شعبة الذهب: قد نشهد مستويات ال 3500 دولار خلال الفترة المقبلة    ترامب يوقع قانون الميزانية الضخم في العيد الوطني الأمريكي    الاحتلال يعتقل فلسطينيين غربي جنين.. ومستوطنون يعتدون على سيارة إسعاف جنوبي نابلس    13 قتيلا على الأقل جراء سيول في ولاية تكساس الأمريكية    تعرف على اختصاصات المجلس الأعلى للأجور وفقًا للقانون.. تفاصيل    نشرة التوك شو| الوطنية للانتخابات تكشف برنامج إلكتروني موحد ورموز انتخابية جديدة    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    وسط الصراعات والأزمات والحروب الإقليمية.. ثورة أنقذت مصر من «المصير المجهول»    «جيل Z» يشتري الفكرة لا السلعة.. خبير يحذر الشركات من تجاهل التحول إلى الذكاء الاصطناعي    محافظ المنيا: "القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية"    رسميا بعد الهبوط الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 5 يوليو 2025    سعر البطيخ والموز والفاكهة ب الأسواق اليوم السبت 5 يوليو 2025    أسعار طبق البيض اليوم السبت 5-7-2025 في قنا    «أبو حطب» يوجه باستمرار حملات النظافة وتمهيد الطرق بقرى أشمون    مستوحاة من المشروعات القومية.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستحدث رموز انتخابية جديدة    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    «القاهرة الإخبارية»: حماس سلمت الوسطاء ردها على المقترح الأخير المقدم من الوسطاء    إعلام عبري يكشف العقبة الرئيسية في طريق استمرار المحادثات بين حماس وإسرائيل بشأن مقترح وقف إطلاق النار    إعلام إسرائيلي: تلقينا رد حماس من الوسطاء وندرس التفاصيل    روسيا ترفض العقوبات الأمريكية الجديدة على كوبا    كأس العالم للأندية 2025.. فلومينينسي ينهي حلم الهلال ويتأهل لنصف النهائي    «خوّن الجهاز كله».. القباني يكشف تصرف الرمادي قبل نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    مواعيد أهم مباريات اليوم السبت 5-7- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    «اللي بيعمله غلط».. وائل القباني ينتقد سياسة جون إدوارد في الزمالك    ميدو يكشف: شيكابالا حالة نادرة في الكرة المصرية.. والوفاء للزمالك عنوان مسيرته    منتخب مصر للناشئين يواصل استعداداته لكأس العالم    رئيس الاتحاد المصري الخماسي الحديث ل "الفجر" لأول مرة نستبدل الموانع بالفروسية بفئة الفرق كبيرة السن    استعدادًا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه النجم الساحلي وديًا (تقارير)    النيابة العامة تُباشر التحقيقات في حريق ب عقار سكني من 3 طوابق بمنطقة البساتين (صور)    ختام جدول الثانوية العامة| امتحان الأحياء لطلاب علمي علوم بالنظام الحديث.. في هذا الموعد    أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم السبت 5 يوليو 2025    العثور على جثة فتاة مفصولة الرأس داخل جوال بلاستيك بأبو النمرس.. والنيابة تُحقق    محاكمة 15 متهمًا ب"خلية مدينة نصر".. السبت    شك في سلوكها.. فكهاني يقتل زوجته ذبحًا بالطالبية    "ابني لسه في النيل".. 7 أيام من البحث وغريق المنيا الرابع "فارس" لا يزال مفقودًا    تأثر وبكاء محمد فؤاد وابنته أثناء رقصهما على أغنية «بنت أبويا» (صور)    3 أبراج «بيعلموا اللي في دماغهم»: جادون يخططون لكل شيء بعناية ولا يهربون من المشاكل    محافظ أسيوط يشهد ختام الدورة 18 للمهرجان القومي للمسرح بقصر الثقافة    عادل إمام يحتفل بزفاف حفيده بحضور نجوم الفن (صور)    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    تفاصيل قافلة طبية شاملة رعاية المرضى بالبصراط مركز المنزلة في الدقهلية    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    بدائله «ملهاش لازمة».. استشاري يعدد فوائد اللبن الطبيعي    دون أدوية.. أهم المشروبات لعلاج التهاب المسالك البولية    بعد واقعة بسمة وهبي، موظفة تتهم مستشفى شهيرا بالدقي بوفاة ابنتها: الدكتور نام أثناء العملية    أمير صلاح الدين: الدكاترة قالولى مش هتعيش ولو عطست هتتشل.. اعرف القصة    للصيانة.. فصل الكهرباء بقرية إبشان وانقطاع المياه في قرى دسوق وقلين بكفر الشيخ    ضبط لص لمحاولته سرقة كابلات كهربائية في مدينة 6 أكتوبر    ملخص وأهداف مباراة فلومينينسي ضد الهلال فى كأس العالم للأندية    سكرولينج.. عرض يحذّر من تحول الهاتف المحمول إلى لص الحياة على مسرح الريحاني    محافظ قنا: خطة لتحويل دندرة إلى وجهة سياحية ريفية وثقافية    مصادر للقاهرة الإخبارية: رد حماس تضمن فتح المجال لمفاوضات غير مباشرة للتهدئة 60 يوما    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    دعاء يوم عاشوراء 2025 مكتوب.. الأفضل لطلب الرزق والمغفرة وقضاء الحوائج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفور عقله وحكمته صلى الله عليه وسلم
نشر في الفجر يوم 17 - 11 - 2014

الحكمة وكمال العقل من أبرز صفات الرسل الذاتية التي منحهم الله تعالى إياها، وهى من لوازم الرسالة الإلهية، والاصطفاء الربانى، كما أنها سبب من الأسباب الهامة لتبليغ دين الله إلى أقوامهم، ودعوتهم وقيادتهم بالحكمة، قال الله تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ }(النحل: من الآية125) .
وقد اصطفى الله سبحانه نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم ، وفضَّله على العالمين، وفطره على صفات عظيمة، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم - كان أرجح الناس عقلا، وأعظمهم خلقا، ومعلوم لكل ذي لُبٍّ أنه لم يتوافر العقل في إنسان كما توافر فيه صلوات الله وسلامه عليه .
قال ابن كثير: " معلوم لكل ذي لُب (عقل سليم) أن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم من أعقل خلق الله تعالي، بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر " .
وقال الماوردي في أعلام النبوة: " وأما الوجه الثاني: في كمال أخلاقه فيكون بست خصال: إحداهن: رجاحة عقله، وصدق فراسته، وقد دل على وفور ذلك فيه: صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تألفه " .
وقال وهب بن منبه: " قرأت في أحد وسبعين كتابا، فوجدت في جميعها أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أرجح الناس عقلا، وأفضلهم رأيا " ، وفى رواية أخرى: " فوجدت في جميعها أن الله لم يُعْطِ جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين رمال الدنيا " .
قبل البعثة :
عُرِفَ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ صِغره ومنذ نشأته بسمو عقله على أقرانه ومَنْ في سِنِّه، فمنذ كان غلاما، والعقل يزينه، ولقد بدا ذلك لجده عبد المطلب الذي أخذه صغيرا ليعوده أخلاق الرجال المكتملين .
وبعد وفاة جده ذهب إلى بيت عمه أبى طالب، فكان غلاما وسط أولاده، لا يسبق إلى الطعام، بل يتريث غير نهم ولا طامع، وقد يكتفي بالقليل أو ما دونه حتى يتنبه إليه عمه الشفيق فيقرب الطعام إليه، حتى إذا بلغ قدرا يستطيع فيه الاكتساب عمل برعى الأغنام ليأكل من عمل يده، ثم طلب من عمه أبى طالب أن يأخذه معه إلى الشام في قافلة تجارة قريش، وهو في الثانية عشرة من عمره .
ولكمال عقله كان يحضر مجتمعات قريش، فهو يحضر ندوتها فاحصا ما يقال فيها من حق يرضاه، وباطل يجفوه ولا يقره، ويحضر حلف الفضول، ويرى لعقله الكامل المدرك أنه لا يسره به حمر النعم، ولا يرى نصرة للحق أقوى منه، ويخبر بعد ذلك أنه لو دُعِي به في الإسلام لأجاب تكريما له وإعلاء لقدره .
ومن مظاهر وفور عقله منذ صغره وقبل بعثته نفوره من عادات الجاهلية التي كانت تحرم وتحلل من غير بينة ولا علم، فلم يُرَ ساجدا لصنم قط، لأن العقل السليم والفطرة النقية تأبى ذلك، فيستحلفه الراهب باللات والعزى فيقول وهو غلام: ( ما كرهت شيئا كما كرهتهما )، ويختلف مع تاجر، فيستحلفه التاجر باللات والعزى، فيمتنع، فيسلم له التاجر بحقه من غير حلف لأمانته .
ولكمال عقله صلى الله عليه وسلم لم يخض مع الخائضين في الجاهلية، وكان لا يحب الحرب، ولذلك لم يشارك في حرب الفجار، إلا بتجهيز السهام لأعمامه حماية لهم ورحمة بهم، بموجب الرحم الواصلة، لا بموجب الحرب التي أحلت فيها الحرمات والأشهر الحرم .
ومن مظاهر وفور عقله وكمال حكمته صلوات الله وسلامه عليه طريقة حله للنزاع والخلاف، فحقن بحكمته دماء كثيرة، وأوقف حروباً طاحنة، وقصة الحجر الأسود شاهدة على ذلك، فقبل بعثته صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات اجتمعت قريش لتجديد بناء الكعبة لِما أصابها من تصدع جدرانها، وكانت لا تزال كما بناها إبراهيم عليه السلام رضما (حجارة ) فوق القامة، وقد تم تقسيم العمل في بناء الكعبة بين القبائل، وتولت كل واحدة منها ناحية من نواحي الكعبة، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دبَ الشقاق بين قبائل قريش، فكل يريد أن ينال شرف رفع الحجر الأسود إلى موضعه، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما إن رأوه حتى هتفوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر، فقال : ( هلمّ إليَّ ثوبا )، فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال : ( لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ) ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه .
لقد كانت قريش على علم بكمال عقله، وقوة إدراكه، فرضيت به حكما، ساعة أن احتدم الجدل، وكادت المعارك أن تشتعل بينهم، ومن ثم قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد .
بعد البعثة :
أما بعد بعثته فقد تجلت حكمته صلى الله عليه وسلم وكمال عقله في معاشرته وتربيته لأصحابه، وأهله وأولاده، وسياسته مع رعيته، وحسن ترتيبه وتدبيره في هجرته وغزواته، وموقفه في القضاء على الفتنة التي كادت تقع بين الأوس والخزرج - بسبب تأليب اليهود في المدينة - وبين المهاجرين والأنصار أثناء غزوة بني المصطلق، وفي عقد المعاهدات والصلح، وفي معاملة الأصدقاء والأعداء، إلى غير ذلك مما لا يحصيه العد في سيرته العطرة صلوات الله وسلامه عليه .
قال القاضي عياض: " ومن تأمل تدبيره صلى الله عليه وسلم أمْر بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسة الخاصة والعامة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلا عما أفاضه من العلم، وقرره من الشرع، دون تعلّم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب، لم يمتر في رجحان عقله، وثقوب فهمه لأول وهلة، ومما يتفرع عن العقل ثقوب الرّأي وجودة الفطنة والإصابة، وصدق الظن، والنظر للعواقب، ومصالح النفس، ومجاهدة الشهوة، وحسن السياسة والتدبير، واقتفاء الفضائل، واجتناب الرذائل، وقد بلغ صلى الله عليه وسلم من ذلك الغاية التي لم يبلغها بشر سواه صلى الله عليه وسلّم .
ومن تأمل حسن تدبيره للعرب الذين كالوحش الشارد، والطبع المتنافر المتباعد، كيف ساسهم، واحتمل جفاهم، وصبر على أذاهم، إلى أن انقادوا إليه، واجتمعوا عليه، وقاتلوا دونه أهليهم: آباءهم وأبناءهم، واختاروه على أنفسهم، وهجروا في رضاه أوطانهم وأحبابهم، من غير ممارسة سبقت له، ولا مطالعة كتب يتعلّم منها سنن الماضين، فتحقّق أنه صلى الله عليه وسلم أعقل الناس، ولما كان عقله صلى الله عليه وسلّم أوسع العقول لا جرم اتسعت أخلاق نفسه الكريمة اتساعا لا يضيق عن شيء " .
لقد اختص الله تبارك وتعالى عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بخصائص كثيرة، تشريفا وتكريما له، مما يدل على جليل قدره وشرف منزلته عند ربه، ومنها حكمته ووفور عقله صلى الله عليه وسلم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.