومانيا الذي كان حاضرًا للمشاركة في المراسم، وكانت الرسالة مفادها "مستعدون وراغبون في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع مصر". وتولى السادات الحكم في مصر وقرر بناءًا على تلك الرسالة محاولة الوصول لحل الصراع مع اسرائيل بشكل سلمي، ووجد أن أمريكا هي الكيان القادرعلى فعل ذلك، وبالفعل تمت لقاءات سرية بين ممثل عن السادات و"كسينجر" وزير الخارجية الأمريكي "اليهودي".
"السادات عسكري مُحنك "
شعر السادات ذلك القائد العسكري والسياسي المُحنك بمماطلة من الجانب الآخر وعدم جدية في الإسراع بالحل من جانب أمريكا، فوجد أنه من الضروري الآن أن يقوم بعمل من شأنه تحريك الموقف لصالحه، فجاء قرار الحرب. وفي 6 أكتوبر 1973 استطاعت مصر مفاجأة الجميع وشن هجوم في سيناء لتحريك المياه الراكدة والخروج من تلك الأزمة التي تسمى "حالة اللاسلم واللاحرب"، واستطاعت مصر من تحقيق نصر في الأيام الأولى معتمدة على تحالف مع سوريا وبمساعدات عربية، وضغط بورقة النفط الرابحة.
" بطل الحرب والسلام يظهر "
أيام قليلة وبالتحديد 14 أكتوبر 1973 وقف الرئيس أنور السادات ببدلته العسكرية، يلقي خطابًا كما سُمي"خطاب النصر" أمام مجلسي الشعب والشورى، ووسط تصفيق حاد من الحضور أعلن السادات أن الغرض من الحرب هو تحرير الأراضي المصرية التي احتلتها اسرائيل في 1967، ولإيجاد السبيل لاستعادة واحترام الحقوق المشروعة لشعب فلسطين. وتغيرت القيادة في اسرائيل ليعتلِ "بيجين" سدة الحكم في اسرائيل، وهو شخص منتمي لحزب الليكود ومعروف عنه التطرف في التعامل مع القضية الفلسطينية، وفي أكتوبر 1977 يقوم السادات بجولة في عدد من البلاد منها إيران ويُبلغ شاه إيران السادات "إن بيجين يرغب في مقابلة سرية تجمع بينكم في أي مكان"، و هنا يوافق السادات. ويفاجأ الجميع وعلى رأسهم اسرائيل عندما يقول جملته الشهيرة "إنني على استعداد أن أذهب لبيتهم للكنيست ذاته وأناقشهم"، ليعلن بها عن زيارته للقدس لجعل المقابلة علنية، أحدثت تلك الخطوة خلاف بين مصر وسوريا، ليمضِ السادات نحو المفاوضات وحده.
"37 عام على السلام البارد مع إسرائيل ،، ومختصون : إسرائيل لا تعرف سلام"
و بعد مرور 37 عام على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لمدينة القدس حيث وطأت قدماه مطار بن جوريون فى 19 نوفمبر من عام 1977 من أجل التوصل إلى تسوية شاملة للصراع الإسرائيلى- العربى، حيث فتحت الزيارة الأبواب المغلقة فى إمكانية إبرام اتفاقية بين مصر وإسرائيل، أجمع مجموعة من الخبراء على أن السلام مازال سلاما مجمدا رغم المحاولات الإسرائيلية لتدفئة العلاقات والمحاولات المصرية لتوسط من أجل فلسطين .
في البداية ،أكد دكتور محمد أبو غدير، أستاذ الإسرائيليات بجامعة الأزهر، أن إسرائيل تريد من مصر ومن غيرها حتى من أمريكا أن تتبنى سياسة إسرائيل، ومصر لم تفعل ذلك، لافتاً إلى أن السادات كان واضحًا اثناء توجيه خطابة إلى الكنيست الإسرائيلي، وأن شكل العلاقات بين القاهرة وتل أبيب لن يتغير مهما مر على زيارة السادات سنوات وسنوات، ولن يحدث جديد فى اتفاق السلام المبرم فى عام 1979، وستبقى العلاقات السياسة والاقتصادية كما هى.
واوضح "ابو غدير" ل"الفجر "، أن إسرائيل تحتاج إلى من يتعامل معها بنفس تفكيرها، واستخدام نفس حيالها السياسية التي تلعب بها وعليها في اتخاذ قراراتها الداخلية والخارجية، ويجب أن تعرف أنه وعلى الرغم من الأخطاء العظيمة التي وقع فيها شخص كالسادات بخصوص الاتفاقية التي وقعها مع الإسرائيليين، إلا أنه كان يفهم عقليتهم جيدًا وكان يتعامل معهم من منطلق فكرهم، ولو كان السادات موجودًا إلى اليوم لغيّر وعدّل أو ألغى هذه الاتفاقية. وتابع استاذ الإسرائيليات بجامعة الأزهر، أن إسرائيل تعتبر أن أي سلام خطرًا استراتيجيا عليها وعلى شعبها، لأنه سيغير من طبيعة الشخصية الإسرائيلية التي اعتمدت على مر تاريخها على فكرة الصراع، في الوقت الذي كان الصراع هو وسيلة الحفاظ الوحيدة على اليهود وعدم اختفاءهم حول العالم
ومن جانبة اوضح هاني محمد، الخبير في الشئون الإسرائيلية، بمركز البحوث، أن العلاقات المصرية- الإسرائيلية رغم مرور 37 عاما على زيارة السادات لإسرائيل لم تتغير، مشيرًا إلى أن الفكر الصهيوني المدمر لم يتغير رغم إتفاقيات السلام .
واكد "محمد"، أن إسرائيل تجهز الآن لحرب واسعة في الشرق الأوسط، وذلك خلال عام أو اثنين من الآن، بهدف احباط عملية انتعاش العالم العربي والعودة إلى الأجندة الإسرائيلية الأمريكية المسماة بالشرق الأوسط الجديد، الذي يقوم على إعادة تغيير خريطة المنطقة العربية، موضحًا إن الوطن العربي في الوقت الحالي يفتقد لوجود سادات يقف في وجه الصهاينة ويصفعهم على وجههم .